IMLebanon

الطفل اللبناني نجم “سيدي الرئيس”… هكذا اختير ولهذا بكى

كتبت أسرار شبارو في صحيفة “الراي” الكويتية:

جَذَبَ الملايين خلال لعبه دور البطولة في إعلان «سيدي الرئيس» لشركة «زين» للاتصالات الذي طرحتْه بداية شهر رمضان الفضيل، والذي حَمَلَ بصوت الطفولةِ المسفوكة دماؤها أو التي تفترش «مراكب الموت» فـ «تفترسها» البحار أو التي تلتحف العراء وخيم النزوح رسالةً إنسانيةً برسْم قادة العالم حول مآسي الحروب واللاجئين و… قضية فلسطين.

منذ طرْح الإعلان في 16 الجاري أَحْدَثَ الضجة و«الصدمة» وأثار جدَلاً بين البعض حول مضمونه ولكن ليس حول الطفل – البطل… ملايين المشاهدات التي ناهزتْ 6.5 مليون حتى امس الجمعة (على حساب «زين» على موقع يوتيوب) و«وقْعٌ» عالمي عبر العديد من منْتجي الفيديوات على YouTube ممن يحظون بمتابعين كُثر تلقّفوا الشريط، وغالبيّتهم التقوا على كونه «أصابهم» حتى البكاء، مع الصبي «الساحر» الذي ظَهَر وهو يغنّي مخاطباً باسم الطفولة رؤساء عددٍ من الدول الكبرى والمؤثّرة من أجل إنقاذهم من الحروب ونشر السلام.

طفلٌ شكّل «نقطة جذب» أساسية في الإعلان (مدّته 3 دقائق ونصف الدقيقة) والمَشاهد التي عكستْ مآسي الحروب والحرمان من أبسط الحقوق ورحلات اللجوء المريرة بحثاً عن الأمن المفقود والأمل بعودةٍ الى القدس «وسنفطر فيها عاصمة فلسطين»، وسرعان ما أثار التساؤلات حول هويّته وجنسيّته الى ان انكشف انه… من لبنان.

«الراي» تحرّتْ عن «النجم الصغير» أليكس جورج سميا، ابن الثماني سنوات الذي وقف في أولى خطواته التمثيلية أمام شخصيات (مُجسَّدة تمثيلياً) لعددٍ من أبرز قادة العالم مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وغيرهم ممن ظهروا أيضاً في الإعلان (مثل رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو) الذي ينتهي بتحطيم القيود وخروج طفلة تجسّد دور المناضلة الفلسطينية عهد التميمي من الزنزانة الى الحرية… الى القدس على وقع «سنفطر في القدس عاصمة فلسطين يكتبها رب الأمنيات العالقة بين يا ليت وآمين».

لم يكن سهلاً الوصول الى أليكس وعائلته (هم من بلدة عين الدلب في شرق صيدا) الى أن أوصلتْ عملية «التقصي» الى التواصل مع والده جورج وبعدها زيارة المنزل، حيث يقيمون في منطقة عين سعادة (المتن الشمالي)، و«في جعبتنا» رزمة أسئلة حول الطفل الذي سرق الأضواء وهل كان يعي مضمون الإعلان والرسالة التي أريد منه إيصالها؟ كيف تم اختياره هو بالتحديد؟ هل هو راضٍ عما قدّمه وما رسالته الى اللاجئين والرؤساء؟ وغيرها من علامات الاستفهام التي فرضتْ نفسها.

في المنزل المسترخي في أحضان طبيعةٍ خلابة، استقبَلَنا تلميذ الصف الثاني الابتدائي في مدرسة الـ «مون لاسال» بلباسه المدرسي وبضحكة تخبئ اعتزازه بنفسه نتيجة إدراكه لخلفية الضيف القادم.

جلس أليكس متأهّباً «للامتحان» وكله ثقة من اجتيازه، كيف لا ووالداه جورج سميا ونيكول معماري الى يمينه ويساره يعطيانه الدعم اللازم، كما كان حاضراً شقيقُه الصغير مارك.

أول سؤال لابن الثمانية أعوام كان عما اذا كان فرحاً بما حققه، وهل يعتبر أنه بات مشهوراً؟ وبابتسامة أجاب باللغة الفرنسية «نعم، فقد شاهد الإعلان غالبية أصدقائي وزملائي في المدرسة، وأبدى الأساتذة سعادتهم وفخْرهم بي». يقاطعه والده شارحاً «الأسبوع المقبل ستعْرض المدرسة الإعلان على شاشة كبيرة ليشاهده جميع الطلاب، وهذه خطوة مشجّعة من الإدارة أَفْرحتْنا كثيراً».

وكيف وقع الاختيار على أليكس للعب دور البطولة في الاعلان؟ عن ذلك قالت نيكول: «الصدفة. لدى ابني موهبة التمثيل، وأَرَدْنا ان يترجمها. أرسلتُ صورة للمرة الأولى عبر البريد الالكتروني لـ casting director، وتلقيتُ اتصالاً بعدها لإجراء casting له في بيروت، وحينها لم أكن أعلم شيئاً عن الإعلان. وبعد يومين اطلعت على اختيار شركة كويتية له كي يلعب دور البطولة في إعلانٍ لها، وذلك على الرغم من العدد الكبير للمتقدّمين لتأدية الدور، ومن هنا بدأتْ رحلته في التمثيل».

«تم تصوير (سيدي الرئيس) في بيروت نهاية شهر نيسان الماضي، حيث استغرق ثلاثة ايام»، كما قالت والدة أليكس، قبل ان يشرح زوجها: «كان يمضي ساعات طويلة، ففي اليوم الأخير على سبيل المثال بقي من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثالثة بعد منتصف الليل، ورغم الجهد الكبير الذي بذَله إلا أنه كان فَرِحاً بما يقدمه».

وعما اذا شارك ممثلون من جنسيات أخرى في العمل، قال والد أليكس: «نعم، ففريق العمل كبير». وعن جنسية الفتاة التي ظهرت مع ابنه قال: «لبنانية، وقد تم اختيارها للشبَه بينها وبين عهد التميمي».

لكن هل كان أليكس يعلم خلفية الشخصيات السياسية التي شاركتْه التمثيل؟ هنا أراد هو إظهار مدى معرفته بكل واحد منهم والدولة التي ينتمي إليها، وقد نجح في ذلك.

وعلى الرغم من موهبة أليكس في الغناء الى جانب عزف البيانو ولعب التايكوندو إلا انه «لم يكن صوته هو الذي سمعه المشاهدون (يغني)، بل يعود الى الفتاة الكويتية رنا التناك»، وما لفت نظر المتابعين بكاؤه في أكثر من مَشهد، فكيف ولماذا ذرف دموعه؟ أجابت والدته التي كانت حاضرة خلال التصوير «تأثّر بعدما مثّل في إحدى الغرف المرتّبة، لينتقل بعدها الى غرفة مدمّرة، بكى بالفعل من دون ان يؤثر ذلك في قدرته على متابعة عمله».

حَمَل الإعلان رسائل انسانية – سياسية فهل كان أليكس على علم بالأمر؟ عن ذلك علّق: «نعم، كي ينظر الجميع ماذا يحدث في فلسطين». سألتْه والدته «فقط في فلسطين؟»، فأجاب: «كلا وجميع الأطفال الذين يعانون الحروب حيث يموتون ويغرقون ولذلك أريد ان أطلب من العالم وجميع الرؤساء مساعدتهم».

وعن القدس التي تم التشديد عليها أنها عاصمة فلسطين، وما تعنيه هذه المدينة له؟ قال: «هي مدينة يسوع»، هنا قاطعتْه أمه قائلة «لا يعلم ابني بالسياسة، لكن الرسالة فهِمها جيداً، اذ شرحتُ له بالتفاصيل عن أهدافها، وما يحدث في فلسطين والأضرار التي تلحق بأهلها وباللاجئين، بالتأكيد هو لا يتابع هذه الأمور في حياته اليومية»، في حين علّق الوالد: «رسالة الإعلان مهمة جداً، بغض النظر اذا كانت ستلقى آذاناً صاغية أم لا، وقد يستغرب البعض كيف ان أليكس الطفل المسيحي أدى هذا الدور في إعلان طُرح في شهر رمضان، ولهؤلاء أقول هذا أمر طبيعي، فمعاناة الحروب تصيب الجميع من كل الأديان والطوائف ولا تفرقة بيننا».

وعن الأصداء التي وصلت الى مسامع العائلة عن الإعلان قال جورج: «متضاربة حول مضمونه وليس حول أداء أليكس الذي أشاد به الجميع، وهذا نتيجة عمله بكل محبة، اذ لم يُبْدِ أي اعتراض او تحجج بالتعب. بالفعل بذل مجهوداً كبيراً وكان محترفاً، وهذا ما يشجعه على متابعة مسيرته، فكانت خطوته الثانية مشاركته في إعلان جديد لشوكولا سيُطرح عما قريب». وهنا يبتسم أليكس ويقول: «أرغب ان أكمل في تمثيل الإعلانات وأفضّل تلك الفرِحة منها».