IMLebanon

اللبنانيون يصرخون من فواتير المولدات! (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

ارتفعت صرخة اللبنانيين في الأيام الأخيرة بفعل الارتفاع الحاد في فواتير اشتراك المولدات في مختلف المناطق اللبنانية بحيث بلغ اشتراك ال5 أمبير حوالى 100 دولار أميركي.

هكذا تعود إلى الواجهة مشكلة المولدات الكهربائية وأصحابها الذين يتركون جدلا حول صحة الفواتير التي يصدرونها. فبين التعرفة التي تقرّها البلدية استنادا إلى لائحة من وزارة الطاقة، والفاتورة التي تصل إلى المواطن، بات اللبناني يشك بأنّ الفواتير عادة ما تكون “ملغومة”، وأصحاب المولدات لا يلتزمون بتسعيرة البلدية، إما تواطؤاً وإما احتيالاً وإما خطأ من قبل المواطن الذي لا يدرك ساعات القطع وقرارات وزارة الطاقة في هذا الإطار، فأين المشكلة؟

أزمة غش أم معرفة!

في ظل الأزمة الاقتصادية التي باتت تصيب المواطن والضائقة المالية التي تفرض نفسها والارهاق المعيشي الذي يزداد على العائلات، “قرف” كبير يشعر به اللبنانيون، وصرخة وجع عادوا لإطلاقها بوجه أصحاب المولدات، وبوجه الدولة التي وعدت ولا تزال بتأمين الكهرباء 24/24 لكل اللبنانيين ولا تصدق.

المشكلة تعود من جديد، بسبب زيادة “التقنين”. بعض اصحاب المولدات في العديد من المناطق اللبنانية، يفرضون تعرفة تتخطى التسعيرة التي تعممها البلدية من دون أي حسيب أو رقيب. هكذا شكا عدد من مواطني برج حمود، الذين أشاروا الى ان تعرفة الـ5 أمبير كانت الشهر الفائت نحو 80 الف ليرة، بلغت هذا الشهر 120 الف ليرة، بسبب زيادة ساعات القطع، إلا ان المشكلة أنه في بعض احياء برج حمود، فإن التعرفة اختلفت نحو 25 الف ليرة زيادة، اذ بلغت تسعيرة الـ5 أمبير لبعض اصحاب المولدات 145 الف ليرة، علماً أن قرار البلدية واضح ويسري عليها.

ماذا تقول بلدية برج حمود؟

وفي حين، افاد مواطنون IMLebanon بأنّ البلدية على عكس المناطق الأخرى نظمت التضارب بين اصحاب المولدات وجعلتها منافسة مشروعة ومضبوطة، حاولنا الاتصال بالبلدية، فردت السكرتيرة، وبكل تهذيب أجابتنا ان رئيس البلدية لديه اجتماعا حاليا ولا نستطيع مكالمته، وعندما طلبنا رقمه، اعتذرت عن إعطاء رقمه الخاص وحولتنا إلى مساعدته. فعاودنا الاتصال بمساعدته، وبعد أن استفسرت عن الموضوع، وعدت بمعاودة الاتصال بنا من قبل عضو مجلس بلدية برج حمود جورج كريكوريان. لكن مع تأخر “الوعد”، استحصلنا على رقم رئيس البلدية، فاتصلنا به فلم يجب. وعاودنا الاتصال لاحقا بمساعدة رئيس البلدية، فكان الجواب ان استاذ جورج لا يأتي يوم الخميس، وواذا أتى سيكون “من حظيط، فطلبنا رقمه الخاص فكان الجواب “ما عنّا ياه”.

في الجديدة – البوشرية – السد، التزام بالتسعيرة التي تقررها البلدية. ففي أيار، كانت تكلفة الـ5 أمبير بـ100 ألف ليرة، لترتفع في حزيران هذه التعرفة إلى 130 الف ليرة لبنانية عن الـ5 أمبير، مع الاشارة إلى أن أصحاب المولدات يحصلّون 5 آلاف زيادة على الفاتورة، فتكون التعرفة لشهر حزيران 135 ألف ليرة لبنانية.

ويشير مختار البوشرية – السدّ شربل خوري لـIMLebanon إلى أن لا مشاكل في المنطقة بين المواطنين وأصحاب المولدات الذين يلتزمون بتسعيرة البلدية، لكنه لا ينفي وجود بعض المضاربات بين أصحاب المولدات أنفسهم، خصوصاً أنه يوجد نحو 200 مولّد على 48 ألف مسكن في المنطقة.

في جونيه مثلا، اختلفت تسعيرة اصحاب المولدات بين ايار وحزيران. وهي أصلا تختلف بين منطقة وأخرى بسبب تقسيم المنطقة على تسعة مخارج، بحيث أن كل مخرج يتضمن احياء معينة، تختلف ساعات القطع بين مخرج وآخر.

ففي غادير مثلا، كان سعر الـ5 أمبير في أيار نحو 83 ألف ليرة، والـ10 أمبير 166 ألف ليرة، حصّل أصحاب المولدات فاتورة الـ10 أمبير بـ250 ألف ليرة، أي بزيادة 84 الف ليرة عن الشهر السابق بحجة ان ساعات القطع زادت إلى 400 ساعة، كما يقولون، علما أن وزارة الطاقة أصدرت بيان شهر حزيران تضمن ساعات القطاع التي حددها بـ235 ساعة.

بلدية جونية، ومن خلال عضو بلديتها الذي يدير ملف الكهرباء والمولدات جوزف باسيل، تؤكد ان أسعارها هي الارخص مقارنة بالمناطق المحيطة بها. وهي تلتزم بالأسعار التي تقررها وزارة الطاقة، وبالتالي البلدية ليس لها علاقة لا من بعيد ولا من قريب بالتسعيرة. بل هي تحصل من الوزارة على لائحة بساعات القطع وعلى أساسها تقرّ التسعيرة.

وشرح باسيل لـIMLebanon كيفية تحديد الأسعار، فمنطقة جونية مقسّمة وفق شركة الكهرباء إلى 9 مخارج، كل مخرج يتضمن مناطق معينة، وتحتلف ساعات القطع بين مخرج وآخر. والمخارج هي جونية -2- ساعات القطع لشهر حزيران 224 ساعة، مخرج علمايا 232 ساعة، مخرج حارة صخر 250 ساعة، مخرج ساحل علما 228، مخرج كسليك -1- 234 ساعة، مخرج كسليك -2 -234 ساعة، مخرج جونيه بحر 284 ساعة، مخرج happy زوق 293 ساعة، ومخرج سمايا 293 ساعة.

وزارة الطاقة تحدد سعر ساعة القطع، آخذة بالاعتبار الأرباح وسعر المازوت والصيانة، فيما البلدية لا تحدد الأسعار بل هي تتلقى من الوزارة سعر ساعة القطع. والمشكلة اليوم، ان سعر المازوت ارتفع، وتم تحديد سعر الـ5 أمبير 421 ليرة، فتقوم البلدية بضرب ساعات القطع بالسعر الذي حددته وزارة الطاقة عن كل ساعة قطع. فاذا أخذنا مخرج جونية -2- على سبيل المثال، فنضرب 224 x 421 يساوي 95 الف ليرة، تضاف اليها 5 آلاف ليرة من قبل البلدية، ثمن إنارة للشوارع العامة المفروضة على اصحاب المولدات.

وفي غادير مثلا، التي تدخل ضمن مخرج “هابي زوق”، وبعملية حسابية بسيطة، يتم ضرب 293x 421 تساوي نحو 123 الف ليرة، والتعرفة لحزيران كانت 125 الف ليرة.

لا مسؤولية على البلدية بتحديد الاسعار، كما يشدد باسيل، وعلى المواطن أن يعرف ان وزارة الطاقة هي التي تحدد الاسعار. والبلدية تأخذ دور القاضي بين فريقين، المواطن والوزارة. وسبب صرخة الناس ان التقنين كان كبيرا هذا الشهر وأسعار المازوت ارتفعت.

رأي أصحاب المولدات!

عضو تجمع أصحاب المولدات قزحيا منصور، نفى ان يكون الجميع مافيات و”زعران وحراميي”، من دون أن ينفي إمكان وجود تواطؤ بين بعض أصحاب المولدات “الجشعين” وبعض البلديات في بعض المناطق. واكد لـIMLebanon أن الزيادة في أسعار المازوت هي التي ترفع تعرفة المولدات الكهربائية، وأصحاب المولدات يلتزمون بالتسعيرة التي تأتي من وزارة الطاقة، مع العلم ان البلدية ليست مسؤولة عن تحديد التسعيرة، إنما تأتيها من الوزارة.

واكد أن اصحاب المولدات بشكل عام ليسوا هم المسؤولون عن الزيادة، فعلى سبيل المثال، اذا كان ثمن صفيحة المازوت 10 آلاف ليرة بدل 20 الف، فإن ساعة القطع ستحدد بنحو 210 ليرة بدل 421، وبالتالي التسعيرة ستكون منخفضة.

ففي بلدية زوق مصبح مثلا، اذا أتت التسعيرة من قبل وزارة الطاقة بحسب ساعات قطع تبلغ 250 ساعة، البلدية تحسم نحو 15 ساعة وتحدد لصاحب المولّد تسعيرة بحسب 235 ساعة قطع، وبالتالي ليس كل البلديات متشابهون ولا حتى اصحاب المولدات، الذين هم ايضاً يمرون بضيقة وبضغوط اجتماعية ومعيشية على غرار المواطنين الآخرين.

ويقول منصور: “على المواطن اذا كان يملك اثباتاً جدياً عن وجود تواطؤ بين بلدية معينة وصاحب مولّد، فليتقدم بشكوى امام وزارة الاقتصاد، عندها فلتتحرك النيابات العامة والأجهزة المعنية، لكن لا يجوز استمرار تعميم اتهام السرقة والجشع على كل أصحاب المولدات”.

منصور حمّل الدولة مسؤولية استمرار هذا الوضع، خصوصاً انها التزمت مرات عدة مع المواطنين بتأمين الكهرباء 24/24 ساعة، إلا أن هذا لم يحصل مع كل من تسلموا وزارات الطاقة من الـ2005 حتى اليوم، وبالتالي عندما تتأمن الكهرباء فإن قطاع المولدات الكهربائية يذوب تلقائياً، معتبراً ان لا كهرباء ستتأمن من دون دخول القطاع الخاص على قطاع الكهرباء.

وكشف أن الدولة اللبنانية هي المستفيد الأول من استمرار قطاع المولدات الكهربائية، نظراً إلى حجم استهلاك هذا القطاع للمازوت وما تحصله من TVA من هذا الاستهلاك، لذلك هي لا تريد أن تؤمّن الكهرباء.

التسعيرات كما صدرت عن وزارة الطاقة!

في الشهرين الاخيرين، أي أيار وحزيران حددت وزارة الطاقة والمياه “السعر العادل” لتعرفات المولدات الكهربائية الخاصة وفق الآتي: عن شـهر أيار: 405 ل.ل. كل ساعـة تقنـين للمشتـركين (بقدرة 5 أمبير)؛ 810 ل.ل. (بقدرة 10 أمبير)، 281 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.

أما عن شهر حزيران، فارتفعت تسعيرة وزارة الطاقة، بسبب ارتفاع معدل ساعات القطع في المناطق اللبنانية، كما تقول، فبعد أن بلغ معدل ساعات القطع في المناطق اللبنانية كافة في شهر أيار210  ساعات خارج بيروت التي تنقطع فيها الكهرباء 4.5 ساعات يومياً، بلغ معدل ساعات القطع في المناطق اللبنانية كافة في شهر حزيران 235 ساعة خارج مدينة بيروت، مع ابقاء معدل التقنين ذاته لمدينة بيروت. أي بزيادة 25 ساعة تقنين عن شهر أيار.

وأصبحت التسعيرة لتعرفات المولدات الكهربائية في حزيران وفق الاتي: 421 ل.ل. كل ساعـة تقنـين للمشتـركين (بقدرة 5 أمبير) 842 ل.ل. (بقدرة 10 أمبير)، 292 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.

كيفية احتساب التسعيرة

التسعيرة الخاصة للمولدت الكهربائية تعتمد على مكونين، الأول هو سعر المحروقات، والثاني، الثابت كلفة صيانة التشغيل. هذا يعني

أن تعرفـة شهر ايار كانت مبنية على أساس سعر وسطي لصفيحة المازوت الاخضر (20 ليتر) البالغ 19345 ل.ل. وذلك بعد إحتساب كافة مصاريف وفوائد وأكلاف المولدات بالإضافة إلى هامش ربح جيد لأصحابها؛ بينما تعرفة شهر حزيران كانت مبنيّة على أساس سعر وسطي لصفيحة المازوت الأخضر (20 ليتراً) 20090 ل.ل.، وبذلك يكون فارق صفيحة المازوت بين أيار وحزيران 745 ليرة لبنانية.

التدابير اللازمة لضبط تسعيرة المولدات الخاصة

اللافت إلى ان وزارة الطاقة ترسل إلى وزارتيّ الداخلية والاقتصاد كُتباً حول تسعيرة المولدات عن كل شهر للقيام بالمقتضى بحسب آلية الضبط المشتركة، من هنا، مسؤولية هاتين الوزارتين، وخصوصاً وزارة الاقتصاد، مواكبة التزام اصحاب المولدات بتطبيق قرارات وزارة الطاقة، التي مهمتها حماية المواطنين من التفلت في الأسعار، كما مسؤولية المواطنين التقدم بشكوى اليهما عند وجود أي تجاوز او خطأ من قبل البلدية أو من قبل اصحاب المولدات، وعدم الاهمال.

وفي النهاية، لا حل نهائياً إلا بحل أزمة الكهرباء المستعصية في لبنان بسبب تضارب المصالح السياسية ما ينعكس سلباً على مصالح المواطنين في دولة تعجز عن تأمين الحد الأدنى من الخدمات والبنى التحتية الأساسية لمواطنيها كالكهرباء في القرن الواحد والعشرين.