IMLebanon

تيار آخر… للمستقبل! (بقلم محمد عيتاني)

الانتخابات النيابية أصبحت وراءنا وإذا كانت مفاعيلها لم تبدأ بعد بحكم أن المجلس الجديد يتولى مهامه اعتباراً من 20 الجاري، غير أن الأطراف السياسيين عليهم استخلاص العِبر من مجريات العملية الانتخابية والأرقام التي أفرزتها.

أربع نقاط نتوقف عندها في هذه السطور:

1-إن ما شهدته شوارع بيروت أمس من أحداث وعرض عضلات لا يقل خطورة عن مشهدية 7 أيار 2008 بل هو أخطر هذه المرة لأنه يأتي من ضمن فائض القوة التي أفرزها الفوز الانتخابي وليس بسبب فائض القوة الآتي من السلاح غير الشرعي. وحقيقة الأمر أن تيار المستقبل يحمل جزءاً من مسؤولية فتح الساحة البيروتية لخصومه تحت شعار أن القانون يسمح بالخرق، وأننا إذا خرقنا في بعلبك – الهرمل فلخصمنا الحق في أن يخرق في بيروت. والصحيح أن هذه المقولة لا تقنع إلا أصحاب العقول الضعيفة لأن “حزب الله” خسر مقعداً سنياً وآخر مسيحياً ولم يخسر مقاعد شيعية. لذا كان حرياً بتيار المستقبل العمل لاحتكار التمثيل السني في العاصمة.

2-مؤسف أن يكرّس تيار المستقبل جهوده لإقصاء اللواء أشرف ريفي عن الساحة السياسية بينما يترك الباب مشرّعاً لـ”حزب الله” ولحلفاء النظام السوري بالدخول الى فضائه. كان واجباً على التيار أن يدفع بدار الفتوى لتمارس دورها الجامع لقيادات الطائفة عوضاً عن تحويلها إلى منبر ناطق باسمه، ذلك أن الطائفة السنية لا تُساق بالتكليف الشرعي. أكثر من ذلك سخّر التيار مجموعة من الاشخاص واستمال بعضهم للانشقاق عن هذه اللائحة او تلك بغية تحسين أوضاعه الانتخابية، ومع ذلك لم يفلح لأن سياسة الاقصاء والتعالي والتكابر لا تصنع انتخابات ولا الانشقاقات تصنع نجاحات.

3-إن ما أفرزته الانتخابات النيابية من 10 نواب سنة يغرّدون خارج سرب “المستقبل” يحتّم على قيادة التيار التوقف ملياً أمام الآليات التي خاضت الانتخابات على أساسها لإعادة ترتيب البيت الداخلي على أساس سياسي واضح ومنهجية عمل تبعد الوجوه الضارة التي تسوّق للتسويات والتنازلات، وقد يكون أكثرها تأثيراً وإيلاما هو ذاك التقارب اللامعقول مع التيار الوطني الحر إلى حد الذوبان فيه.

4-بغض النظر عن طبيعة القانون، إن تراجع الاقبال السني على الاقتراع تعكس جو الاحباط والامتعاض الذي تعيشه الطائفة عموماً وفي بيروت خصوصاً، وهذا الواقع لم يعد في الامكان تكذيبه أو إخفاءه لأن الأرقام أتت لتترجمه بوضوح. حصل الرئيس سعد الحريري في هذه الانتخابات على 20715 صوتاً تفضيلياً ليحل في المركز الثاني بعد مرشح “حزب الله” الحاج أمين شري ولهذا الأمر دلالاته. مؤشر آخر يبرز عند المقارنة بأن الرئيس الحريري نفسه حصل على 78 ألف صوت في انتخابات 2009. إلى هذه الدرجة تحوّل المزاج السني عن خيارات تيار المستقبل.

بالتأكيد ليس من الواقعية القول إن لبنان سقط بيد النظام الايراني بشكل كامل، لكن ما شهدته بيروت من استعراض للقوة وما يخفيه ذلك من رسائل سياسية إلى من يهمه الأمر داخلياً وخارجياً يترجم بشكل عملي الكلام الإيراني عن العاصمة الرابعة. كنا في السابق نقول إن تصرفات “حزب الله” وأتباعه في بيروت هي زعرنات وبلطجة، أخطر ما أفرزته الانتخابات اليوم هو تحويل هذه الزعرنات إلى قاون لا يمكن مواجهتها ببيان استنكار أو تغريدة أو سيلفي، لسان حال سنّة لبنان يقول إنهم بحاجة الى تيار آخر للمستقبل.