IMLebanon

ما هي العقد التي تعوق تأليف الحكومة؟

لم تطرأ أيّ إيجابيات ملموسة بعد على جبهة التأليف الحكومي، ما أثار ويثير الاستغراب لدى الرأي العام اللبناني حول تأخّر الولادة الحكومية، فيما الضرورات الملحّة للبلد تستوجب التعجيل في هذه الولادة حتى ولو في الشكل. ورشح للمتابعين أنّ مشاورات التأليف في حلقة مفرغة على رغم تقديم الرئيس المكلّف سعد الحريري تصوراً أوليّاً لرئيس الجمهورية ميشال عون تناولَ حصص القوى السياسية، ولم يغُص في الأسماء المقترحة لحكومته العتيدة. ولم يظهر أنّ هذا التصور قد نجح في تذليل العقبات التي تعترض التأليف، أو أنه قادر على نزع الألغام من أمامه. إذ انّ العُقد الموزّعة على أكثر من محور، لا تزال على حالها، وفق مطّلعين على مشاورات التأليف.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ان مشاورات التأليف لم تغادر بعد مرحلة المقدمات التمهيدية والتأسيسية الى التفاصيل، فالنقاش لا يزال في طور جس النبض. وكشفت أن لدى عون ملاحظات جوهرية على الصيغة التي قدمها الرئيس الكلف له، موضحة انه رفض اقتراح الحريري المتعلق بحصة رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» وهي تسعة حقائب وزارية تتوزع بين 3 لعون و6 لـ«التيار».

واشارت المصادر إلى أن عون و«التيار» يطالبان بعشرة وزراء، وأن المعروض على «القوات اللبنانية» هو اربعة او خمسة وزراء. ولفتت المصادر الى أن صيغة الحريري تخلو من أي مقعد وزاري للفريق السني المستقل عن تيار «المستقبل»، الأمر الذي يشكل ثغرة إضافية فيها.

أين العقد؟

وعلمت «الجمهورية» أنّ العُقد التي كانت ولا تزال تعوق التأليف تتلخّص بالآتي:

– الخلاف على الحصص الوزارية المسيحية، وتحديداً بين تكتل «لبنان القوي» وتكتل «الجمهورية القوية»، خصوصاً أنّ الحريري يميل إلى التمسّك بمعادلة حكومته الأولى التي تصرّف راهناً الأعمال، أي أن يكون لتكتل «لبنان القوي» 9 وزراء بمن فيهم وزراء رئيس الجمهورية، وأن يكون لتكتل «الجمهورية القوية» 4 وزراء. لكن العقدة لا تزال في الحقيبة الأساسية التي تريدها «القوات»، الى جانب موقع نائب رئيس الحكومة.

ويبدو انّ بعض المعنيين بالتأليف يتعاملون مع مطالبة «القوات» بحقيبة سيادية على أنها من باب رفع سقف التفاوض لا أكثر للحصول في النتيجة على حقيبة أساسية، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة يتعامل مع بند الحقائب السيادية على أساس الإبقاء عليها كما هي في حكومة تصريف الأعمال بلا أي تعديل.

– التمثيل الحكومي للنواب السنّة من خارج تيار «المستقبل» حيث يرفض الحريري تخصيص هؤلاء بأيّ مقعد وزاري، بحجّة أنهم غير متّفقين ولا يمثّلون خياراً سياسياً واحداً. ويحصر «تنازله» عن مقعد سني، بوزير يكون من حصّة رئيس الجمهورية مقابل وزير مسيحي يُضاف الى حصّته السنية.

– العقدة الدرزية حيث يرفض رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط التخلّي عن أيّ مقعد درزي لمصلحة الوزير طلال ارسلان، حيث يبدو وفق مطّلعين أنّ قوى 8 آذار لا تمارس أي ضغط على ارسلان عملاً بمبدأ تسهيل التأليف، خصوصاً أنّ تفاهماً سياسياً يجمع رئيس مجلس النواب نبيه بري وجنبلاط، قد يجعل الأول في منأى عن أيّ ضغط يمارسه على رئيس «اللقاء الديموقراطي» لقبول مبدأ المقايضة بين المقعد الدرزي والمقعد المسيحي.

– التمثيل الأرمني، حيث سيكون المقعد الأول من حصّة حزب «الطاشناق»، فيما لا يزال المقعد الثاني موضع تجاذب حول هوية الجهة المخوّلة تسميته. إذ تفيد المعلومات أنّ رئيس الحكومة المكلف يطالب بأن يتولى بنفسه تسمية الوزير الأرمني الثاني أسوة بالحكومة الحالية.

«الطاشناق» لـ«الجمهورية»

وفي هذا السياق أكدت مصادر حزب «الطاشناق» لـ«الجمهورية» أنّ البحث لم يصل الى النقطة المتصلة بالوزير الأرمني الثاني، كون «الطاشناق» هو الحزب الأرمني الوحيد الممثّل في مجلس النواب عبر 3 نواب، فيما البقية يتوزّعون على أكثر من جهة سياسية. ولفت إلى أنّ شرط «الطاشناق» الوحيد هو «الإلتزام بتمثيل أرمني أرثوذكسي في المقعديْن، وبالتالي رفض الطرح الذي يقضي بتجيير المقعد الثاني للأقليات.

العقدة الدرزية

أمّا في ما يتّصل بالعقدة الدرزية، فتشير مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الجمهورية إلى «أنّ نقاشات التأليف المعمّقة لم تبدأ بعد، وأنّ الحزب التقدمي لا يزال على موقفه متمسّكاً بالمقاعد الدرزية الثلاثة»، نافية التسليم بمبدأ المقايضة.

في أي مغارة؟

إلى ذلك، قالت مصادر تواكب التأليف لـ«الجمهورية»: «طالما انّ رئيس الجمهورية يستعجل تأليف الحكومة، وكذلك رئيس المجلس النيابي والرئيس المكلّف، فمن يُبطىء هذه العملية، خصوصاً اذا ما لاحظنا انّ مختلف الافرقاء عبّروا عن نيّات حسنة». وأضافت: «انّ الكرة الآن هي في ملعب رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، مع مسؤولية اكبر على الأخير الذي ينتظر الجميع منه المبادرة الى خطوة جدية، خصوصاً انّ شهراً قد مضى على تكليفه حتى الآن ولم يبد أي جديد في هذا الشأن». وشددت المصادر نفسها على أن «لا عذر لأحد في التأخير، فكل لحظة تأخير مُكلفة للبلد، فهناك استحقاقات كبرى تتطلّب وجود حكومة فاعلة. والآن كل شيء في البلد متوقف على التأليف، حصلت الانتخابات النيابية وانتخب مجلس نيابي جديد، وهذا المجلس ينبغي عليه ان يعمل لكنه الآن مشلول، فهو يستطيع ان يعقد جلسة وينتخب لجانه الدائمة، ولكن كيف تعمل هذه اللجان في غياب مشاريع القوانين الحكومية والحكومة ضائعة ولا أحد يعرف في أي مغارة ؟».