IMLebanon

لا حكومة قبل عودة الجميع إلى مبدأ الحياد

لا يمكن فصل التغريدة التي أطلقها الرئيس المكلف سعد الحريري عبر “تويتر” عن التعثر الذي يصيب عجلات عربة التأليف الحكومي، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”. حتى أن الكلمات القليلة التي دوّنها على صفحته قد تختصر “جوهر” المشكلة التي تعوق حتى الساعة، إبصار التركيبة الوزارية المنتظرة، النور. فهو كتب “بعض السياسيين بلبنان راكضين يروحوا عسوريا قبل النازحين …يا سبحان الله مدري ليش”.

والحال، أن الرئيس المكلف يتأكد، يوما بعد يوم، أن الصراع على الحصص والأحجام على الضفة الحكومية ومطالبة فريق “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وحلفائهما بـ”معايير موحدة” لتمثيل الكتل النيابية، هو لانتزاع “أكثرية” في مجلس الوزراء، ستكون “الأداة” لتحقيق أبرز المشاريع التي يريدانها في المرحلة المقبلة، ألا وهي تطبيع العلاقات مع دمشق.

ففي وقت أكد رئيس “التيار” وزير الخارجية جبران باسيل علنا منذ أسابيع أن “الطرق بين لبنان وسوريا، سوريا والعراق، وسوريا والأردن ستفتح وسيعود لبنان إلى التنفس من خلال هذه الشرايين البرية، كما ستعود الحياة السياسية بين سوريا ولبنان”، باشر “حزب الله” العمل، قولا وفعلا، لتحقيق التطبيع. وكانت أبرز تجليات هذه المساعي في الزيارة التي قام بها وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى سوريا في الأيام الماضية، وفي موقف رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي رأى أن “من أولى مهام الحكومة اللبنانية المقبلة أن تشرع في التأسيس لعودة العلاقات الدافئة مع سوريا من أجل حل الكثير من المشاكل والتخفيف من الأعباء على لبنان، ومن أجل فتح الأبواب أمام مساهمات اللبنانيين واستثماراتهم في إعمار سوريا وإعادة البناء فيها”.

وفي وقت تشير إلى أن ثمة إصرارا من الفريق المذكور على إعادة وصل ما انقطع بين بيروت ودمشق في السنوات المنصرمة، معتبرةً أن كل هذه المستجدات تصب في خانة الضغط على الحريري لدفعه إلى التسليم ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة و”هضم” الأمر الواقع هذا، تقول المصادر إن الرئيس المكلف ليس في هذا الوارد، وهو متمسك بسياسة النأي بالنفس من جهة وبمبدأ الابتعاد عن كل القضايا الخلافية، من جهة ثانية، والذي اعتُمد في الفترة السابقة، ولعل أبرز هذه الملفات الشائكة “العلاقات مع دمشق”.

أمام هذا الشرخ العمودي، يبدو من الصعب توقّع الولادة الحكومية قريبا، دائما وفق المصادر، إلا إذا… والموقف التصعيدي للرئيس الحريري دليل إلى أن العقبات، لاسيما تلك السياسية – الاستراتيجية منها، لا تزال تعترض طريقه نحو المرمى الحكومي. إلا أنه يؤشر أيضا إلى أنه لن يُقدم على وضع أي تركيبة وزارية تسمح للفريق الآخر بالتحكم بالقرار السياسي للدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة، لجرّها إلى محور إقليمي ووضعها في مواجهة آخر.

وذلك يعني، بحسب المصادر، أن أي خرق في جدار التأليف لن يتحقق قبل عودة الجميع إلى المربع الذي التقوا عنده إبان التسوية الرئاسية، والانتظام مجددا تحت سقف النأي والحياد، مع ما يتطلبه ذلك من تخلّ عن محاولات الاستحصال على “أثلاث” معطّلة في مجلس الوزراء العتيد، بالمباشر أو بالواسطة.

وتلفت المصادر إلى أن المشاورات المرتقبة في الساعات المقبلة، والتي قيل إنها ستحصل بين الرئيس المكلف والوزير باسيل وبين الأول والرئيس عون أيضا، ستعطي إشارات إلى مسار أمور التأليف، فإما تنتج تنازلات فاتفاقات، أو فإن قطار التشكيل باق في محطة الانطلاق حتى إشعار آخر…