IMLebanon

قواسم مشتركة بين تفاهمي معراب ومار مخايل

لم تقتصر تداعيات نشر وثيقة “تفاهم معراب” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بهدف وضع النقاط على الحروف، كما تؤكد أوساط معراب، على الحزبين لناحية إظهار من يخل بالاتفاق وفضح الجهة التي خرجت عن تعهدها فحسب، بل أصابت شظاياها الحزبين معا من خلال ما تكشفت عنه النصوص من مضامين شكلت مادة دسمة لسائر القوى المسيحية لاستثمارها وفتح نيران الاتهام باحتكار التمثيل المسيحي وإقصاء وعزل الاخرين.

وبعد الانتقادات التي وجهت من أكثر من طرف للثنائي الشيعي على خلفية اختزاله الطائفة الشيعية بـ”حزب الله” و”حركة امل” وقمع أي صوت آخر في شارعه وكمّ أفواه كل من يخالف توجهاته السياسية، يتعرض تفاهم معراب الى الحملة ذاتها في الشارع المسيحي، وحتى على المستوى الوطني، باعتبار “أنه اتفاق حصصي يقوم على المناصفة في الحصة المسيحية في الحكومة والإدارة. فـ”التيار” و”القوات” يمثلان ما يزيد على 80% من الشارع المسيحي بمعزل عن القوى المسيحية السياسية الاخرى، وهذا ما عكسته السجالات القائمة بين قيادتي الحزبين. في هذا المجال، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” إن تفاهم معراب قام على مسلمات ثلاث: المصالحة المسيحية التي تحققت ورحبت بها المرجعيات الوطنية والروحية وتحديدا بكركي التي ستعمل على تحصينها وتعويمها، دعم ترشيح العماد ميشال عون وفي حال وصوله دعم العهد، الشراكة السياسية في الحكومة وفي الادارة. وتضيف: ان ما ايدته القوى السياسية والوطنية في الاتفاقين هو شق المصالحة لمنع اقتتال الاخوة في الطائفة ووضع حد للمواجهات سواء في الشارع المسيحي او الشيعي. وقد كان لهذا الشق بالذات أثر بالغ الإيجابية على المستوى الوطني عموما والمسيحي خصوصا، وفي الداخل كما في الخارج الذي لم يتوان عن الترحيب بطي صفحة النزاع المسيحي المزمن، وقد بذلت بكركي جهودا كثيرة في اتجاه وضع حد له ولعب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي منذ وصوله دورا لتحقيق المصالحة من خلال مبادرات جمعت القادة الموارنة لتكريس المصالحة في الشارع المسيحي ووقف المواجهات وإرساء هدنة سياسية إعلامية. وستعيد الكرّة راهنا لترميم التفاهم في شق المصالحة ومنع عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل التفاهم. وكما على الساحة المسيحية كذلك إسلاميا، فاتفاق “امل” – “حزب الله” أوقف الاقتتال داخل الشارع الشيعي ليحل محله جو من التعاون والتنسيق والعمل المشترك في الحكومة والادارة.

من هذا المنطلق، تعتبر المصادر أن الرفض السياسي للاتفاقين مرده إلى أنهما يختزلان صوت الآخر ويكرسان احاديات في الطوائف. ففي المقلب المسيحي، ثمة اصوات تعتبر ان التفاهم يرفض الاعتراف بأحزاب كـ”الكتائب” و”المرده” و”الأحرار” و”الكتلة الوطنية” والقوى المستقلة وفاعليات وشخصيات مسيحية سياسية كانت من ضمن 14 أذار تأطرت في تجمعات سياسية، ما يحوّل الحكم الى كونفديرالية طوائف. وفي معرض تعليقها على مضمون اتفاق معراب، تسأل أوساط كتائبية كيف يمكن لحزبين يختلفان في النظرة الاستراتيجية ان يتفقا سياسيا، فـ”التيار” وقع مع “حزب الله” على ورقة تفاهم مار مخايل التي تدعم تبني خيار الحزب في المقاومة تشريع السلاح خارج حصريته بيد الدولة. اما في البند الرابع من الاتفاق “بناء الدولة”، فيكشف الوزير جبران باسيل ان هناك خلافا بين “التيار” والحزب الذي لم ينفذه، كما لم يلتزم بالبنود المتعلقة بالمسألة الأمنية. ورغم الخلاف لا يزال الحزبان يتمسكان بالاتفاق ويرفضان اعتباره لاغيا. وتبعا لذلك، ترى اوساط الكتائب، انه لم يكن ممكنا الالتزام الكامل بتفاهم معراب لتعارضه استراتيجيا مع اتفاق مار مخايل، وهذا ما سبق لمعارضيه ان اشاروا اليه عند توقيعه، لافتين الى انه تفاهم مصلحي قائم على “باطل” وليس وطنيا بدليل انه خال من اي موقف قواتي من بناء الدولة واعتراضها ورفضها اي سلاح خارج الشرعية تحت اي عنوان.