IMLebanon

بعبدا تستغرب “حرق المراحل” و”المستقبل” لن يقبل بـ”التطبيع”

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

دخلت الأزمة الحكومية في لبنان مرحلة جديدة أكثر تعقيداً بعد ربط عملية التشكيل بالتفاهم على أبرز بنود البيان الوزاري ومنها العلاقة مع سوريا. ويشهد ملف التأليف مراوحة غير مسبوقة مع إقرار معظم القوى السياسية بأن العملية أخذت أبعاداً إقليمية، بعدما كانت محصورة بخلافات داخلية مرتبطة بتوزيع الحصص والحقائب الوزارية.

واستغربت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما سمّته «حرق المراحل» واستباق النقاش حول تطبيع العلاقات مع سوريا، مشددة على أن «الأولوية هي لتشكيل الحكومة وأي ملف يُطرح في المرحلة الراهنة هو لصرف الاهتمام عن الهدف الأساسي ويهدف لعرقلة عملية التشكيل». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قضايا كثيرة مرتبطة بسياسة الدولة سيتم بتها من قبل مجلس الوزراء باعتباره السلطة التنفيذية بعد تشكيل الحكومة، لكن أن يتم وضع العربة أمام الحصان، فهذا ما لا يمكن أن نفهمه خاصة أن كل المعطيات المتصلة بعملية التأليف باتت معروفة للجميع، إن كان ما يتعلق بالمعايير أو شكل الحكومة».

ورغم سعي بعض المسؤولين للفصل بين ملفي التشكيل والبيان الوزاري حرصاً على عدم الدخول في نفق انتظار التطورات الإقليمية والدولية، يبدو واضحاً أن أي اتفاق على الحصص والحقائب بات مرتبطاً بتفاهم على الخطوط العريضة للبيان الوزاري، وهو ما أكده النائب في تكتل «لبنان القوي» سليم عون، لافتاً إلى أن الاتفاق على الملفين سيكون بإطار «سلة واحدة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كان الملفان مترابطين ولو لم يتم إعلان ذلك. لا شك أننا في أزمة لكننا سنخرج منها كما خرجنا مما هو أكبر وأكثر تعقيداً، لكن يبقى عامل الوقت، فإما يتم الاتفاق خلال 24 ساعة أو تستمر الأمور على ما هي عليه 24 أسبوعاً».

وشدد عون على أن أولويات «لبنان القوي» في المرحلة المقبلة والتي سيسعى إلى أن تكون أولويات أيضاً في البيان الوزاري، هي معالجة الأزمة الاقتصادية وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، لافتا إلى أنهما ملفان يستلزمان التنسيق مع الدولة السورية. وأضاف: «الوضع في سوريا يتحسن لمصلحة الرئيس السوري بشار الأسد، وهذا واقع وليس رأياً، والمطلوب من الجميع أن يرضخوا ويتعاملوا مع هذا الأمر الواقع». وتابع: «لا شك أننا لا يمكن أن نقبل أن يستمر نفس الخطاب ونفس اللهجة بالتعاطي مع الدولة السورية التي عادت وبسطت سيطرتها على أراضيها».

ويُدرك حلفاء دمشق في لبنان أن تضمين البيان الوزاري الجديد أي إشارة إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري الحالي لا يمكن أن يمر، وهو ما أشار إليه بوضوح الرئيس الحريري مؤخرا، ولذلك فإنهم لا يشترطون ذلك إنما يدفعون بالمقابل إلى خطوات عملية في هذا المجال. ويعتبر النائب السابق عقاب صقر أن «من طرح التطبيع مع النظام في سوريا مدخلاً لتشكيل الحكومة هو الذي يتحمل مسؤولية تعقيد الأزمة الراهنة»، مشدداً على أن «موضوع العلاقة مع نظام الأسد يشكل بنداً خلافياً جذرياً ولا يمكن أن يكون عابراً باعتبار أن الدفع باتجاه التطبيع يعني إلغاء رأي نصف اللبنانيين لصالح النصف الآخر». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لن نسمح بأن يمر تطبيع الأسد مع العالم عن طريق لبنان، فنحن سنكون آخر بلد يطبّع معه بعد أن يقبل الشعب السوري بحكومة جديدة وتعترف بها جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي».

وشدد صقر على أن أي بيان وزاري يجب أن يعتمد الخطوط العريضة للبيان الحالي لحكومة تصريف الأعمال وبالتحديد بموضوع النأي بالنفس، لافتاً إلى أن التوجه هو إلى إضافة تفاصيل لصالح مزيد من تلاقي لبنان مع المجتمعين العربي والدولي، وليس كما يطمح البعض لصالح إعلان عزلة لبنان. وأضاف: «إذا كان هناك حاجة للبنان للتنسيق سياسيا مع سوريا فإن الرئيس الحريري قام بالمهمة بالتواصل مع الرئيس الروسي وهو راعي الأسد والمسؤول عنه، أما التنسيق الميداني فيمكن أن يتولاه ضابط لبناني يتصل بالضابط الروسي الذي أمسك يد الأسد مانعا إياه من التقدم في قاعدة حميميم».

ويبدو بند التنسيق مع سوريا الوحيد حالياً الذي قد يعوق صياغة البيان الوزاري ويؤخر تشكيل الحكومة باعتبار أن هناك تفاهما ضمنيا على إبقاء البند المتعلق بـ«المقاومة» و«حزب الله» على ما هو عليه، لجهة التأكيد على «حق المواطنين في مقاومة الاحتلال والاعتداءات»، بعدما كانت البيانات السابقة تتحدث عن حق «الشعب والجيش والمقاومة»، وهو ما أكدته مصادر «المستقبل» و«الوطني الحر» على حد سواء.