IMLebanon

نواب “صولو” في كسروان… والبون “مِختفِي”!

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “الجمهورية”:

يخطئ من يظن أنّ ذيول الانتخابات النيابية في كسروان قد انتهت. بعد إقفال صناديق الاقتراع وإعلان النتائج إنتقلت دائرة كسروان الى مرحلة جديدة من الكباش بين «الحلفاء» أكثر بكثير بينهم وبين خصومهم!

بعد 6 أيار إنقلب المشهد في جورة بدران، مسقط رأس النائب السابق منصور البون، رأساً على عقب. أبواب منزل «أبو فؤاد» مقفلة أمام ناسه الذين تعوّدوا الدخول من دون إستئذان، ينتظرون «الشيخ منصور» بعد يوم خدماتي طويل بين دوائر جونية وبيروت وزيارات العزاء والأفراح طلباً لخدمة.

حليف «التيار الوطني الحر» على لائحة «الأقوياء» في دائرة كسروان- جبيل يمرّ بمرحلة «نفسية» صعبة لم يخرج منها بعد على رغم مرور ثلاثة أشهر على الانتخابات. حتى أقرب أصدقاء البون لم يعد يرَ مبرراً لهذا الإعتكاف الطويل.

زيارة واحدة يتيمة قام بها الى بعبدا بعد الانتخابات حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، و«مواجهة» أخرى مع الوزير جبران باسيل. «فشّ خلقه» في لقاء المصارحة، وبعدها قفل عائداً الى «صومعته» يقطع صمتها أحياناً «سفرات» محدودة الى الخارج.

أول الخاسرين على لائحة تكتل «لبنان القوي» نال 6589 صوتاً تفضيلياً بفارق 204 أصوات عن آخر الرابحين على اللائحة روجيه عازار، مرشح «التيار» الحزبي الوحيد في كسروان!

لا نصيب لـ«الشيخ منصور» مع العونيين. عاداهم ووقف بوجههم عامي 2005 و2009 وخسر، ثم حين قرّر التحالف معهم في أيار الماضي سقط بـ«الضربة القاضية». في الاستحقاقين السابقين تفهّم كثيراً دواعي الخسارة و«لم يزعل». في الأول كان هناك «تسونامي عون» ودمّ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في الثاني فرز عمودي حاد بين 8 و14 آذار. لكن ما سبب الخسارة على لائحة «العهد القوي»؟

في الكلمات القليلة جداً التي يردّدها أمام من يقطع عزلته «أنا أتحمّل المسؤولية، لا أريد أن أختبئ وراء إصبعي، لكنّ زعلي كبير هذه المرة. «ما كان لازم إخسر، كيف خسرت؟!»

من واكب انتخابات كسروان يعلم أنّ البون في قرارة نفسه يحمّل «تركيبة» اللائحة بفرض باسيل إدخال نعمة إفرام اليها، والمال الهائل الذي استخدمه مرشحون «حلفاء» على اللائحة مسؤولية «إقفال بيته» السياسي والخدماتي. الناخبون صوّتوا لأسماء وليس للوائح.

الاستنتاج «البوني» المختصر «لائحتنا الوحيدة التي دار «لعب البوكس» بين أعضائها. لم يحصل ذلك مع فريد هيكل الخازن الذي لفّ حوله فارس سعيد، ولا حتى على لائحة القواتي شوقي الدكاش»!

ظنّ البون أنّ العهد «بظهره»، ورصيده الخدماتي سيَفيه حقه بعد «ماراتون» شاق للجلوس مجدداً على مقاعد النواب، لكنّ خيبة الأمل كانت بالمرصاد. نُصِح «الشيخ» بتقديم طعن الى مجلس الشورى، يردّ «لا تربيتي ولا أخلاقي تسمح بذلك»، رغم وضعه علامات استفهام كبيرة حول 1019 ورقة ملغاة، وتصويت المغتربين و«المال» الذي أغرق كسروان!

لكن ما لا يعلمه نائب كسروان السابق، أو يعرفه ويطنّش تحت ضغط الإحباط، أنّ الفائزين على اللائحة يتصرّفون كمَن ربح كل واحد منهم على لائحة منافسة. ولّت أيام تربّع «الجنرال» عون على عرش قيادة «معقل» الموارنة ونوابه. لا مرجعية في كسروان بل «مشاريع دكاكين»، ونواب «المفرّق» يخدمون كسروان «صولو»!

بعد الانتخابات، لم يُجر «التيار» الذي وُجِد بعض ناشطيه مُشتتين على لوائح أخرى أي مراجعة ذاتية أو محاسبة على الأداء، رغم الآثار السلبية لمعركة الانتخابات التمهيدية الداخلية ضمن الحزب «البرتقالي»، و«تواضع» النتيجة في الصناديق، وتسلّل مئات الأصوات العونية، حتى الحزبية، نحو «الحليف» نعمة إفرام ولوائح أخرى!

في دائرة كسروان – جبيل التي خُرقت لائحتها الرئيسية (8 مقاعد) بمقعدين قواتيين وثالث إنتزعه فريد هيكل الخازن ورابع «تصيّده» المرشح الشيعي على لائحة الأخير مصطفى الحسيني بـ 259 صوتاً تفضيلياً، يغنّي نواب المنطقة كلّ على ليلاه، تحديداً ضمن لائحة «لبنان القوي».

رغم النكسة في «معقل» عون السابق تحدّث الوزير باسيل، خلال افتتاحه قبل عشرة أيام مكتب الخدمات في «التيار»، عن «ربح» سينتج عنه تمثيل كسروان بوزير من «التيار»، معتبراً أنّ الفوز بثلاثة مقاعد من أصل خمسة في قضاء كسروان يكرّس بقاء الأكثرية بيد «التيار». وفق المعلومات، يزكّي باسيل خيار ندى البستاني مستشارته السابقة في وزارة الطاقة والمستشارة الحالية للوزير سيزار ابي خليل.

حين تحدّث باسيل عن النواب الثلاثة كان يقصد صديقه نعمة وعازار والعميد شامل روكز. الأخير قاطع الاحتفال، وإفرام لم يحضر، كذلك بداً لافتاً غياب بعض مسؤولي «التيار» في كسروان.

ربما سيكون حضور روكز صعباً، خصوصاً حين سيسمع باسيل يقدّم مرة جديدة «وِسام» العمل الخدماتي في القضاء لعازار، تماماً كما فعل في «لقاء ميروبا» الانتخابي قبل أيام من الانتخابات.

وهو اللقاء، بحسب قريبين من روكز، الذي أخرج الأخير عن طوره ودفعه الى توجيه اتهامات صريحة لباسيل بإعطاء كلمة السر للعونيين بالتصويت لعازار، ومن ثم قلب المزاج الكسرواني ضده بسبب خطابه «غير المسؤول والمتهوّر». أكبر الاخفاقات، برأي الضابط السابق، إنخفاض نسبة الاقتراع وهي مسؤولية خطاب وأداء قيادة «التيار» على كامل الدوائر الانتخابية!

لا شيء يدلّ على أن المناخ اختلف بين باسيل وروكز بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات. بنظر العميد السابق «تركيبة» اللائحة أسهمت في تفخيخها من الداخل، خصوصاً بانضمام إفرام وعازار اليها. الأول «إشترى» العونيين، والثاني «اشترى» محازبي «التيار».

وباسيل الذي اعترف أمام أنصاره قبل أيام بأنّ «الظروف» لم تسمح بالفوز بأربعة مقاعد في قضاء كسروان، يرى أنّ روكز لم يكن أهلاً لمعركة بهذا الحجم، فيما طبيعة قانون الانتخاب أدّت الى خسارة المقعد الشيعي العائد لربيع عواد. بنظر باسيل خسارة منصور البون خسارة لروكز وليس له أو للائحة!

بعد أيام يستعد «التيار» لإقامة احتفال خاص في ذكرى السابع من آب في كفرذبيان بحضور الوزير باسيل، فيما لم يقرّر روكز بعد المشاركة من عدمها. العارفون يجزمون: «الفجوة بين «الصهرين» باتت أكبر من أن تردمها أي وساطة حتى رئاسية».

سيبدو المشهد سوريالياً رؤية روكز وعازار وإفرام على طاولة واحدة في جلسة عصف فكري من أجل «إنماء أفضل» لكسروان، ومحاكاة لجولة ثانية من خوض الانتخابات معاً لرفع الحاصل في الدائرة الى خمسة أو ستة. تضعضع الصفوف فرصة مثالية لـ»القوات» لتكمّل انتصارها الكسرواني بـ«سحب» المزيد من مناصري «التيار» والاحزاب الأخرى والعائلات و«الشغل» على المقاطعين، ولفريد الخازن من أجل أن يكبّر دائرة زعامته التي سحبها من «زلعوم» العونيين.