IMLebanon

ملف تشكيل الحكومة على… “حبْلٍ مشدود”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم يعد مهماً الجوابُ الذي طال انتظاره حول اذا كان تأخُّر تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان مرتبطاً بمنحى تريُّثي يرمي الى ترقُّب ما ستفضي اليه القمة بين الرئيسيْن الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين الاثنين المقبل، ذلك ان هذا الربط، سواء كان  «متعمَّداً» أم لا، بات واقعاً مع استبعاد «أعجوبة» تحقيق انفراج في مسار التأليف في الأيام الأربعة المقبلة اي قبل ان تصبح كل المنطقة محكومةً بما ستفضي اليه قمة هلسنكي من تفاهماتٍ حول قوس الأزمات التي أصاب وهجها «بلاد الأرز» ولا سيما الحرب في سورية كما حول «ترسيم النفوذ» بين اللاعبين الاقليميين والدوليين وحدود الدور الإيراني والتأثيرات الجيو – سياسية لذلك.

ورغم الانطباع بأنّ عدم ولادة الحكومة بعد 49 يوماً من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها مردّه لإدراك عميق من الأخير بالمخاطر الكبرى لأي «دعسة ناقصة» على شاكلة الخروج على المجتمعيْن العربي والدولي بتشكيلة تُفسَّر على أن لـ«حزب الله» وحلفائه «الوزن» الأكبر فيها وهو ما يجعل الحريري يرفض أي تحجيم لحزبيْ «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» متمسّكاً بالإبقاء على توازن ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة في مجلس الوزراء، فإن الخشية تَبْرز من أن تنفتح مرحلة ما بعد قمة ترامب – بوتين على مزيدٍ من التعقيدات في مسار التأليف ولا سيما اذا تكشّف لقاؤهما عن تفاهمات قد تدفع قوى اقليمية مثل إيران لمنحى أكثر تَشدُّداً في ساحات نفوذها سواء لـ «تسييل» تفوُّقها على مستوى مركز القرار أو توجيه رسائل متعدّدة الطرف للأقربين والأبعدين.

واذ استأنف الحريري أمس اتصالاته مع الأطراف المعنية بالملف الحكومي والتقى زعيم «التقدمي» وليد جنبلاط وشخصيات أخرى من ضمن جدول اجتماعات يشتمل أيضاً على كل من رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وزير الخارجية جبران باسيل على ان يزور في ضوء هذه اللقاءات الرئيس عون، فإن كواليس مفاوضات التشكيل باتت تضجّ بتداخُل حساباتٍ تعقّد عملية التأليف، وأبرزها: أولاً رغبة باسيل في ان تبلغ حصة تكتل «لبنان القوي» الذي يترأسه (يضم 29 نائباً) مع حصة رئيس الجمهورية 11 وزيراً (الثلث المعطّل) لاعتباراتٍ تتصل بالحصول على «ورقة قوة» في استحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تشكّل «عاملاً خفياً» في مسار التشكيل. وثانياً عدم انزعاج «حزب الله» من تكبير «التيار الحر» حجر حصّته اذا كان ذلك سيفضي في نهاية «المفاصَلة» لجعْل حصة الحريري و«القوات» و«التقدمي» لا تتجاوز 10 أو 11 بينهم تمثيل النواب السنّة الموالين للحزب، بما يترجم الموازين الجديدة التي عبّرت عنها نتائج انتخابات 6 مايو التي اعتبرتْها طهران بلسان الجنرال قاسم سليماني انتصاراً لحزب الله بـ 74 نائباً من اصل 128.

ولعلّ هذا ما يفسّر إصرار الحريري، الذي تؤكد مصادره تَمسُّكه بضرورة تشكيل الحكومة سريعاً، على عدم تأطير مسار التأليف بمعيار الأحجام وفق نتائج الانتخابات، نسبةً وتناسُباً، وتحبيذه خيار حكومة القوى الأكثر تمثيلاً والتي تكون مرتاحةً الى حجمها في الحكومة التي يريدها تالياً وفق مقاييس سياسية وليس نسبية وتستند الى توازنات الحكومة الحالية التي انبثقتْ من التسوية التي أفضت الى انتخاب العماد عون رئيساً بعد «التضحية» و«المخاطرة الكبرى» التي قام بها الحريري، ولاسيما ان الانتخابات لم تبدّل في خريطة الأطراف الوازنة سياسياً وداخل طوائفها.

وفي حين لفت استقبال الحريري سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان، وسط مطالباتٍ خارجية بتشكيل الحكومة بأقرب وقت لبدء ترجمة نتائج مؤتمرات الدعم ولا سيما «سيدر 1» ومع مراعاة وجوب تفادي التسبب بأي «نقزة» للمجتمع الدولي من خلال تركيبة الحكومة وتوازناتها، كان رئيس البرلمان نبيه بري يقوم بـ «نقْلة» على «رقعة» الضغط نحو استيلاد سريعٍ للحكومة من خلال إبلاغه النواب الذين التقوه أمس في أول «لقاء أربعاء» يعقده بعد الانتخابات انه حدّد الثلاثاء المقبل موعداً لجلسة عامة لانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية، وأنه سيدعو بحال لم تكن الحكومة قد أبصرت النور في الأسبوع الذي يلي ذلك الى جلسة تشاور حول التأخر في تأليفها.

وإذا كانت جلسة انتخاب اللجان الـ 16 غير مألوفة قبل تشكيل الحكومة، فإن التلويح بجلسة «التشاور» ينذر بـ «حساسيات» دستورية باعتباره دخولاً من البرلمان على صلاحيات رئيسيْ الجمهورية والحكومة في التشكيل، وسط ملاحظة دوائر سياسية غياب أي من نواب «لبنان القوي» عن «لقاء الأربعاء»، ناهيك عن ان مثل هذه الجلسة يمكن ان تفاقم أزمة التأليف بحال «انفجار» الخلافات حول الحصص على منبر البرلمان.

وفي موازاة ذلك، يسود الترقب اللقاء الذي يعقده اليوم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع «عرابيْ» تفاهم معراب بين «التيار الحر» و«القوات» اي الوزير (القواتي) ملحم الرياشي والنائب ابراهيم كنعان، في سياق محاولة احتواء تأثيرات أي عودةٍ لعلاقتهما الى ما قبل التفاهم على البيت المسيحي (ولو تحت سقف رفض الكنيسة منطق الثنائيات)، وذلك في ضوء رفْض التيار ان تحصل «القوات» على تمثيل وزاري وازن تعتبر الأخيرة انه يكون بنيْلها 5 مقاعد بينها نيابة رئاسة الحكومة او وزارة سيادية او 4 مقاعد بحقائب دسمة، فيما لم يتراجع التيار بعد عن حصولها على 3 مقاعد وإلا كانت حصته عندها من 8 و5 لرئيس الجمهورية.