IMLebanon

لا تغيير بالوجوه القديمة (بقلم رولا حداد)

فلنراقب المشهد السياسي اللبناني منذ العام 1992 حتى اليوم ونسأل: ماذا تغيّر؟

في العام 1992 وصل إلى رئاسة مجلس النواب الرئيس نبيه بري، وإلى رئاسة الحكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، تتكرر الوجوه والأسماء وحتى العبارات، وأبرزها على سبيل المثال: “يجب أن تتشكل الحكومة الجديدة بسرعة لمواجهة التحديات التي تنتظرنا”. والمعادلة بسيطة وتفترض سؤالاً محدداً: كيف استطاعت الطبقة السياسية الموجودة منذ العام 1992 وحتى اليوم أن تواجه كل التحديات؟ ولماذا لم تستطع أن تبني بلداً أو تنهض باقتصاد أو أن تعالج الأوضاع المالية ولا أن تؤمن الكهرباء والمياه والبنى التحتية الأساسية؟ وكيف لهذه الطبقة السياسية أن تواجه التحديات الكبرى اليوم؟

في مجلس النواب الجديد، نسخة 2018، عادت وجوه من مجالس نسخ ما قبل الـ2005، وجوه أثبتت فشلها على كل المستويات وفي كل المواقع والوزارات التي استلمتها. وفي المجلس الجديد عادت أيضاً وجوه استمرت بعد الـ2005 وفشلت أيضاً. في الساحات الشيعية والسنية والدرزية لا تغيير على الإطلاق، إنها الوجوه نفسها بين ما قبل الـ2005 وما بعده. في الساحة المسيحية حصل التغيير الكبير بين ما قبل الـ2005 وما بعده، وبين ما قبل مجلس الـ2018 وما بعده.

التغيير الأول الذي حصل كان بوصول كتلة نيابية مسيحية برتقالية وازنة، لكن أي تغيير فعلي لم يحصل، والدليل أن “التيار الوطني الحر” اضطر إلى التحالف مع القوى الإسلامية التي كانت ما قبل الـ2005 وما بعده، لا بل بات يشكل ثنائيات معها، سواء مع “حزب الله” عبر تفاهم مار مخايل، وسواء مع تيار المستقبل عبر التسوية الرئاسية، وحتى مع الرئيس نبيه بري عندما تعلّق الأمر ببلوكات النفط وبتسوية ما بعد الانتخابات النيابية، أما مع الحزب التقدمي الاشتراكي فتتراوح العلاقات بحسب بورصة المصالح. لا بل إن ثمة أسئلة كثيرة تُطرح عن تحوّل “التيار الوطني الحر” إلى قوة سياسية تقليدية بكل ما للكلمة من معنى عوض أن تكون تغييرية كما ادعت في العام 2005.

التغيير الثاني تمثل بدخول “القوات اللبنانية” إلى مجلس النواب بكتلة من 5 في العام 2005، ونمت إلى 8 نواب في العام 2009 قبل أن تتضاعف إلى 15 نائباً في العام 2018. وحتى كتلة “القوات” ووزرائها، ورغم الإٌجماع على نزاهة كفّهم، إلا أنها تضطر إلى التعامل مع الطبقة السياسية القائمة، وخصوصاً في الساحة الإسلامية، بحيث لم تستطع “القوات” الولوج لمحاربة الفساد في الساحات الشيعية والسنية والدرزية!

التغيير الثالث والمحدود جداً تمثل في خرق النائب بولا يعقوبيان في الانتخابات الأخيرة في دائرة بيروت الأولى، بحيث لم يتمكن تحالف “كلنا وطني” في إحداث أي خرق في الساحات الإسلامية.

الخلاصة الوحيدة الممكنة تكمن في أن استمرار الوجوه القديمة على حالها، وهو ما ستكرسه الحكومة الجديدة تحت شعار “الوفاق الوطني”، يعني التوافق على إبقاء القديم على قدمه لناحية الوجوه والأداء الكارثي وغياب أي رؤية إصلاحية وتغييرية. وعبثاً نسعى لتغيير طالما الشعب اللبناني يجدّد لهذه الطبقة السياسية إياها، وطالما أن التغيير البطيء يحصل فقط على الساحة المسيحية، لأن الثورة على الواقع الحالي وعلى الفساد المستشري والأداء المخيّب لن تتحقق ما لن يشمل التغيير أكثرية الساحات اللبنانية من دون استثناء…