IMLebanon

نقاش حول حصّة فخامة الرئيس (بقلم رولا حداد)

النقاش حول أحقية رئيس الجمهورية بالحصول على حصّة وزارية لن ينتهي قبل ولادة التشكيلة الحكومية الجديدة. وفي هذا الإطار ثمة حاجة إلى نقاش هادئ بعيداً من الشعبوية والمزايدات السياسية لإشباع الموضوع درساً موضوعياً، إنطلاقاً من زاويتين أو مقاربتين مختلفتين:

المقاربة الأولى تعالج الموضوع من زاوية الصلاحيات الباقية لرئيس الجمهورية في لبنان بعد “الطائف”، وأهمّ هذه الصلاحيات غير المقرونة بمهل أو شروط هي توقيعه على مرسوم تشكيل أي حكومة تتشكل، وبالتالي من دون توقيع رئيس الجمهورية لا يمكن لأي حكومة أن تبصر النور. هكذا يمكن فهم نية المشترع الذي أراد أن تكون تستوفي كل تشكيلة حكومية “شروط” أو “طلبات” رئيس الجمهورية.

ومن هذه الزاوية يمكن فهم أن مشاركة رئيس الجمهورية في السلطة التنفيذية إنما تتم على مستويين: المستوى الأول هو ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء ساعة يشاء ليدير الجلسات ويطرح أي موضوع من خارج جدول الأعمال. والمستوى الثاني هو فرض الشروط التي يريدها على أي تشكيلة حكومية ليمنح مرسوم تشكيلها توقيعه الملزم وغير المقيَّد بأي شرط أو مهلة. إنطلاقاً من هذه الصلاحيات الدستورية فقط يمكن فهم حق رئيس الجمهورية بفرض حصة له داخل أي تشكيلة حكومية بهدف مساعدته على أن يكون شريكاً فاعلاً في السلطة التنفيذية وليس حكماً من دون صافرة حتى!

المقاربة الثانية تنطلق من المقاربة الأولى أيضاً إنما من زاوية مقابلة، فرئيس مجلس الوزراء المكلّف يملك حق التوقيع الملزم نفسه الذي يملكه رئيس الجمهورية، وبالتالي إذا كان ثمة أي حصة من حق فخامة الرئيس فإن حصّة مماثلة تصبح أيضاً من حق رئيس الحكومة، وبالتالي وكون تشكيل الحكومة يتم بالتشاور بين رئيس الجمهورية والحكومة يصبح الأخيران قادرين على فرض أي معادلات أو حصص يرادنها في التشكيلة الحكومية.

لكن المعادلات لا تنتهي عند هذا الحد، لأن أي تشكيلة حكومية لن تكون قابلة للحياة إذا لم تنل ثقة مجلس النواب، وهذا ما يفترض برئيسي الجمهورية والحكومة أن يراعيا ضرورة أن تحظى التشكيلة برضى الأكثرية النيابية، وإلا فلا نفع لأي حصص لهما. ما سبق يُعدّ أمراً طبيعياً في نظام برلماني ديمقراطي تحكم فيه الأكثرية النيابية وتعارض الأقلية، أما في الحال الراهنة فالحديث يجري عن حكومة وحدة وطنية، وفي هذه الحال تتغيّر المعادلات السابقة كلها، ويصبح السؤال مشروعاً عن سبب المطالبة بحصة لرئيس الجمهورية أو حصة لرئيس الحكومة طالما أن كل الكتل النيابية ستتمثل وليس الأكثرية فقط!

ولكن يبقى سؤال أساسي، لا بل جوهري: من يحدّد حصّة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من العودة إلى اللعبة البرلمانية الديمقراطية والتي بتعطيلها نذهب إلى دكتاتورية مقنّعة. اللعبة البرلمانية الديمقراطية التي تقوم أولاً على وجود معارضة فعلية وعلى أكثرية وأقلية، إنما أيضاً وأساساً على وجود قضاء مستقل ونزيه وعادل وعلى مؤسسات رقابية فاعلة وغير خاضعة لمزاجية السلطة السياسية، وإلا فإن أي جهد لأي معارضة يذهب هباءً، لا بل إن ديكتاتورية السلطة عندها تهدّد صلب النظام الديمقراطي.

قبل أن تسألوا عن الحصص… رجاءً أنقذوا النظام الديمقراطي والمؤسسات في لبنان!