IMLebanon

كيف حيّا الرئيس ماكرون البطريرك الراعي؟

اوضح مصدر فرنسي متابع للوضع اللبناني لصحيفة “الحياة” إن البطريرك الماروني بشارة الراعي تناول مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقباله في قصر إيليزيه أول من أمس، «موضوع الإصلاحات في لبنان». وقال الراعي لماكرون إنه «ينبغي أن تكون هناك حكومة بسرعة في لبنان كي تقوم بالإصلاحات المطلوبة في مؤتمري سيدر وروما وأن هذا أساسي وأن لبنان يعتمد على فرنسا والأسرة الدولية لترجمة نتائج هذه المؤتمرات».

وتحدث الراعي عن النازحين السوريين ولم يستخدم عبارة اللاجئين قائلاً: «إن لبنان يتعامل معهم بإنسانية ولكن في حاجة إلى عودتهم إلى بلدهم لأنهم يأخذون مكان اللبنانيين في أعمالهم»، وتناول موضوع الفرانكوفونية وشكا من القانون الذي يرفع اجور المعلمين ويهدد النظام التعليمي لافتاً إلى أن المدارس المسيحية في لبنان اساسية للعلاقة اللبنانية الفرنسية كي يبقى لبنان بلداً حديثاً».

وحيا ماكرون، وفق المصدر، موقع البطريرك الذي وصفه بـ «أنه الولد البكر للكنيسة المارونية وأن فرنسا صديقة لبنان وتنتظر بفارغ الصبر تشكيل الحكومة فيه وستدعم بعزم تبني الإصلاحات في لبنان».

وفي موضوع اللاجئين، قال ماكرون للراعي إنه «ينبغي أن يكون هناك سلام في سورية لعودة اللاجئين إليها».

وشرح ما يقوم به من خطوات «للتوصل الى حل سلمي للوضع في سورية». ولكنه أوضح للراعي أن لا يمكن القول إن على اللاجئين السوريين أن يعودوا إلى بلدهم طالما الأسد نفسه لا يريد عودتهم والدليل القانون ١٠ في سورية. وطلب ماكرون مساعدة الراعي عبر الجاليات المسيحية الصديقة للنظام السوري لممارسة الضغط الضروري على الأسد بالقول له إنه ينبغي عليه القبول بالحل السلمي وإن عليه ان يقوم بالخطوات المطلوبة للتقدم باتجاه حل سياسي يتيح عودة اللاجئين. ولم يعلق الراعي على الأمر، لكنه قال «إن اللاجئين السوريين عبء كبير على لبنان ويجب ان يكون هناك مؤتمر سلام موسع لحل التنافس بين السعودية وإيران»، فرد ماكرون بالقول: «هذا مشروع واسع والسؤال كيف يمكن إنجازه».

وقال الراعي في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط»، إنه عندما تصر المؤتمرات الدولية الخاصة بالنازحين واللاجئين السوريين على دمجهم في المجتمعات التي يتواجدون فيها وتسهيل دخولهم إلى سوق العمل، فهذا ينمّ عن وجود ميل لإبقائهم حيث هم؛ الأمر الذي يعتبره تهديداً للتوازنات اللبنانية.

ويرفض البطريرك الماروني مقولتين: الأولى التي تدعو إلى عودة «قسرية» لهؤلاء النازحين واللاجئين، والأخرى التي تتمسك بعودتهم «الطوعية». وما طالب به البطريرك المسؤولين الفرنسيين هو «تشجيع السوريين» على العودة إلى المناطق التي أصبحت آمنة في سوريا، وليس ربط العودة بالتوصل إلى حل سياسي وإعادة الإعمار، وخلاف ذلك من الشروط التي يضعها أصحاب المقولة الثانية. ولهذا الغرض، يسرد البطريرك عدة «حجج»، أولها أن العودة «حق» للسوريين كمواطنين، وهو يدعوهم للتمسك بوطنهم وبوجودهم المتجذر فيه. لذا؛ يطرح البطريرك الصوت لمطالبة المجتمع الدولي حتى يساعدهم على العودة عن طريق مدهم بالعون وإعادة بناء منازلهم. وفي أي حال، فإنه يقيم خطاً فاصلاً بين المقاربة الإنسانية التي يتحدث انطلاقاً منها وبين التناول السياسي للحرب في سوريا التي لا يتدخل في تفاصيلها. بيد أنه من الواضح أنه في موضوع النازحين لا يرى البطريرك سبباً لعدم تناول الموضوع مع «السلطات السورية القائمة»، علماً بأن هذه المسألة موضوع جدل في لبنان بين من يرفض الحوار مع النظام السوري وبين من يعتبر أن لا مفر من ذلك من أجل لإيجاد حلول لها.

في هذه السياق، للبطريرك نظرة مزدوجة لـ«المرسوم رقم 10» الذي أصدرته السلطات السورية؛ إذ إنه يرى فيه سبباً سيدفع أصحاب الملكية للإعلان عن ملكيتهم وأرضهم، وبالتالي قد يكون سبباً للعودة. لكنه يرى في قصر المدة المتاحة أمامهم «30 يوماً» عائقاً دون ذلك؛ ما يدفعه لاعتبار أن الجوانب السلبية في المرسوم «تتغلب على الجوانب الإيجابية». ورداً على ما يشاع عن تحضير السلطات اللبنانية مرسوم تجنيس جديداً، رأى البطريرك، أن، الموضوع «ليس جدياً» وأن «لا مصلحة لأحد في طرحه»، منبهاً من أن الجنسية اللبنانية «ليست للبيع»، لكن إذا طالت إقامة السوريين في لبنان فإن خطر التجنيس قد يصبح واقعاً.

أما في الشأن الحكومي، فإن البطريرك ينظر بكثير من الأسى لسياسة «التناتش» من أجل الاستحواذ على هذه الوزارة أو تلك، أو الحصول على هذا العدد من الحقائب أو ذاك. وقد استعاد البطريرك كلمة «تناتش» المستخدمة في المحكية اللبنانية التي جاءت في سؤال لأحد الصحافيين، وهي تدل على التخاصم والتقاتل من أجل الاستحواذ على شيء ما. وحث الراعي على تشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات المطلوبة التي رهن المجتمع الدولي توفير المساعدات للبنان بحصولها.