IMLebanon

يئستِ من عملكِ… فما العمل؟

كتبت سابين الحاج غي صحيفة “الجمهورية”:

هل مَللتِ من عملكِ؟ هل تشعرين أنّ ما يجب أن يكون أساساً مصدر ازدهار في حياتكِ قد تحوّل إلى كابوس يطاردكِ كلّ صباح؟ تستيقظين على وقع أفكار تتردّد في رأسك يومياً: «لقد مللت»، «هذا العمل يُرهقني»، «لا أريد الذهاب». تتخيّلين بأنّكِ تقومين بمجهود كبير لكن من دون نتيجة. فما الحلّ إذاً؟ الصبر والتحمّل، أو مغادرة العمل، أو البحث في الأسباب التي دفعتكِ إلى كره عملكِ ومحاولة معالجتها، قبل اتّخاذكِ أيَّ قرار قد تندمين عليه لاحقاً.

هناك أيام تدرك فيها النساء جيداً معنى كلمة «عمل» المنبثقة من اللاتينية «Tripalium»، وتعني أداة إكراه وتعذيب.

لماذا يطفح كيل المرأة من عملها؟

أسباب عدّة تدفع المرأة إلى النفور من عملها، أبرزها سوء معاملة مدرائها في العمل، عدم الحصول على ترقية على المستوى الوظيفي أو على صعيد الراتب، الشعور بالغبن بسبب منح موظفين آخرين ترقيات على حسابها، تحرّش جنسي، ضغوط مهنية وواجبات جمّة تُلقى على عاتقها في منزلها وخارجه فتُتعبها وتجعلها تحلم بالراحة.

ضغوطٌ مهنيّة

للإضاءة على عمل السيدات والضغوط التي يتعرّضن لها في العمل، أجرت Ifop استطلاع رأي عام 2013 شمل أكثر من 1000 موظفة فرنسية. أكّدت نتائج هذا الاستطلاع أنّ على المرأة التأقلم مع ظروف عملها كي تُفلح فيه، وكي توجِد لنفسها مكاناً في المؤسّسة التي تعمل لصالحها.

وأظهر هذا الاستطلاع أنّ موظفة واحدة من كلّ موظفتين، أي حوالى 44 في المئة من الموظفات اللواتي شَملهنّ الإحصاء، اعتبرن أنّ النساء يتحمّلن ضغوطاً أكثر من الرجال في العمل. وأكّدت موظفة من كلّ 3 موظفات، أي 32 في المئة من اللواتي شملهنّ الاستطلاع، أنهنّ أخذن عطلة قمن بتبريرها بحالة مرضية معيّنة. ولكن فعليّاً، كانت هذه العطلة مفتعلة للهروب من الضغط والتعصيب الناتجين عن العمل.

إلى ذلك، أشارت 62 في المئة من النساء إلى أنهنّ يخفين الصعوبات التي تعترضهنّ في العمل عن مدرائهنّ، خوفاً من التعرّض للتهميش. وكشفت هذه الدراسة أنّ المرأة تكره انتقادَ عملها أكثر من الرجل، إذ لم تتجاوز نسبة الرجال الذين سجّلوا امتعاضاً من انتقاد عملهم الـ 43 في المئة، بينما أكّدت 53 في المئة من النساء أنهنّ لا يتحمّلن التشكيك في مهاراتهنّ في العمل.

التأقلم أو التغيير

في سبيل التعامل مع كرهك للعمل، حاولي أن تضعي المشكلات التي دفعتك إلى النفور منه نصب عينيك، وأن تجدي لها الحلول المناسبة، خصوصاً أنّ حالة الإحباط ليست حلّاً يفيدك.

في المرحلة الأولى، أوضحي لنفسك الأسباب التي جعلت كيلكِ يطفح، فهل يئستِ من عملك بسبب نمط حياتكِ الخاص، أو نظام المؤسسة التي تعملين فيها أو نوع مهنتكِ أو محيطكِ في العمل. فهناك فارق شاسع بين مَن يطفح كيلها من الروتين اليومي للعمل الاعتيادي والذي يحدّ حياتها بالذهاب الى المكتب، العمل، العودة الى المنزل والنوم، وبين مَن تكره مهنتها، وبين مَن لم تعد تتحمّل مدراءَها.

في المرحلة الثانية، حدّدي كيفية إيجاد الحلول لمشكلتكِ. فإذا كانت المشكلة بالروتين، حاولي كسرَه من خلال العمل على تخصيص وقت ولَو قليل للترفيه والاعتناء بنفسك. ولا تفوّتي فرصة الخروج مع الأصدقاء لأنها تساعدكِ في تغيير مزاجكِ السيّئ وتريحكِ نفسيّاً وتجعلكِ تتقبلين العودة إلى عملك في اليوم التالي من جديد.

أمّا إذا كنتِ لا تتحمّلين مدراءك، فتغيير العمل ربّما لن يجلب لك الراحة النفسية، فنفس الأسباب ستُصدر نفس النتائج، أي أنّ تسلّط مدير آخر عليك في عمل آخر سيعيدكِ إلى الحالة نفسها، إلّا إذا كان مدراؤك في عملك الحالي قد تخطّوا الخطوط الحمراء في التعامل الوظيفي، وباتوا يتعرّضون لكرامتكِ وحياتكِ الشخصية أو يوجّهون إليكِ الإهانات المتواترة. في هذه الحالة لا تتردّدي في البحث عن بيئة عمل سليمة ومحترفة.

في المقابل، إذا كنتِ تعانين الرتابة في عملكِ بسبب حرمانكِ من ترقية مستحقّة على صعيد الوظيفة أو الراتب، فالبحث عن عمل آخر يطوّرك ويفتح لك آفاقاً جديدة، علماً أنه سيكون عليكِ أن تصبري الى حين إيجاده.

من هنا تظهر أهمية تحديد ماذا تحبّين في عملكِ وفي مهنتك وماذا تكرهينِ، فإذا كنتِ تحبّين مهنتك والمشكلة هي بالروتين أو ببعض المضايقات الاعتيادية، سيكون مؤسفاً أن تتركي عملك، أمّا إذا كان الموضوع يتعلّق بسوء معاملة وعدم تقديرٍ مُستَشرٍ فيمكنكِ البحث عن مكان أفضل.

ولكن إذا كانت المشكلة متعلّقة بكرهك لمهنتك مثل المعلّمة التي لم تعد تتحمّل تعليم الأولاد والسكرتيرة التي لم تعد تتحمّل طبع الأوراق، فلن يبقى أمامك سوى الصبر أو العمل على إيجاد مهنة أخرى تناسبكِ أكثر وتحرّركِ من نمط عمل أصبحتِ لا تطيقينه.