IMLebanon

أساليب التربية الإيجابية تحدٍّ كبير للأهل

كتبت تاليا قاعي في “الجمهورية”:

يتعرّض الأطفال للعنف بمختلف أشكاله، ما يؤدّي إلى أذيتهم ويشكّل انتهاكاً لحقوقهم الإنسانية، كما أنّ للعنف تأثيراً كبيراً على صحّة الطفل الجسدية والنفسية أيضاً. من هنا يحتاج الأهل إلى المساعدة للحدّ من هذا الأسلوب في التربية ولو شكّلَ تحدّياً لهم، حيث إنّ اعتماد أساليب إيجابية هو مفتاح لضمان مستقبل أطفالهم على كافة الأصعدة.

يَستخدم الأهل العنف في تربية أولادهم، باعتبار أنّه الحلّ الأمثل والأفضل والأسهل في أساليب التربية. من هذا المنطلق أطلقَ مكتب اليونيسف في لبنان الأسبوع الفائت حملةً للقضاء على العنف بعنوان #بدي_ربيك_بلا_عنف #ENDviolence تُركّز على التربية الإيجابية وطرقِ التأديب البديلة، في المنزل والمدرسة وعلى مستوى المجتمع المحلي.

تربية غير سليمة

أطلِقَت حملة بدي_ربيك_بلا_عنف بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وأتت نتيجة الإحصاءات التي أعدّتها اليونيسف، أنّ أكثر من 57 في المئة من الاطفال في لبنان يتعرّضون للعنف في منازلهم، وذلك من قبَل أهلهم أو مقرّبين لهم. كما أقدَمت هذه الحملة على القول إنّ 69 في المئة من الأهل على عِلم بأنّ هذه الطريقة في تربية أطفالهم غير سليمة، وليست مناسبة، وخاطئة، بحسب ما كشَفت اختصاصية حماية الطفل السيّدة زمان علي حسّان.

وأشارت حسّان لـ«الجمهورية» إلى أنه «انطلاقاً من هذه النتائج وُجِدت هذه الحملة لتشجيع الأهل على القيام بخطوات أخرى؛ مِن تعلّمِ مهارات جديدة وإرشادات عدة وأدوات، بهدف تربية أطفالهم بطريقة أفضل بعيداً عن العنف». مضيفةً أنّ «الهدف الأساسي لهذه الحملة هو نشرُ التوعية، ولكن قبل ذلك هدفُ الحملة يأتي أيضاً في إطار تشجيع الأهل على اعتماد خطوات جديدة لعملٍ وتربيةٍ أفضل لأولادهم».

وتابعت: «تساهم الضغوطات اليومية التي يمرّ بها الأهل، من اقتصادية أو جسدية أو غيرها، في التخفيف من صبرهم وعدمِ قدرتهم على السيطرة، وبالتالي تدفعهم إلى التصرّف بهذه الطريقة، وهنا تكون مسؤوليتنا على العمل أكثر مع الأهل ومساعدتِهم على تخَطّي هذه الأمور في ظلّ استخدام أدوات مختلفة بعيداً عن العنف».

أمّا لناحية أصداء هذه الحملة، لفتت حسّان إلى أنّه «كان هناك العديد من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمّ إطلاق #بدي-ربيك-بلا-عنف واستخدامه من قبَل العديد من الأشخاص. كما أنّ اليوم وللمرّة الأولى في لبنان عملت المؤسسات الوزارية؛ من العدل، الصحّة والشؤون الاجتماعية والتربية، على التنسيق الكامل سوياً للحدّ والضبط في مسألة ممارسة العنف على الأطفال، كما أطلقت اليونيسف منذ حوالي شهر سياسية حماية التلميذ في البيئة المدرسية، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية، وكيفية الإحالة لتلميذ تعرّضَ للعنف سواء في المدرسة أو خارجها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. كما يتمّ العمل اليوم على إطلاق سياسة مع وزارة الشؤون الاجتماعية حول كيفية حماية النساء والفتيات والأطفال داخل لبنان من العنف الأسَري، وإنّه الوقت المناسب لتناول هذا الموضوع والإضاءة عليه».

شراكة

تعمل اليونيسف ولوقتٍ طويل، بالشراكة مع الجمعيات اللبنانية، على تقديم البرامج للأطفال الذين يتعرّضون للعنف، وهناك أيضاً دعمٌ ومساعدة على تعلّمِ أدوات جديدة بالتربية الإيجابية، وذلك من خلال برامج في المراكز الاجتماعية لتغيير ردود الفعل السلبية لديهم والتعلّمِ على السيطرة عليها وضبطِها، بغَضّ النظر عن الأسباب التي أدّت إلى تصرّفهم بهذا الأسلوب، وعبر تعلّمِ كيفية الاستماع إلى الطفل وكيفية تعبيرِه عن حاجاته والنزول إلى حدوده والسيطرة على الغضب، والانتباهِ إلى الكلمات التي تقال له، وتعلّمِ الاسترخاء للوصول إلى الحوار، والابتعاد عن المعاملة السلبية.

مِن جهةٍ أخرى تساهم هذه الدورات في تعليم الأهل أنّه في حال تمّ الصراخ على الطفل أو ضربُه، إذ الإنسان ليس معصوماً عن الخطأ، علينا الاعتذار من الطفل والشرحُ له أنّ ما فعلناه كان خطأ، والعودة إلى القواعد الأساسية عبر الحوار و المناقشة مع الطفل.

وأفادت حسّان أنّ «برامج التربية الإيجابية موجودة في كافة مراكز خدمات الشؤون الاجتماعية في لبنان وجميعِ الجمعيات الشريكة، من هنا بإمكان الأهل التوجّه إلى أقرب مركز لهم والتسجيل في هذه البرامج، وهو يُعطى مجّاناً، إذ كلّ ما يحتاجون إليه هو الالتزام والحضور».

في الختام أوضَحت حسّان أنّ «الأمور ليست سهلة، وتحتاج إلى الوقت والمثابرة بهدف تعلّمِ المهارات الحياتية للتأقلمِ والعمل على تربية إيجابية».