IMLebanon

بين كباش الأحجام و”الصلاحيات” والاعتبارات الإقليمية… هل طار التأليف؟

تلبّدت الغيوم في أجواء التأليف الحكومي في الساعات الماضية، مضيفةً ظلالا شديدة القتامة حول مصير عملية التشكيل وأمدها. أما أسباب التعقيد فكثيرة ويتداخل فيها المحلي السياسي – الدستوري بالإقليمي، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.

ففي وقت اعتقد الرئيس المكلف سعد الحريري أن العقبات تقف عند حدود توزيع الحصص والحقائب والاحجام، وهي قابلة للحل عبر تكثيف الاتصالات في شكل خاص، على خطي ميرنا الشالوحي – معراب وميرنا الشالوحي – المختارة، تبين له، وللمراقبين، أن ثمة ما هو أبعد وأكثر تعقيدا، يتمثل في صراع برز فجأة الى الواجهة بين طرفي التسوية الرئاسية – الحليفين الأبرز على الساحة الداخلية منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية- على دور وصلاحيات الرئاستين الأولى والثالثة في عملية التأليف. وقد تظهّر هذا الخلاف في “أسطع” صوره أمس، في البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية من جهة، وذلك الذي صدر في أعقاب اجتماع كتلة “المستقبل” النيابية برئاسة الحريري. وإذا كانت هذه المسألة ستكون محور نقاش معمق في الاجتماع الذي اتفق الرئيسان عون والحريري على عقده غدا في بعبدا خلال اتصال أجراه الأخير برئيس الجمهورية اليوم، على أمل إيجاد “تسوية” لها، تقول المصادر إن ثمة من يرى أن تعثر التأليف سببه الظاهر محلي، إنما باطنه “إقليمي”.

ففي حين يتمسك الرئيس المكلف بتأمين تمثيل حقيقي ووازن لـ”القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” في الحكومة العتيدة، انطلاقا من “السكورات” التي حققوها في الانتخابات النيابية، يبدو أن المحور الآخر في البلاد، أي محور 8 آذار لا يستسيغ هذا التوجه، ويعتبره تنفيذا للسياسة “السعودية”، لن يقبل به، خصوصا وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجهت بعيد الاستحقاق النيابي أكثر من رسالة إلى لبنان والعالم تقول فيه إن بيروت بمثابة “حديقة خلفية” لها وأنها الأقوى فيها، فتحدث مسؤولوها عن وجود 74 نائبا لـ”حزب الله” في البرلمان، قبل أن يكشفوا بأنفسهم عن أن مواطنيهم يدخلون إلى لبنان من دون ختم جوازات سفرهم. وفي السياق نفسه، يتردد أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سيطل إعلاميا في الأيام المقبلة للحديث عن الوضع “الحكومي” وقد يوجّه أصابع الاتهام بتأخير التأليف إلى المملكة مباشرة.

الا أن الخروج من هذا التخبط، سواء كانت مسبباته داخلية أم خارجية، ممكن، بحسب المصادر، إذا توافرت النيات الصادقة. والطريق إلى إنجاز التأليف واضح، ويتمثل في احترام النصوص الدستورية واتفاق الطائف. فهما يقولان إن مهمة تأليف الحكومة من المسؤوليات الدستورية المناطة حصرا بالرئيس المكلف بالتعاون والتنسيق الكاملين مع رئيس الجمهورية، ما يعني أن دخول أطراف سياسيين آخرين على هذا الخط، أيا كانت مناصبهم وأحجامهم، من شأنه عرقلة الأمور وتعقيدها، والمطلوب تاليا وقف التشويش الخارجي وترك المهمة بين يدي الرئيسين عون والحريري. أما ثاني العوامل المسهّلة، فتكمن في اعتماد معايير واضحة و”موحّدة” لتمثيل الكتل في الحكومة، بعيدا من الضجة المثارة حول الأحجام الشعبية والنيابية و”الحقيقية” و”الوهمية”، على أن تنطبق على “الجميع”. وثالثها، الابتعاد عن خلق “أعراف” لا وجود لها في الدستور.

وإذ تعتبر ألا سبيل إلى الخلاص إلا عبر هذه “المفاتيح”، تكشف المصادر أن ثمة ضغوطا دولية قوية تمارس على بيروت لتبصر الحكومة النور في مهلة أقصاها 20 يوما، لتحصين ساحتها في وجه التطورات المقبلة إلى المنطقة، وعدم “إضاعة” المساعدات التي جنتها في مؤتمرات الدعم.