IMLebanon

هل بدأت الشركات العقارية تتهاوى كـ”الدومينو”؟

كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:

يبدو ان الشركات العقارية بدأت تتهاوى الواحدة تلو الاخرى. فبعد فضيحة «سايفكو» انتقل الدور الى «بدوي غروب». وفي حال استمرار الافق المسدود لأزمة الاسكان، من غير المستغرب ان تزداد الشكاوى في القطاع، ما ينذر بكارثة على صعيد الاقتصاد ككلّ.

نفذ اصحاب الشقق المتضررون من ازمة «بدوي غروب» العقارية وقفة احتجاجية امس امام مبنى الشركة في ذوق مصبح، احتجاجا على المماطلة والتأخير بتسليمهم شققهم في مشروع مار روكز السكني الذي كان يفترض الانتهاء منه في العام 2013.

ورغم ان هناك بعض الاختلاف في حالتي «سايفكو» وبدوي غروب» الا ان النتيجة واحدة: تعثر في المشاريع العقارية، شقق لم تسلّم الى اصحابها ومواطنون يدفعون نصف رواتبهم لتسديد ثمن شقة لا تزال على الخريطة. وبالتالي من غير المستبعد ان تتفاقم هذه الآفة مع استمرار تجاهل المسؤولين لازمة الإسكان وعدم المباشرة بتوفير حلول لها، مما قد يكون عاملا اساسيا في انهيار الاقتصاد الكلي.

في خلفيات أزمة «بدوي غروب»، تتناقض وجهتا نظر اصحاب الشقق الذي تعبوا من تصديق الوعود، واصحاب المشروع الذي يعدون بقرب تحسن الامور وتسليم بعض الشقق. فمن تصدق؟

شرح احد اصحاب الشقق المتضررة من ازمة «بدوي غروب» ايلي نجم لـ»الجمهورية» انه وقع عقداً مع الشركة في العام 2012 على ان يتسلّم شقته منتصف العام 2015، الا ان هذا الامر لم يحصل واستمرت الشركة بتأجيل تسليم المشروع متحججة بالوضع الاقتصادي السيء.

قال: من جهتنا تعاطفنا مع الشركة وامهلناها الوقت، وقد أرجأ البعض من المتضررين توقيع العقد مع الشركة في حين قدم البعض الاخر مستنداته للمصارف ويسدد شهريا قيمة شقة لم يبدأ انشاؤها بعد. ولم تنتهِ القصة هنا، فقد اكتشفنا مؤخرا ان صاحب المشروع يحتال علينا بتوقيعه على عقود بقلم يختفي حبره بعد فترة، كما اعطى لبعض اصحاب الشقق نسخا عن عقد الشراء وليس النسخة الاصلية.

اضاف: مرّ خمس سنوات على المشروع وحتى الان هناك بلوكات لم يبدأ تنفيذها بعد وهم يوهموننا منذ 3 سنوات ان المشروع اقترب من الانجاز وسيسلم خلال شهرين او ثلاثة لكن شيئا لم ينجز بعد.

في المقابل، أكد المتحدث باسم «بدوي غروب» المحامي فادي طنوس ان ازمة الشركة اشرفت على نهايتها، مستغربا تسليط الضوء اليوم على الوضع بعدما تكشفت حلحلة في المشاريع العقارية. وقال لـ»الجمهورية»: نحن اليوم في مرحلة ايجابية جدا، فقد بدأت الشركة تستعيد انفاسها جراء الازمة التي مرت بها وتستعيد نشاطها لتعاود اطلاق مشاريعها.

وأوضح ان مشكلة «بدوي غروب» غير ناتجة فقط عن أزمة الاسكان المستجدّة، انما الازمة الاساسية تكمن في عدد المشاريع التي باشرتها الشركة في مناطق عدة وكانت تحتاج الى تمويل كبير، وتزامناً انتقل البلد من العصر الذهبي في القطاع العقاري الى عصر التراجع مع بدء الازمة الاقتصادية في 2012 – 2013. ونتيجة هذه الازمة لم تتوسع المصارف كثيرا في تمويل المشاريع العقارية، ما اثر سلبا على مشاريعنا، واليوم ومع ازمة الاسكان زادت الاوضاع سوءا.

لكن طنوس اكد ان الشركة عالجت الكثير من الشقق والعثرات وهي باتت في المرحلة الاخيرة، واعدا بتسليم دفعة جديدة من الشقق خصوصا مشاريع مار روكز السكنية. وقال: نحن اقتربنا من انجاز البلوك C من المشروع وسنسلمه خلال شهرين او ثلاثة بينما البلوك B يحتاج الى مزيد من الوقت وقد يستغرق سنة. اما البلوك A فسيباشر العمل به تدريجيا.

من وجهة نظر عقارية، أوضح رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى ان أزمة «سايفكو» تختلف عن أزمة «بدوي غروب» انما النتيجة نفسها. ففي الاولى هناك خلافات داخلية ادت الى التخلف عن تنفيذ المشاريع، أما في ما خصّ «بدوي غروب» فالشركة تعاني من مشكلة سيولة.

وشرح «ان المطور وبعد ان يتمكن من بيع مشروعه، تتوسع اعماله فيعزز مشاريعه العقارية ويتجه اكثر نحو شراء الاراضي، على اساس ان التمويل سيأتي من ثمن بيع الشقق ويستعمل سيولة الزبائن للتوسع. لكن الازمة الاقتصادية التي نعاني منها اوقعته في مشكلة اذ لم يعد بمقدوره لا بيع الاراضي ولا الشقق في مقابل فقدانه للسيولة المطلوبة لاستكمال المشاريع التي بدأها او التي وعد الناس بانشائها. بالإضافة الى ان المصارف توقفت عن تمويل المشاريع العقارية بسبب الازمة الاقتصادية القائمة.

ورأى موسى ان «العقار اليوم ينهار بسبب الاقتصاد، وليس صحيحا ما يقال ان الاقتصاد ينهار بسبب تعثر القطاع العقاري». اضاف: ان المرحلة الصعبة التي مرّ بها الاقتصاد إبان استقالة الحريري من السعودية في تشرين الثاني 2017 أدخلت البلاد في مرحلة اقتصادية صعبة جدا، ما دفع مصرف لبنان الى وقف القروض السكنية المدعومة الفوائد، والدعم المقدم للقروض التجارية التي كانت بدورها تقدم قروض بفوائد منخفضة.

وقد شكلت هذه التدابير الى جانب الازمة الاقتصادية التي نعاني منها، الضربة القاضية للقطاع العقاري الذي كان يصارع من اجل الاستمرار. وفي النتيجة تراجعت اليوم المبيعات العقارية نحو 60 الى 70 في المئة، كما تراجعت اسعار الشقق حوالي 25 في المئة.

وفيما لم يستبعد موسى تكرار سيناريوهات التعثر في الشركات العقارية، أكد انه في حال عدم تحسن الاقتصاد، فان البلد يسير نحو الهلاك، وليس فقط القطاع العقاري. وطالب «بالاسراع في تأليف حكومة واعداد خطة اقتصادية فورا لأن الوقت بات يداهمنا. كما نناشد المصارف ان تأخذ بالاعتبار الاوضاع الصعبة التي نمر بها وتعطي فترة سماح اكبر للعقاريين والمطورين».

وفي الختام، شدد موسى على أهمية انشاء وزارة للاسكان قادرة على التخطيط وتطوير خطة سكنية تثبّت اللبناني في وطنه.