IMLebanon

على ماذا اتفق “المستقبل” و”القوّات”؟

كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:

طوى كل من «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» صفحة خلافاتهما، بالتوافق على بدء مرحلة جديدة بين الحليفين، وتجاوز كل ما شاب العلاقة في الأشهر الأخيرة. وكان اللقاء، الذي جمع مساء أول من أمس رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع بعد فترة من التحضير واللقاءات التي جمعت ممثليهما، خصوصاً الوزيرين غطاس خوري وملحم رياشي، كفيلاً بكسر الجليد بين الفريقين، حتى من دون البحث بالخلافات التي أبعدت بينهما، بحسب ما يؤكده مصدر في «القوات».

وتجمع مصادر الطرفين على وصف اللقاء بـ«الجيد جداً»، وأنه سيؤسس لمرحلة جديدة، بعيداً عن كل التباينات السياسية التي بدأت منذ ما قبل استقالة الحريري في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وصولاً إلى الانتخابات النيابية، من دون أن يعني ذلك العودة إلى الاصطفافات السابقة، وتحديداً إعادة إحياء فريق «14 آذار»، بل التأكيد على التنسيق والتوافق على العناوين السياسية، ومنها «النأي بالنفس».

وتقول مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء كان ودياً صريحاً، وبحث كل المواضيع الراهنة، وأعاد تأكيد العلاقة المتينة، وتوطيد أسس التحالف المستمر، كما فتح أبواباً مهمة لتشكيل سلس للحكومة، مشيرة إلى أنه «حصل توافق كامل على العناوين العريضة الخاصة بالاستراتيجية السياسية الواجب اتباعها، سواء لجهة التعاطي الإيجابي مع العهد أو لناحية مقاربة تشكيل الحكومة والسياسة الخارجية للبنان».

ومن ناحيتها، تؤكد مصادر «القوات» أن اللقاء طوى صفحة التباينات إلى غير رجعة، ومن دون أي عتب بين الطرفين، بل كان البحث مباشرة في المرحلة المقبلة التي لا بد أن تبذل جهود خلالها لتغيير الممارسة السياسية إيجاباً، ولفتت إلى أنه تم التوافق على وضع آلية تنسيق عملية يومية بين الوزيرين، رياشي وخوري، لمتابعة كل الأمور والقضايا. ويوضح المصدر أن ما حاول جعجع أن يقوم به في هذا اللقاء هو تحديد العناوين الأساسية للمرحلة المقبلة، وأهمها التأكيد على سياسة النأي بالنفس، والابتعاد عن توريط لبنان في حروب الغير، والمحافظة على الأجواء السياسية الحالية، مع إضفاء المناخات الإيجابية المطلوبة، تمهيداً لتشكيل الحكومة وانتظام العمل السياسي والمؤسساتي. وفي حين اكتفت مصادر «المستقبل» بالتأكيد على أن البحث لم يتعد العلاقة الثنائية بين الحليفين، في ردها على سؤال حول إمكانية إعادة إحياء فريق «14 آذار»، اعتبرت مصادر «القوات» أن العودة إلى الاصطفافات العامودية لا يصب في المصلحة السياسية الوطنية العامة، وأوضحت: «موضوع إعادة إحياء جبهات لم يطرح، بل على العكس الاتفاق كان على التأكيد على التواصل والتنسيق بين الطرفين بشكل خاص، وبين القوى السيادية بشكل عام، كي تكون جاهزة لأي قضية أو مسألة تتعلق بالبعد السياسي، وتحديداً حول مشروع قيام الدولة، وربط النزاع مع سلاح (حزب الله)»، مضيفة: «اللحظة السياسية اليوم لا تسمح بالذهاب إلى أبعد من هذا الاتفاق، لأن العودة إلى الاصطفافات العامودية من شأنها أن تؤثر على انتظام عمل المؤسسات القائم»، مختصرة الوضع القائم بأن «الفارق بين الأمس واليوم هو الحرص على التنسيق بعيداً عن الاصطفافات».

كان جعجع قد قال، بعد اللقاء الذي جمعه مع الحريري، بحضور الوزيرين خوري ورياشي والوزير السابق باسم السبع: «من بعد انقطاع دام أشهر، وجدت أن الأمور في مكانها، وانتقلنا فوراً للحديث عن المرحلة المقبلة».

وأضاف: «الوضع الاقتصادي في لبنان معروف، وكذلك الوضع في المنطقة على المستوى السياسي، لذلك الجميع بانتظار حكومة جديدة. ومن هنا، أهم المواضيع التي توقفنا عندها كانت ضرورة أن ندعم جميعاً العهد، فلا بد من أن نتحلق أكثر فأكثر حول مؤسساتنا الدستورية: العهد، والمجلس النيابي، والحكومة».

وأكد جعجع أن البحث لم يتطرق إلى الحقائب الوزارية، وقال: «أكثر الحديث كان من قبلي، والرئيس الحريري كان مستمعاً»، مؤكداً أهمية «البدء بانطلاقة جديدة لكي يتمكن لبنان من الخروج مما هو فيه، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وذلك عبر وجوه جديدة وطريقة جديدة بالعمل».

ولفت إلى تجاوب الحريري مع ما طرحه «لكنه يريد أن يرى مدى قابلية الفرقاء السياسيين الآخرين»، مع تأكيده أنه ليس هناك كثير من الوقت، خصوصاً من الناحية الاقتصادية والمالية، التي تنعكس على الوضع المعيشي اليومي.

وفي حين شدد على أن كل التباينات التي حصلت بين الطرفين تخطاها الزمن، أكد جعجع أن «ما يجمع القوات اللبنانية وتيار المستقبل أكبر بكثير مما يفرقهما».

وعن الحكومة، لفت إلى أن «القوات» لا تطالب بأي حقيبة معينة، إنما بوزارة جديدة، متمنياً اعتماد كل الكتل مبدأ فصل النيابة عن الوزارة، وقال: «يجب أن يكون التمثيل الوزاري لكل طرف على قدر حجمه الشعبي والنيابي».