IMLebanon

معركة نائب رئيس الحكومة تعمّق الشرخ بين “القوات” و”التيار”

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

كلّ جسور التواصل بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» باتت مصدّعة، وأصبحت مرشّحة للسقوط التام في أي وقت، بعدما رفع الفريقان متاريس المواجهة السياسية حول كلّ الملفات، بدءاً من صفقات تلزيم المشاريع وصولاً إلى الصراع على الحصص داخل الحكومة العتيدة، وعلى رأسه منصب رئيس مجلس الوزراء الذي تصرّ «القوات» على الاحتفاظ به ضمن حصتها، خصوصاً بعد إسناد منصب نائب رئيس مجلس النواب (إيلي الفرزلي) إلى «التيار الحرّ»، وذلك بحكم التوازن الذي أرساه تفاهم معراب لجهة تقاسم المناصب والمواقع مناصفة بين أكبر مكونين مسيحيين، مقابل عزم «التيار» على تجيير هذا المنصب لحصته، إذ يعتبر أنه القوة المسيحية الأكبر في لبنان.

واللافت أن المواجهة بين الطرفين تأخذ أبعاداً مختلفة، منها ما يتصل بترجمة نتائج الانتخابات في توزيع المناصب، ومنها ما يرتبط بكيفية إدارة الدولة ومؤسساتها، حيث اعتبر النائب السابق أنطوان زهرا، أن «جشع السلطة بات واضحاً لدى التيار الوطني الحرّ وخصوصاً الوزير جبران باسيل، الذي يمضي في وضع اليد على المواقع الرسمية في الدولة من الوزارات إلى المؤسسات الواحدة تلو الأخرى عبر تعيين موظفين تابعين له مباشرة». وأكد زهرا لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات اللبنانية ستخوض معركة الاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس الوزراء بأسلوب ديمقراطي، بالاعتماد على عاملين، الأول التفويض الشعبي الذي أعطى «القوات» كتلة نيابية كبيرة (15 نائباً مسيحياً)، والثاني الاتفاق الذي أرساه تفاهم معراب بين الثنائي المسيحي (القوات والوطني الحر)، الذي يتحدث عن توازن بين الفريقين المسيحيين، مبدياً أسفه لأن «الآخرين يحاولون التنصل من هذا التفاهم واعتماد مفاهيم وبدع غريبة عجيبة».

ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الوزير غسان حاصباني، المحسوب على فريق «القوات اللبنانية» الوزاري، والذي نالته الأخيرة كتعويض عن وزارة سيادية كانت وعدت بها خلال تفاهم معراب، الذي وقّعه الطرفان مطلع عام 2016، وأعلن فيه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، دعمه ترشيح رئيس «التيار الحرّ» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

وتتباعد آراء الطرفين حيال معالجة هذه المسائل الشائكة، إذ اعتبر قيادي في «التيار الوطني الحرّ» أن «عملية تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب والمناصب خاضعة للأوزان والأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن التيار الحرّ «ليس بوارد إقصاء أحد ولا إضعافه، لكنّ «القوات اللبنانية» ترغب في تضخيم حجمها والحصول على حصّة مضخمة في الحكومة الجديدة، توازي حصّة تكتل «لبنان القوي» الذي يبلغ عدد نوابه ضعف كتلة الجمهورية القوية (أي كتلة القوات اللبنانية)».

ولفت القيادي في التيار الحرّ الذي رفض ذكر اسمه، إلى «عدم دقة المقاربة بين موقعي نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس مجلس الوزراء، لأن الأول (إيلي الفرزلي) فاز بعملية انتخابية وليس بتنازل من (القوات)، بينما الثاني يعيّن بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبالتالي من الطبيعي أن يكون نائب رئيس الحكومة من حصتنا، أو من ضمن فريق رئيس الجمهورية». ودعا القيادي المذكور حزب «القوات اللبنانية» إلى «الكفّ عن تسويق مزاعم الإقصاء والمظلومية، وأن يقبل بحجمه الحقيقي بدل اعتماد أساليب المكابرة والمراوغة».

وخسرت «القوات اللبنانية» منصب نائب رئيس مجلس النواب، في معركة انتخابية جرت في مجلس النواب، أفضت إلى فوز النائب إيلي الفرزلي، عضو تكتل «لبنان القوي» بـ90 صوتاً، مقابل 38 لمرشح القوات النائب أنيس نصّار، كما خسرت منصب عضو مكتب المجلس النيابي الذي كان يشغله زهرا، لصالح عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الآن عون.

وترى «القوات اللبنانية» أن معركتها الحالية تتخطى موضوع الحصص داخل السلطة، حيث أكد النائب السابق أنطوان زهرا أن القوات «تخوض معركة مشروع بناء الدولة الذي تتبنّاه وتدافع عنه، في مواجهة مشروع الإمساك بالسلطة الذي يقوده الطرف الآخر، ليكون البديل عن الدولة». وسأل «إذا كان رئيس الجمهورية وفريقه يحرصان على نيل ثلث ضامن في الحكومة، ويسعى (حزب الله) للحصول على ثلث ضامن أيضاً، فكيف لرئيس الحكومة (سعد الحريري) أن يدير الدولة وثلثا أعضاء الحكومة ضدّه؟». وقال: «إذا وافق رئيس الحكومة على تشكيلة وزارية ليس لديه فيها ثلث ضامن مع (القوات اللبنانية)، فمن الأفضل له ألا يكون على رأس هذه الحكومة»، معتبراً أن «أي تركيبة حكومية لا يكون نصف أعضائها أو ثلثهم من فريق رئيس الحكومة وحلفائه، تصبح حكومة خاضعة لسلطة السلاح غير الشرعي، وتضع لبنان خارج المنظومة العربية والدولية».

وذكّر زهرا بأن «صاحب الحاجة الملحّة لحكومة متوازنة هو رئيس الجمهورية (ميشال عون)، الذي يؤكد دائماً أن عهده يبدأ مع هذه الحكومة، وكذلك من مصلحة رئيس الحكومة تشكيل حكومة يشارك فيها الجميع، تكون قادرة على ترجمة نتائج الجهود التي بذلها الرئيس سعد الحريري في المؤتمرات الدولية، وينتظر تنفيذها على الأرض».