IMLebanon

دعوا اللبنانيين يفرحون بالمونديال! (بقلم شادي صعيبي)

لم نشأ أن ننزلق إلى مستوى الحملة التي تطال معالي وزير الإعلام اللبناني ملحم الرياشي على خلفية نقل تلفزيون لبنان لجميع مباريات كأس العالم – روسيا 2018 “أرضياً”. ورغم التغاضي عن كل التصريحات المسيئة، التي صدرت بحق وزير الإعلام على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مستوى الخطاب المتدني الذي اتَّسمت به بيانات بعض الطارئين وبهدف بث الإشاعات والأكاذيب جعلنا نكتب ليس دفاعاً عن معالي الوزير الذي يشهد له القاصي والداني ولا بالإنابة عن مجموعة بي إن الإعلامية، لكن عملاً بالحديث الشريف “الساكت عن الحق شيطان أخرس”.

أولاً – إن مجموعة بي إن الإعلامية هي المالك الحصري لحقوق البطولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبالتالي فان الحديث عن إستدراج عروض ودفاتر شروط يندرج في سياق ذر الرماد في العيون ذلك أن لا خيار أمام الدولة اللبنانية سوى التفاوض مع شركة “سما” الممثل الوحيد لمجموعة بي إن على الأراضي اللبنانية.

ثانياً – إن الإشارة أو التلميح بأن الرياشي قام بخداع اللبنانيين بشكل أو بآخر من خلال إعلانه أن عميلة شراء الحقوق تضمنت 64 مباراةً في الوقت الذي أعلنت فيه مجموعة بي إن بث 22 مباراةً بدون مقابل مادي على قناتها المفتوحة (غير المشفرة) شعبوية، فلا مجال للربط بينهما لأن الدولة اللبنانية توصلت لإتفاق مع شركة “سما” في 5 حزيران في حين أعلنت مجموعة بي إن بث 22 مباراة مجاناً في 14 حزيران أي بعد 9 أيام من إعلان توقيع العقد بين الطرفين، علماً أن بث هذه المباريات سيكون على الأقمار الصناعية ولا دخل لها بالتغطية الأرضية لتلفزيون لبنان.

ثالثاً – من المستغرب الهجوم غير المبرر على الرياشي دون سواه ذلك أن اللجنة التي تم تعيينها من قبل حكومة تصريف الأعمال لمتابعة هذا الملف تضم وزراء الاتصالات جمال الجراح والشباب والرياضة محمد فنيش الى جانب الرياشي وكانت تقوم بعملها باشراف مباشر ومتابعة لصيقة من الرئيس سعد الحريري.

رابعاً – إن التوجه بالسؤال للوزير الرياشي لمعرفة كم دفعت الدولة اللبنانية تحت شماعة “الحق في الوصول إلى المعلومات” كلام حق يُراد به باطل، خصوصاً وأن السؤال يأتي من أشخاص يفترض أن يَكُونُوا على دراية بكيفية الحصول على المعلومات عبر سلوك القنوات الرسمية الخاصة بأجهزة الدولة، ربما في هذه الحالة التوجه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفي حال الإصرار على سلوك الطريق المختصر والفردي فلمَ لا يسأل معالي الوزير محمد فنيش المعروف بمناقبيته مثلاً؟

وإنطلاقاً من ذلك فان الزج باسم الرياشي والتسرع في إطلاق التصريحات دون التأكد منها يؤثر على صفاء العلاقات بين اللبنانيين ويثير الغرائز والمشاعر فقط لا غير…

خامساً – أما في ما يخص مستوى التغطية التي يقدمها تلفزيون لبنان فمن المعلوم أن أي محطة في العالم لا يمكنها وضع خطة تغطية تليق بتاريخها بدون مزانية وقُبيل 10 أيام فقط من إنطلاق العرس الكروي الكبير في روسيا بالإضافة إلى أن مثل هذه التغطيات تحتاج إلى خبرات وتتطلب ساعات وساعات من التحضير.

سادساً – هناك محطات تلفزيونية لبنانية خاصة حاولت التفاوض قبل أشهر عديدة من أجل شراء الحقوق ولم يكن هناك أي إجابة من الجهة صاحبة الحقوق وبالتالي لم يكن هناك تقصير لناحية استباق الأمور أو القراءة المبكرة من قبل اللجنة الثلاثية ذلك أن عملية التفاوض تتم بين طرفين وليس من جهة واحدة وفي هذه الحالة يكون للشركة المالكة للحقوق اليد الطولى في تحديد مسار المفاوضات والمبالغ المالية على قاعدة العرض والطلب.

سابعاً – أغرب الغرائب وأعجب العجائب ذهاب البعض إلى أقصى حدود اللامنطق في كيل التهم جزافاً وبهتاناً محملاً الرياشي مسؤولية المشاكل التقنية والتي في جزء منها تعود للمصدر الرسمي الناقل، أي الشركة التي تتولى التصوير والبث لصالح الفيفا.

وأخيراً نسأل ما جدوى الحملة، وهل الموضوع يستحق هذا الاستثمار في السياسة؟ لماذا نتسابق لتشويه وتعذيب أنفسنا، لماذا لا ندع الناس تفرح وتستمتع وتعيش بسلام؟ لماذا لا نكف عن بث السموم في مجتمعنا والترويج للكراهية والبغضاء؟

أخيراً وليس آخراً، لا بد من التوجه بالشكر للجنة الثلاثية لا لأنها نجحت في حمل المالك الحصري لحقوق البطولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على بيع جزء من الحقوق التي يملكها إلى تلفيزيون لبنان فقط إنما لتعهدها بمكافحة القرصنة وحماية الملكية الفكرية وعلى نقلها للمباريات بحسب الأصول وإلى جميع فئات المجمتع ولأنها أكدت مرة جديدة على دور لبنان الريادي في إحترام القوانين الدولية، أقله ثقافياً وفكرياً.

ونختم بشكر الرياشي الذي عمل في السنوات القليلة الماضية على توطيد أسس المواطنة ونهيب بالجميع الوقوف إلى جانب التلفزيون الرسمي لمساعدته على النهوض من كبوته فهو ذاكرة الإعلام اللبناني والعربي وسيعود ذات صباح إلى فضاء الأزمان ليبث الأنوار والألحان إلى العالم أجمعين وليحمل رسالة الوطن الخالد إلى كل بيت.