IMLebanon

ماذا عن الصمت الأميركي إزاء مبادرة عودة النازحين؟

منذ زيارة الموفد الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف على رأس وفد رفيع إلى لبنان، الخميس الماضي، التي أشاعت جوًا بالغ الإيجابية إزاء المبادرة الروسية الهادفة إلى إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، مدعّمة بضمانة روسية وموافقة أميركية مبدئية عليها في قمة هلسنكي، لم يشهد الملف جديدا يضاف الى نتائج المحادثات اللبنانية ـ الروسية، التي خلصت إلى إبداء الاستعداد المتبادل لإنجاح خطة إعادة النازحين التي فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب بطرحها في قمة هلسنكي، من زاوية توفير الدعم الدولي لها.

فلا السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين الذي تسلّم رئاسة اللجنة المختصة في عودة النازحين تحرك على خط الاتصالات لتنسيق الخطة مع الأمنيين والمنظمات الدولية ذات الشأن، ولا سُجل حراك لبناني أمني جديد، لاسيما من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم المفترض انه سيتولى ادارة الملف لوجستيا من الجانب اللبناني نسبة لموقعه الامني ودوره المؤثر في هذا الشأن، على رغم توقعات كثيرة بتسريع البت في القضية بعيدا من الازمات السياسية التي تعصف بلبنان وفي مقدمها تشكيل الحكومة.

مصادر دبلوماسية غربية تؤكد لـ”المركزية” ان ما يعوق انطلاق الخطة الروسية سريعا، ليس سببا لوجستيا او قرارا سوريا او روسيا مفقودا بل موقف اميركي حاسم من المبادرة التي ولئن حظيت بموافقة مبدئية من ترامب، الا انها تبقى غير كافية لدخول الخطة حيز التنفيذ. فالأميركيون، كما تضيف المصادر، طلبوا التمهل من أجل درسها، إذ إن العودة تتطلب ضمانات أمنية، توافر مقومات اساسية، سياسية واقتصادية واجتماعية، لم تجهز ارضيتها بعد اضافة الى قرار دولي كبير يفترض ان يصدر عن مجلس الامن بما يضمن عودة مكتملة الجوانب مدعّمة بضمانات قبل بلوغ مرحلة الخطوات العملية التي لا يمكن ان تنطلق الا بعد توفير العنصر المادي لتمويل ما تستلزم من اجراءات، اذ لا عودة كما تقول الاوساط الا الى مقومات عيش كريم وآمن ولائق.

وتلفت في السياق الى الصمت الاميركي المطبق ازاء الخطة مقابل الصخب الروسي المثار والاسراع في اتجاه الاعلان عن تشكيل لجان ووفود ووضع آليات، بدأت بعض الجهات تستثمرها في مجال التوظيف السياسي على انها انتصار لمحور على آخر وتكريس لمكتسبات هي في الحقيقة مجرد اوهام. فالملف لا يمكن التعاطي معه بهذه الخفة، بل تجب مقاربته من زاوية مختلفة تماما، اذ بعد صدور قرار دولي اممي، يفترض وضع الاطر والاليات وتوفير الضمانات الامنية من الجانب السوري لجهة عدم التعرض للعائدين او ممارسة الضغوط عليهم، خصوصا ان التجارب غير مشجعة في هذا المجال في ضوء تسريب معلومات عن عودة لاجئين كانوا انتقلوا ضمن قوافل العودة الاخيرة للداخل السوري الى لبنان لعلة غياب الضمانات، والقانون السوري رقم عشرة خير شاهد.

بيد ان المعطيات المشار اليها والتريث الاميركي لا يعنيان في اي حال ان المسار سيتوقف، فهو موضوع على نار خفيفة، وسط جدية في التعاطي معه، ودراسة متأنية لكل خطوة تجنبا لاي دعسة ناقصة غير مسموح بها، خصوصا انه يؤسس لمناخ ايجابي تفترضه مرحلة التسوية السياسية المقبلة على سوريا في وقت لم يعد بعيدا.