IMLebanon

تحالف دولي لمنع إيران من استهداف أمن المضائق

لم تمرّ تصريحات قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، التي لوّح فيها بتهديد المصالح الأميركية في البحر الأحمر مرورا عابرا، فقد أخذت عدة دول ذلك على أنه تهديد جدي لأمن الملاحة الدولية في أحد أهم الممرات الاستراتيجية، وأن إيران وضعت نفسها في هذه الحالة ليس فقط في مواجهة واشنطن والدول المطلّة على مضيق هرمز وباب المندب، ولكن بمواجهة العالم ككل، وسط مؤشرات على تشكيل تحالف دولي لإفشال المغامرة الإيرانية.

ويقول خبراء استراتيجيون إن التلويح بإغلاق ممر تمرّ عبره حوالي 13 بالمئة من تجارة العالم وأكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا سيعني آليا أن إيران وضعت نفسها خصما للدول المطلة على البحر الأحمر وبينها دول عربية وأفريقية وإسرائيل، وخاصة الدول الكبرى التي تمتلك قواعد عسكرية مثل الولايات المتحدة والصين وفرنسا.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن سليماني قوله قبل أسبوع إن البحر الأحمر لم يعد آمنا مع وجود القوات الأميركية في المنطقة.
وقال قائد فيلق القدس “أنا ندّكم وقوات قدسي هي ندّ لكم.. أنا أقول لكم يا سيد ترامب المقامر، أقول لك أعلم أن في اللحظة التي أنت فيها عاجز عن التفكير نحن قريبون منك في مكان لا تتصوره أبدا”.

ويعتبر البحر الأحمر بمثابة طريق دولي حساس يهم العالم برمته ولن تستطيع دولة سواء كانت مطلّة عليه أو بعيدة عنه تعطيله، لأن ذلك سيولد بشكل تلقائي تحالفا دوليا لمنعها من ذلك سواء عبر الضغوط الدبلوماسية أو عبر القوة العسكرية.

ويرى الخبراء أن تهديدات إيران بتعطيل مضيق باب المندب عبر الحوثيين في اليمن أو مضيق هرمز الأهم مجازفة سياسية، وأنها لا تقدر وفق المعطيات العسكرية والجغرافية على تنفيذها، وعلى العكس فقد حركت ردود فعل قوية ضدها، فضلا عن تسليط الأضواء بشكل كبير على مخاطر التدخل الإيراني المباشر في اليمن، وبالمقابل فإن ذلك سيقود إلى تفهم دولي أوسع لموقف التحالف العربي.

وانضمت إسرائيل إلى قائمة الدول المحذرة من خطر تصريحات سليماني، داعمة تشكيل تحالف عسكري للجم إيران ومنعها من تنفيذ اتهاماتها.

وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، من أن الدولة العبرية ستنضم إلى تحالف عسكري دولي إذا أغلقت إيران مضيق باب المندب، بعد مهاجمة المتمردين الحوثيين لناقلتي نفط سعوديتين.

وقال مكتب نتنياهو في بيان إن رئيس الوزراء صرح خلال مراسم عسكرية “في بداية الأسبوع شهدنا مواجهات قاسية مع حلفاء لإيران حاولوا منع الملاحة الدولية في المضيق عند مدخل البحر الأحمر”.

وأضاف “إذا حاولت إيران إغلاق مضيق باب المندب، فإنني واثق من أن هذا البلد سيواجه تحالفا دوليا مصمما على منعه من تحقيق ذلك. هذا التحالف سيشمل إسرائيل وأسلحتها”.

وعلقت السعودية أكبر مصدر للخام في العالم، بشكل مؤقت، كل شحنات النفط عبر المضيق في 26 من يوليو الماضي بعد الهجوم على ناقلتي النفط، في رسالة الهدف منها حث العالم على التحرك لمواجهة تهديدات وكلاء إيران لأمن الملاحة الدولية.

ويشير الخبراء إلى صعوبة تنفيذ التهديدات الإيرانية سواء ما تعلق بمضيق هرمز أو باب المندب، لافتين إلى أنها لا تمتلك القدرة على تنفيذ ذلك عسكريا، إضافة إلى أن مثل هذه الخطوة ستقود إلى المزيد من العزلة والعقوبات على اقتصادها المنهك بسبب العقوبات الدولية السابقة، فضلا عن استثمار أموال النفط الإيرانية في حروب إقليمية بدلا من إنفاقها على تطوير ظروف عيش الإيرانيين.

ورجح عبداللطيف الصيادي، خبير البحوث والمحاضر في الأرشيف الوطني بوزارة شؤون الرئاسة الإماراتية، عدم قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز، معتبرا أن ذلك سيعدّ خرقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 التي تتيح حق المرور العابر لكل الدول حتى في المياه الإقليمية للدول الأخرى، كما أن هذا الإغلاق سيمثل اعتداء على سيادة بعض الدول التي تقع خطوطها الملاحية ضمن مجالها.
واعتبر الصيادي في محاضرة ألقاها، الأربعاء، في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة أن إيران قد تلجأ إلى سياسة تلغيم المضيق، عبر إرسال غواصات وزوارق انتحارية أو صواريخ باليستية، أو صواريخ مضادة للسفن، ولكن كل هذه السيناريوهات ستخسر فيها لأنها لا تستطيع مواجهة كل القوى.

وأشار إلى وجود بدائل لتصدير النفط في حال إغلاق المضيق، مثل مقترح شق قناة مائية عبر دولة الإمارات العربية المتحدة، تربط بين الفجيرة ودبي تتجاوز مضيق هرمز.

وفي سياق الاستعداد الإقليمي والدولي لمواجهة المغامرة الإيرانية، أعلنت القوات المسلحة المصرية، الاثنين، عن بدء تدريبات عسكرية مصرية أميركية سعودية إماراتية في نطاق المياه الإقليمية بالبحر الأحمر.

ويرى محللون أن الدعوات إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة أنشطة إيران في البحر الأحمر سيعطي دفعة قوية لمشروع التحالف الإسلامي الأميركي الذي أقرته قمة مكة في مايو 2017 الذي وصفه متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بالقول إن “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي سيشكل حصنا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط”.