IMLebanon

“التيار” يخرج عن صمته: ترميم اتفاق معراب بعد التأليف

“ولعانة” قد تكون التعبير الأبلغ لوصف العلاقات السياسية بين “التيار الوطني الحر” وسائر الأفرقاء السياسيين، وعلى رأسهم “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”. ذلك أن في غمرة الغرق الجماعي في حرب تناتش الأحجام الوزارية، كانت تغريدة تعد – في الأحوال العادية – مجرد رد من نائب سابق على تصريح أطلقه وزير، كفيلة بإشعال حرب كلامية بين ممثلي الحزبين ليست إلا تعبيرا صارخا عن قلوب سياسية وحكومية “مليانة” بينهما، على وقع تصلب مواقفهما في ملف تشكيل الحكومة العتيدة بين التمسك الجنبلاطي بما يسميه زعيم المختارة “الحق” في الحصة الثلاثية الدرزية، من منطلق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة. في المقابل، يصر “التيار الوطني الحر” على ما يعتبره، هو الآخر، “حقه” في ترجمة الانتصار الانتخابي البرتقالي في دائرة الشوف – عاليه (التي تعد أهم المعاقل الاشتراكية) مقعدا وزاريا يشغله النائب طلال أرسلان، وهو الخصم الأهم لجنبلاط على الساحة الدرزية.

وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون لم يبلغ الخاتمة السعيدة التي أمل فيها من دعوة النائب السابق وليد جنبلاط إلى بعبدا الأسبوع الفائت، في محاولة منه لنزع الألغام السياسية التي تصعّب المهمة على رئيس الحكومة المكلف، فإن “التيار الوطني الحر” يزداد إصرارا على موقفه، بدليل أن بعض الدائرين في فلكه يؤكدون لـ”المركزية” أن “نتيجة الانتخابات لن تلغى وستؤخد في الاعتبار في خلال تأليف الحكومة ونقطة على السطر”.

ويذكّر هؤلاء أيضا “بأننا خضنا معركة انتخابية في الجبل وفزنا بـ4 نواب وحقهم في أن يكون لهم تمثيل في الحكومة العتيدة، وإن كانوا ضمن “تكتل لبنان القوي”، مشيرين إلى أن “كل هذه الاشتباكات تدفعنا إلى مطالبة الرئيس المكلف بمعيار موحد لتأليف الفريق الوزاري المنتظر”.

وفي ما يخص احتمال بقاء “الاشتراكي” خارج الحكومة إذا شعر برغبة في إحراجه لإخراجه، تلفت الأوساط إلى أن “إذا قرر جنبلاط عدم المشاركة، فإن الخيار يكون نتيجة قرار شخصي، علما أن سبق لنا أن حصلنا على أكثرية 72% من الأصوات المسيحية في انتخابات عام 2005 بقانون هو الأسوأ، وبقينا خارج الحكومة، ومساعي الحل في هذا الشأن يجب أن يقوم بها الرئيس المكلف”.

أما على خط ميرنا الشالوحي – معراب، عادت “القوات اللبنانية” إلى شعارها الانتخابي “صار بدا” لترد على الاتهامات البرتقالية لها بتضخيم حجمها في محاولة لتوسيع رقعة تمثيلها الوزاري، ذاهبةً إلى حد نشر الجانب السياسي لاتفاق معراب الذي أصابت الرصاصات السياسية التي تلقاها من طرفيه، فيه مقتلا، وإن كان العونيون والقواتيون يلتقون على ضرورة المحافظة على ما تبقى منه، من باب صون مصالحة ثنائية شعر المجتمع المسيحي بانعكاساتها الايجابية على المستوى الشعبي.

انطلاقا من هذه الصورة، وفي انتظار ما ستؤول إليه مساعي “فاعلي الخير”، (على رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يستضيف عرابي التفاهم النائب إبراهيم كنعان ووزير الإعلام الخميس إلى مائدة الغداء) لرأب الصدع بين الطرفين، تحدث رئيس “القوات” سمير جعجع عن إشارات ايجابية أطلقها رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل في اتجاه معراب، قد تكون مقدمة لعودة الأمور إلى مجاريها بين الحزبين.

وفي السياق، توضح الأوساط أن “أول إشارة ايجابية تكمن في حصر الرد العوني في المجال الإعلامي، بعيدا من الوزراء والنواب، وسنوجه تعاميم إلى الملتزمين في صفوف “التيار الوطني الحر” لعدم نبش الماضي حرصا على المصالحة المسيحية – المسيحية. لكن في السياسة، بات واضحا أن “القوات” حشرت نفسها عن طريق نشره”، منبهةً إلى أن “عدم احترام المناصفة أتى لأن الاتفاق السياسي لم يعد قائما بيننا وبين “القوات” منذ استقالة الرئيس الحريري”. ثم إننا نسأل: “ألم تر القوات سوى أخطاء “التيار الوطني الحر”، وهذا استهداف سياسي للتيار لأنهم لا يريدون لنا أن نسجل إنجازا في هذا العهد؟”

غير أن الأوساط نفسها تبدو مصرة على التمسك بالتفاؤل الذي يطبع المواقف البرتقالية في خلال الاستحقاقات الكبيرة، فتلفت إلى أن “بعد تأليف الحكومة، قد نلتقي مع “القوات” مجددا لوضع النقاط على الحروف، علما أننا حريصون على توليفة وزارية يلتم الشمل السياسي تحت سقفها، لكن هذه العملية في يد الرئيس المكلف الذي يتعين عليه أن يتحمل مسؤولياته في هذا الإطار”.