IMLebanon

وأتى دور المشنوق… (بقلم محمد عيتاني)

واضحةً كانت الرسائل التي أرسلها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، نهاد المشنوق، خلال اليومين الماضيين في كل الاتجاهات. خروجه من مجلس النواب مع انعقاد جلسة انتخاب نائب الرئيس، والموقف الذي أطلقه بعد ذلك عن عودة سياسة الوصاية السورية في الحكومة المقبلة ليسا من قبيل المزايدة بل فيهما اتهام ضمني لزعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري بتغطية هذه العودة. الخروج من الجلسة في حد ذاته كان “انشقاقاً أبيض” عن “التيار الأزرق”.

استكمل المشنوق رسائله من القصر الجمهوري مع مغادرته “سرب” نواب المستقبل مع إعلان تسمية الكتلة سعد الحريري رئيساً مكلّفاً تشكيل الحكومة.. هي رسالة أوضح من سابقتها. المشنوق، المدرك بأنه ليس عائداً لا إلى الداخلية ولا إلى أي وزارة أخرى، ينآى بنفسه عن الحريري.

بطبيعة الحال الوقيعة بين الرجلين لم تبدأ مع إقصاء ماهر أبو الخدود عن مسؤولياته في “تيار المستقبل” ولا حتى مع فرز نتائج الانتخابات النيابية، ويعرف المراقبون أن ثمة احتقاناً ساد علاقة الحريري – المشنوق خلال الحملة الانتخابية وما رافقها من تشوييش مارسه “تيار المستقبل” على تحركات وزير الداخلية حينها، ليتبين بعدها أن التيار لم يمنح المشنوق الزخم المطلوب من الأصوات التفضيلية التي جيّرها إلى أحد مرشحيه الخاسرين لأسباب متشابكة.

وعلى طريقة “نحن أولاد اليوم” فإن سؤالاً كبيرا لا بد من طرحه وهو: إذا كان نادر الحريري عرّاب التسوية الرئاسية أصبح خارج الحلقة الضيقة للرئيس الحريري، وإذا كان نهاد المشنوق عرّاب تسوية ربط النزاع مع “حزب الله”، فما هو أفق العلاقة بين التيار والحزب في مرحلة “سعد 2018 غير”؟ أين سيكون الحريري من احتضانه سعودياً ومن المواجهة السعودية – الأميركية المعلنة مع الحزب؟ وهل يكفي ارتكازه إلى علاقته مع جبران باسيل، صاحب العلاقة المشوّشة مع “حزب الله”؟

لقد حيّد الرئيس الحريري رجال تدوير الزوايا بعدما أبعد شخصيات المواجهة مثل الرئيس فؤاد السنيورة، ومن قبله اللواء أشرف ريفي، ولا تزال بدائله غامضة في لحظة إقليمية ودولية تقتضي أعلى درجات الوضوح في الرؤيا.

لكن على المقلب الآخر ما هي بدائل نهاد المشنوق؟ هو نائب “أصيل” عن بيروت، بمعنى أنه لم ينقل سجل نفسه إليها حال بعض الآخرين، وله الباع الطويل في السياسة، ولكن هذا ليس له إطار عمل منفرد حتى اللحظة. فأين سيتموضع وهل سيبقى في كتلة المستقبل أم سينضم إلى النواب السنة المغردين خارج سربها؟ وفي هذه الحال ما هي خياراته الأبعد؟ وما الذي يمكن أن تلعبه العلاقات الدولية في هذا المجال؟

في عهد حكومة الرئيس تمام سلام عقد اجتماع في منزل الرئيس سعد الحريري في الرياض واتفق خلاله على خطوة استقالة ثنائية للوزرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي في حال لم يطرح بند إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي. إلتزم ريفي بالاتفاق وقبل وصوله إلى الطابق الأرضي في السرايا الحكومي سبقته التغريدة الشهيرة للرئيس الحريري “أشرف ريفي لا يمثلني”، أخذ الخلاف منحى شخصياً وساءت العلاقة لتصل الى ما وصلت اليه اليوم بفض “نفخ” البعض على نارها.

استطاع ريفي، المتصالح مع مبادئه والقريب من قاعدته الشعبية، تكوين حالة سببت زلزالاً سياسياً في الشمال. الآن جاء دور المشنوق الأكثر براغماتية ليصنع شيئاً جديداً سترتسم ملامحه قريباً.