IMLebanon

سحب مفعول فائض القوة ضروري لـ”العهد القوي”

مع أن الجهات السياسية وتلك المعنية مباشرة بالنزاع العقاري حول المشاعات بين بلدتي العاقورة واليمونة الجرديتين قررت سحب الملف من التداول الإعلامي وتركه للمعالجات الأمنية والقضائية بعيدا من ردات الفعل الانفعالية، بيد أن الملابسات الأمنية والسياسية التي رافقت الإشكال الأخير لا يمكن أن توضع على الرف وكأنها لم تكن، ليس لغرض إعادة نكء الجراح أو إثارة العصبيات الدينية وتحريك الغرائز المذهبية التي اشتعلت بعيد هجوم المسلحين القادمين من اليمونة على عناصر شرطة بلدية العاقورة، بل للإضاءة على خطر استمرار إبقاء السلاح المتفلت في يد فئات معينة من اللبنانيين تستخدمه من منطلق فائض القوة لتمارس سياسة الترهيب على المواطنين “مدجّجة” بغطاء سياسي يمنحها امتياز الفوقية على سائر اللبنانيين المفترض أنهم سواسية في درجة المواطنة ويتمتعون بالحقوق نفسها.

أكثر من أربعين مسلحا، بكامل عتادهم العسكري انقضّوا فجأة في الأمس القريب على دورية لشرطة بلدية اليمونة ليس بغرض السرقة أو الخطف كما درجت العادة في مناطق بقاعية، ولا حتى لقتل العناصر على خلفية النزاع العقاري، فقد تعمّدوا إطلاق النار نحو الجزء الأسفل من السيارة، بل، كما تقول مصادر سياسية مواكبة لـ”المركزية” لتوجيه رسالة واضحة للدولة وهيبتها بشخص رئيسها تحديدا، لم يتوانوا عن الإفصاح عنها بقولهم “سلمولنا عالرئيس ميشال عون”.

والأنكى، أن هؤلاء أو من يقف خلفهم، اختار توقيتا محددا لإبلاغ رسالته إبان الانتشار الأمني في البقاع الشمالي حيث ينفذ الجيش عمليات دهم وتفتيش ويقيم حواجز بحثا عن مطلوبين بعدما ارتفعت أصوات نواب المنطقة متهمين الدولة بالتقصير والتقاعس عن فرض الأمن. فيما التقاعس الحقيقي يكمن، بحسب المصادر، في مكان واحد ولدى أهل السلطة أنفسهم، إذا أرادوا فعلا إرساء حل جذري لإشكالية السلاح المتفلت عشوائيا، إذ يكفي أن يصدروا تشريعات صارمة في ما يتعلق بالإخلال بالأمن ويوقفوا منح رخص حمل السلاح والتشدد الى الحد الاقصى في العقوبات المفروضة على مستخدميه، والا فإن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي الى انفجار في اي لحظة ما دامت الارضية جاهزة وجمر الاحتقان المذهبي كامن تحت رماد المعالجات الغائبة، حيث لم تتمكن الدولة واجهزتها من توقيف المعتدين ولا بذل الطرف الحزبي المعني، “الثنائي الشيعي” اي جهد لتسليم المعتدين الى الدولة او تعاون مع الاجهزة في هذا السبيل، لا بل لم يبدِ اكتراثا، ما دام هو المايسترو وضابط الايقاع الامني والسياسي في البلد، وفق المصادر، التي سألت عن مصير الاستراتيجية الدفاعية المفترض ان تضع حدا لتفلت السلاح وانفلاشه وتدعّم العهد القوي وسياسته المرتكزة الى المحافظة على الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، لاسيما على اعتاب ورشة النهوض المأمولة والموعودة من المؤتمرات الدولية وخصوصا “سادر”، والتي تشدد اوساط الهيئات الاقتصادية على ان لا استثمارات ولا نهوض اقتصاديا في ظل امن مضطرب يسببه السلاح المتفلت، في غفلة عن العين الامنية الرسمية وخططها الواجب ان تنبثق من نقطة منع  انتشار السلاح وجمعه تنفيذا لقرار مجلس الامن رقم 1559.