IMLebanon

تطور علاقة «القوات» و«المردة» يعزز خصومتهما مع «التيار»

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تتجه علاقة «التيار الوطني الحرّ» برئاسة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، مع القوى المسيحية الأخرى نحو مزيد من التعقيد، خصوصاً مع حزب «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع وتيّار «المردة» برئاسة سليمان فرنجية، انطلاقاً من الخلافات على تشكيل الحكومة، وربطها بفتح معركة الانتخابات الرئاسية مبكراً، خصوصاً أن جعجع وفرنجية هما أبرز من ينافس باسيل رئاسيا، وهذا ما قرّب المسافة بين «القوات» و«المردة» وضيّق رقعة خلافاتهما التاريخية، وفتح قنوات التواصل بين قواعدهما الشعبية في مختلف المناطق، من دون أن يلغي ذلك خلافاتهما على الملفات الاستراتيجية، وأبرزها سلاح «حزب الله» والعلاقة مع النظام السوري.

ويتشابه صراع التيار الحرّ و«القوات اللبنانية» مع صراعه مع «المردة» إلى حدّ التطابق، لا سيما لجهة رفض باسيل منح «القوات» أربع حقائب وزارية بينها واحدة سيادية، وعدم القبول بتمثيل كتلة «المردة» بحقيبتين وزاريتين، وهذا ما أيده القيادي في تيّار «المردة» النائب السابق كريم الراسي، الذي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المواجهة السياسية بين «المردة» و«التيار الحرّ»، أشبه بمواجهة الأخير مع حزب «القوات اللبنانية» وبالتالي أضحت «القوات» أقرب إلى «المردة» في هذه المرحلة، على قاعدة «عدوّ عدوي صديقي». ورأى الراسي أن «مشكلة باسيل مع الأحزاب المسيحية الأخرى، هي المنافسة على رئاسة الجمهورية، ويتخذ منها معركة حياة أو موت يخوضها في الداخل والخارج، حيث يحاول حشد دعم إقليمي، بدليل أن رئيس الجمهورية (ميشال عون) بدأ يسوّق رئاسيا لصهره جبران باسيل».

موقف «القوات اللبنانية» لا يتعارض مع مقاربة الراسي، لكن بقراءة مختلفة، حيث أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن القوات «لا تقيم علاقة مع طرف على حساب الطرف الآخر». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن هناك مصلحة مشتركة للتقارب سياسيا بشكل أكبر بين (القوات اللبنانية) و(المردة)، لإحباط الهجوم عليهما، لكن نحن نتعامل مع كلّ فريق وفق رؤيتنا السياسية، ومدى تقاطعنا معه». وأضاف: «صحيح أن جبران باسيل يستهدف (القوات) و(المردة) على حدّ سواء، لكن ليس بالضرورة أن تجمعنا المصيبة، وتكون سبباً لمواجهة باسيل متحدين، لأن أي محاولة جمع أو التقاء على الأمور السلبية لا تبني علاقة جيدة».

ويتّخذ الوزير باسيل من نتائج الانتخابات مبرراً لرفع عدد وزرائه داخل الحكومة، على حساب الأطراف المسيحية الأخرى، ويعتبر كريم الراسي أن «الأمر غير الطبيعي هو أن التيار الحرّ ورئيسه، ماضون بادعائهم أنهم يمثلون كلّ المسيحيين، وهذا أمر غير صحيح، فهم يمثلون جزءاً والآخرون كذلك». وقال: «مشكلتنا مع جبران باسيل هي الأحادية، وهو يبني علاقته مع الآخرين على أساس أن كل شخص أو مسؤول غير عوني (من التيار العوني) خائن وفاسد وسارق، وكل حديث عن خصوصية سياسية يضعها في خانة التخوين». وكشف الراسي أن «العلاقة مع (القوات اللبنانية) عادية، وهناك تواصل سياسي شبه يومي، ولقاءات بين قياديين وكوادر، وتقارب على مستوى القاعدة الشعبية»، لكنه لفت إلى أن ذلك «لا يعني تفاهماً على صعيد الانتخابات أو الوزارات أو الإدارات، وهذا الأمر يحتاج إلى أجواء مختلفة».

وتبدي «القوات اللبنانية» ارتياحها للتطور الإيجابي الذي طرأ على علاقتها مع «المردة»، ويؤكد شارل جبور أن «علاقة القوات اللبنانية و(المردة) وصلت إلى أفضل مرحلة بين الطرفين، واتفقا على طي صفحة الماضي»، مشيراً إلى أن «التواصل قائم بين الجانبين على مستوى المناطق، والاشتباك السياسي على المستوى الوطني غير موجود، وهذا تطوّر إيجابي، لكنّ التباين بالرؤية على بعض الملفات الاستراتيجية يمنع تطوّر العلاقة نحو تحالف سياسي».

وتتباعد رؤية «القوات اللبنانية» و«المردة»، حيال النظرة إلى سلاح «حزب الله» ودوره في المعادلة الداخلية، والخلاف قائم بينهما حول العلاقة مع النظام السوري، حيث يجاهر رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية بصداقته مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، ودعمه لهذا النظام، مقابل عداء «القوات» العلني، التي لا تسقط من ذاكرتها الأدوار السلبية لنظام الأسد في لبنان على مدى العقود الأربعة الماضية.

وتتقاطع مقاربة «القوات» و«المردة» حيال كثير من الملفات الداخلية، وتحدث شارل جبور عن تعاون لافت بين وزراء الطرفين في حكومة تصريف الأعمال، وأشار إلى أن «أداء وزراء (المردة) في الحكومات السابقة أعطى انطباعاً جيداً»، لكنه جدد التأكيد على أن «تحسّن العلاقة مع (المردة) ليس بالضرورة مرتبطاً بتدهور العلاقة مع جبران باسيل، إذ إن علاقة (القوات) بأي طرف من الأطراف السياسية لها حساباتها وأجندتها»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «أي تقارب قد يحصل في المستقبل مع جبران باسيل لن يكون على حساب العلاقة مع تيار (المردة)».