IMLebanon

لبنان يلملم توتراته الانتخابية استعداداً لتشكيل الحكومة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تشهد بيروت عملية لملمةٍ لذيول المناخ «العاصِف» الذي سَبَق ورافَقَ الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك في سياق رغبةٍ بمعاودة ضبْط اللعبة السياسية في لبنان تحت سقف التسوية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي وتوفير مقوّمات «هبوط آمِن» لما أفرزتْه صناديق الاقتراع من توازناتٍ جديدة.

وعلى مشارف انتهاء ولاية البرلمان الحالي منتصف ليل 20 – 21 الجاري ودخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال، ارتسمتْ ملامح مسارٍ متوازٍ لتفكيك ما أمكن من «الألغام» بملاقاةِ استحقاق تشكيل الحكومة العتيدة بعد انتخاب رئيس البرلمان الجديد ونائبه وهيئة مكتب مجلس النواب الأربعاء المقبل.

وبَرَزَ على هذا الصعيد الحِراك على خطيْ تطبيع العلاقة بين رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري واستطراداً بين الأخير و«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون)، وترميم العلاقة بين زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

وإذا كان لقاء عون – بري الذي يمكن أن ينعكس بمفاجأةِ تصويت تكتل «لبنان القوي» (كتلة التيار الحر وحلفائه) لمصلحة معاودة انتخاب بري رئيساً للبرلمان، يندرج في سياق حرص حليفيْ «حزب الله» على معاودة «دوْزنة» خلافاتهما والتخفيف من «حمولة» هذه الخلافات التي تُثْقل على العهد ومسيرته كما تُسبِّب إحراجاً كبيراً للحزب، فإن الاجتماع الليلي الذي عُقد بين الحريري وجعجع وكان الأول بينهما منذ 8 أشهر لم يكن ممكناً قراءته إلا ببُعديْن: الأول يتصل بـ «محو» الندوب التي اعترتْ علاقتهما ولا سيما بعد أزمة استقالة رئيس الحكومة في نوفمبر الماضي وجراء ملاحظات «قواتية» على ما اعتُبر ذهاب زعيم «المستقبل» بعيداً في الالتصاق بـ «التيار الحر»، والثاني يرتبط بالمعاني السياسية لمعاودة ضخ الحياة في ما يُعرف بتحالف الـ «سين سين» اللبناني بأبعاده الاقليمية.

وكان لافتاً كلام جعجع بعد لقاء الأربع ساعات مع الحريري (في دارة الأخير) والذي قطع الطريق على محاولات «الاستفراد» بـ «القوات» ودفْعها إلى البقاء خارج الحكومة من خلال عدم الاعتراف بـ «وزْنها الجديد» الذي أفرزتْه الانتخابات، عن أن زعيم «المستقبل» جزء من «تفاهم معراب» (بين القوات والتيار الحر) الذي مهّد لانتخاب العماد عون رئيساً، مع تأكيده «ان هذا التفاهم لم ينته ونشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتَفاهُمنا مع رئيس الحكومة يأتي في السياق ذاته، وما يجمعنا مع تيار»المستقبل»أكبر بكثير ممّا يفرّقنا»، مشيراً في الوقت نفسه الى «إننا نحتاج الى ‏انطلاقة جديدة في الحكومة والى وجوه جديدة ونمطِ عملٍ جديد، وإلّا فسنحصل على النتائج نفسِها».

وفيما عَكَس كلام جعجع، الذي يحرص في الوقت نفسه على معاودة وصْل ما انقطع مع «التيار الحر»، منحى جرى التوافق عليه مع الحريري للتمسك بالتسوية السياسية التي وُلد من رحمها العهد الجديد مع السعي الى «دوْزنات» ذات صلة بالأداء وكيفية إدارة السلطة، فإن رئيس الحكومة أعطى مؤشراً في الاتجاه نفسه خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت امس في القصر الجمهوري ويرجّح أن تُستكمل في جلسة وداعية للحكومة الاثنين المقبل، اذ أكد «ان كل ما حققناه بالحكومة من إنجازات كان نتيجة التوافق السياسي بعد انتخاب العماد عون»، مشدداً على «أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة ووحدتنا تحافظ على هذا البلد».

وإذا كانت اللقاءات والاتصالات التي نشطت على أكثر من صعيد وفّرت ما يشبه «كاسحة الألغام» أمام مرور سلس لانتخاب رئيس البرلمان بأكثرية كبيرة ونائبه (ترتفع حظوظ النائب ايلي الفرزلي لتوليه باسم تكتل «لبنان القوي») وبعدها لتكليف الحريري برئاسة الحكومة بعدما جزم الرئيس بري بأن «الرئيس عون وأنا ندعم معاودة تكليف الشيخ سعد»، فإنّ محطة تشكيل الحكومة توازنات وأحجاماً قد لا تكون بالسهولة نفسها، رغم إقرار الجميع بوجوب استعجال التأليف في غمرة المخاطر الاقليمية والتحديات المالية والاقتصادية الماثلة.

وفي هذا السياق، يبرز استقطاب مكتوم حول معايير تمثيل التكتلات التي يتم استيلادها تباعاً توطئةً للمطالبة بدخولها الحكومة في محاولةٍ (من حزب الله) بالدرجة الأولى لترجمة انكسار حصرية تمثيل الحريري للطائفة السنية وتوزير حلفاء خلص للحزب الراغب بدوره بطيّ صفحة الاكتفاء بحقائب «تسجيل حضور» في الحكومة والانتقال الى وزارات «دسمة»، ناهيك عن عدم اتضاح مصير «لغم» حقيبة المال التي يتمسّك بها المكوّن الشيعي باعتبارها تمنحه التوقيع «الميثاقي» في السلطة التنفيذية.