IMLebanon

روسيا تسيطر على سوريا وتقترب من “حزب الله”

كتب إيليا ج. مغناير في صحيفة “الراي” الكويتية:

اتخذت القوات الروسية مواقع لها على الحدود مع هضبة الجولان المحتلّ لتسيير دوريات للشرطة العسكرية مع قوة الأمم المتحدة من «الاندوف» على طول خط الفصل المعروف باسم خط الـ 1974.

إلا أن القوات الروسية – كما علمت «الراي» – دفعت للمرة الثانية منذ أشهر قليلة قوات لها على الحدود السورية – اللبنانية في منطقة جديدة يابوس لتتخذ مراكز لها قرب مواقع «حزب الله» الموجود هناك لحماية الحدود التي اختُرقت طوال أعوام الحرب السبعة من المتطرفين والتكفيريين الذين كانوا تَمركزوا هناك إلى حين الانتصار عليهم وإجبارهم على المغادرة.

وقالت مصادر مطلعة لـ «الراي» إن جنرالاً روسياً وصل على رأس قوة إلى الحدود السورية – اللبنانية ومعه معدات إلكترونية يريد وضعها ونشرها في المناطق المرتفعة لتؤمّن اتصالات مع قاعدة حميميم ومع المركز الأم في موسكو المعني بإدارة العمليات والتنسيق مع القوات الروسية الموجودة في سوريا. وقد أنشأت القوات الروسية في سوريا عدداً من مراكز القيادة والسيطرة لتكون على اتصال دائم مع موسكو نظراً لعدد القوات الروسية الكثيفة التي انتشرت على كامل الأراضي السورية، ما عدا المناطق الشمالية التي تحتلّها تركيا وأميركا.

ومن الواضح أن روسيا اتفقت مع الولايات المتحدة على بقائها في بلاد الشام، وبالتالي هي تستعدّ لبسط سيطرتها على كل سوريا، ولن تقبل بوجود قوات «القاعدة» أو «حراس الدين» أو «هيئة تحرير الشام» أو أي تنظيم متطرف وإرهابي يعمل على الأراضي السورية.

وقد انسحبت كل القوات الحليفة لسورية (إيران و«حزب الله») من الجنوب السوري بفعل انتفاء السبب لتواجدهم بعد تحرير كامل الحدود مع هضبة الجولان المحتلة والأردن وإنهاء «داعش» والتنظيمات الأخرى. وعاد الجنوب السوري إلى حضن الدولة وسيطرتها، وبالتالي فقد انسحبت كل القوات الحليفة ما عدا القوات السورية التي تمرْكزت هناك وبعض المستشارين الموجودين مع الجيش السوري بكل ألويته منذ الأيام الأولى للحرب.

ووصلت قواتٌ روسية إلى المناطق التي يسيطر عليها«حزب الله» (على الحدود السورية – اللبنانية) الذي طلبت قواتُه الموجودة التعليمات للتعامل مع القوات الروسية. وقال الجنرال الروسي – كما علمت «الراي»- عند وصوله الى الموقع :«أنتم قوات حليفة، ونريد التمركز هنا ولا ضرر بوجودكم قربنا».

إلا أن قوات «حزب الله» طلبت من الضابط الروسي وقوّاته التمركز في نقطة أبعد من تلك التي اختارها أولاً. واستجاب الضابط الروسي للطلب بعدما زار الموقع المرتفع وأقرّ بأنه مناسب. وهذا لا يعني أن روسيا لن تطلب من «حزب الله» المغادرة في يوم من الأيام بحال قررت الإمساك بالملف السوري بأكمله والملف الاسرائيلي. لكن هذا الأمر لن يُتوَّج بالنجاح لأن إسرائيل غير مستعدّة للتفاوض على إعادة هضبة الجولان لسوريا حتى ولو تدخلت روسيا – كقوة عظمى – في الأمر، لما تمثله هذه البقعة الجغرافية من أهمية استراتيجية ومصدر نفطي وسياحي واستيطاني لإسرائيل.

ومن الممكن ألا يذهب الرئيس فلاديمير بوتين بعيداً في الطلب من «حزب الله» الانسحاب، إلا إذا تأكد أن إسرائيل ستتجاوب معه. ومن المحتمل أن يصطدم الرئيس الروسي بالواقع الإسرائيلي المتشدّد حيال إعادة الأرض التي احتلها العام 1973.

وقد رفعت إسرائيل من سقف مطالبها على لسان بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان اللذين طالبا بإخراج كل المنظومات والصواريخ البعيدة المدى من سوريا ووقف تصنيع الصواريخ الدقيقة وإغلاق المعابر بين لبنان وسوريا لمنع إيصال السلاح الى «حزب الله» في لبنان.

إلا أن روسيا لا تستطيع إخراج إيران من سوريا ولا تستطيع أن تطلب من سوريا عدم تسليح جيشها خصوصاً أنها هي نفسها (أي روسيا) التي تسلّح الجيش السوري. بالإضافة الى ذلك، فإن إسرائيل لا تلتزم بالتمني الروسي بعدم خرق الأجواء السورية خصوصاً أن الحرب في البلاد قد انتهت وبقيت فقط مناطق «داعش» في البادية والتي لا تريد إسرائيل التدخل فيها، وكذلك المناطق الشمالية المحتلّة من تركيا وأميركا.

ولكن تستطيع روسيا الطلب من رئيس النظام السوري بشار الأسد أن يَطلب من حلفائه اللبنانيين المغادرة ما دامت هي – كقوة عظمى – استلمت أمن بلاد الشام وتحمي الحكومة السورية. على أن أي تدخل روسي بالتوازنات التي وُضعت من »محور المقاومة» وبتسليم السلاح إلى »حزب الله» وتزويده بأحدث التكنولوجيا والأسلحة الدقيقة عند إنتاجها، من الممكن أن يعرّض الحلفاء في الحرب السورية إلى »كباش». إلا أن هذا يتوقف على مدى نية موسكو بالغوص في وَحل الشرق الأوسط وتوازنات القوى التي أوجدت في وجه إسرائيل، لاسيما أن تل أبيب لم ولن تتوقف عن خرق الأجواء السورية واللبنانية وتَعتبر أن من حقها ضرب أي هدف يهدد أمنها مستقبلاً.

لم تنته فصول أزمات الشرق الاوسط حتى لو انتهت الحرب السورية. ومن الواضح أن بلاد الشام ستبقى مركزاً للصراع والتوازن. لكن هذا التوازن لم يعد بحجم المنطقة بل اتخذ حجم التوازن الإقليمي والدولي لتواجد قوى عظمى مع عشرات الآلاف من الجنود على أرض الشام.

إيران مستعدة لإنهاء وجودها في سورية بشرط

وأكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن إيران يمكن أن تخفض أو تنهي وجودها الاستشاري في سوريا، في حال شعرت باستقرار نسبي هناك وأنهت مهمة «القضاء على الإرهاب».

ورداً على سؤال بشأن دعوات روسيا وأميركا وإسرائيل لإخراج القوات الإيرانية من سوريا، قال قاسمي: «تواجدنا في سورية استشاري وبطلب من الحكومة السورية وسنبقى هناك طالما تطلب الحكومة السورية منا ذلك».

وأضاف: «وجودنا في سوريا لم يكن بطلب من دولة ثالثة كي نخرج بطلب من تلك الدولة، نحن قادرون على تحديد مصالحنا الوطنية بشكل جيد ونتخذ خطواتنا بناء على تلك المصالح، تماماً كروسيا التي تتبع مصالحها القومية في العالم».

وتابع: «لدينا أهداف مشتركة مع روسيا كالتعاون في محاربة الإرهاب ولروسيا كذلك في سورية قوات عسكرية نتعاون معها بشكل جيد وبناء»، مشيراً إلى أن بلاده أجرت «محادثات جيدة مع كل من روسيا وتركيا وستستمر بالتعاون ما دام ذلك ضرورياً».

واعتبر أن «ما تتناقله بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أو وسائل الإعلام الأخرى يصب في إطار الحرب النفسية لتشويه وجه إيران وعلاقاتها الخارجية إلى جانب الضغوط الاقتصادية والضغط على أفكار الرأي العام العالمية، وهي تهدف للتأثير سلباً على التعاون الإيراني الروسي المؤثر في سوريا».