IMLebanon

سيناريو لضربة غربية “توجِع الأسد أكثر من ذي قبل”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لا تدخل محافظة إدلب في الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة، فلا موقع المحافظة استراتيجي يصل العراق بسورية، مثلاً، ولا فيها مخزون نفط يمكن حرمان الحكومة السورية منه إلى وقت التوصل إلى تسوية سياسية، كما لا تجاور إدلب دولاً حليفة استراتيجياً لأميركا، مثل إسرائيل.

بناء على ذلك، لا يعني واشنطن من يسيطر على إدلب بين قوتيْن، تركيا وحلفاؤها من ناحية، وروسيا وايران وحلفاؤهما من ناحية ثانية. حتى أن المسؤولين في واشنطن لا يبدون حشرية لمعرفة جدول أعمال وفحوى محادثات القمة الايرانية – الروسية – التركية، المقررة في إيران، في السابع من الشهر المقبل، والتي يفترض أن يتم تخصيصها للشأن السوري، وخصوصاً مصير إدلب.

ما يعني أميركا في سورية سبق ان حدّده مستشار الأمن القومي جون بولتون بنقطتين هما: منع عودة تنظيم «داعش» من المناطق التي تم طرده منها شرق الفرات، والعمل على إخراج المقاتلين الموالين لإيران من سورية، بما يضمن حرمان طهران من تحويل سورية إلى قاعدة عسكرية يمكنها من خلالها تهديد أمن اسرائيل. والنقطتان لا تؤثر فيهما إدلب أو من يسيطر عليها.

لكن نقطة ثالثة ما تلبث أن تعود إلى صدارة الأولويات في سورية بسبب تهديدها أمن وسلامة العالم ككل، وهي إمكانية استخدام الرئيس السوري بشار الأسد الأسلحة الكيماوية مجدداً، خصوصاً في معارك فيها كثافة مقاتلين تابعين للمعارضة يجعلون عملية سيطرة النظام على مناطقهم مكلفة بالدماء والعتاد له وللقوات المتحالفة مع جيشه.

على مدى الأسبوع الماضي، تناقلت الأوساط المعنية في العاصمة الأميركية تقارير مفادها أن واشنطن رصدت قيام النظام السوري بتحريك قطع يمكنها توجيه ضربات بالأسلحة الكيماوية أثناء الهجوم على ادلب، للتسريع في عملية سيطرة قواته على هذه المحافظة. لهذا السبب، سارعت واشنطن، عبر قنواتها الديبلوماسية وعلانية، إلى تحذير موسكو من أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية سيلقى عقاباً أميركياً – أوروبياً.

وتنفي الأوساط الأميركية ما أعلنته موسكو عن أن واشنطن قامت بدفع سفن حربية تابعة لها إلى البحر الابيض المتوسط، مؤكدة أن عملية دخول وخروج السفن الأميركية من المتوسط هي «عملية روتينية»، وأن القيادة العسكرية الأميركية لم تدفع بأي تعزيزات.

وتأكيداً لمعلومات «الراي»، قال الناطق باسم وزارة الدفاع «البنتاغون» إريك باهون: «إن التقارير الروسية حول تعزيز القدرات العسكرية الأميركية في شرق البحر الأبيض المتوسط ليست إلا دعاية وهي غير صحيحة… (لكن) هذا الأمر لا يعني أن الولايات المتحدة غير مستعدة للعمل حال إعطاء الرئيس الأميركي أمراً مباشراً باتخاذ مثل تلك الإجراءات».

على أن إمكانية استخدام الأسد أسلحة كيماوية في إدلب أثار مخاوف واشنطن وحلفائها في اوروبا، وجرت محادثات بينهم بشأن إمكانية توجيه ضربة عقابية مشتركة «توجع الأسد أكثر من ذي قبل»، في إشارة إلى الضربة الثلاثية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على مواقع تابعة للنظام السوري، في أبريل الماضي، رداً على استخدام أسلحة كيماوية في دوما بالغوطة الشرقية لدمشق.

وفي السياق نفسه، تدور في أروقة القرار الأميركي المعنية بالسياسة الخارجية أحاديث عن تمسك واشنطن بانتشار ألفي جندي تابعين لها، بالتعاون مع حلفاء محليين، شرق الفرات. وتقول الأوساط الاميركية إنه فضلاً عن تأمين المصالح الأميركية، لناحية إبقاء مقاتلي «داعش» وإيران خارج سورية، ستقوم واشنطن والدول الحليفة بالحفاظ على هذه المنطقة إلى أن يتم التوصل الى تسوية سياسية للأزمة السورية.

وتلفت الأوساط إلى أن منطقة شرق الفرات هي خزان سورية النفطي، وكانت تدرّ على حكومة الأسد نحو 3 مليارات دولار سنوياً، أو ما كان يشكل ربع واردات دمشق، مشيرة إلى أن إبقاءها خارج سيطرة نظام الأسد قد تقنعه وحلفاءه بضرورة التوصل إلى تسوية فعلية تؤدي لانتقال سلمي للسلطة.

ومن السيناريوات المطروحة في واشنطن إعادة إعمار مناطق شرق الفرات، وإقامة حكومة سورية محلية فيها يمكنها إدارة هذه المناطق واستيعاب بعض المهجرين داخلياً.

ووفقاً للأوساط، فإن أحد الأمور التي تقلق الأوروبيين، خصوصاً ألمانيا، من الهجوم المقبل على إدلب، هو إمكانية أن يؤدي إلى تشريد أعداد كبيرة من السوريين المقيمين فيها، والذين يقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين، مع ما يعني ذلك من تدفق لهؤلاء اللاجئين باتجاه الدول الاوروبية.

وتنقل المصادر الأميركية عن نظيرتها الاوروبية انه في لقاء القمة الأخير بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت سابق من الشهر الجاري، حاول الأخير إقناع ميركل بضرورة رفع العقوبات الأوروبية عن نظام الأسد، والمساهمة في إعادة إعمار المناطق السورية، بما يسهل عودة اللاجئين إليها.

كما عرض بوتين على ميركل، حسب الأميركيين، تأجيل أي عملية عسكرية في إدلب إلى ما بعد إعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها الأسد، بما يضمن أن أي لاجئين من إدلب يمكنهم التوجه إلى مناطق سورية أخرى، بدلاً من محاولة اللجوء إلى أوروبا.

وتؤكد المصادر الأميركية أن ميركل رفضت عرض بوتين، وحاولت ثنيه عن دعم أي عملية عسكرية في إدلب من شأنها أن تساهم في المزيد من زعزعة الوضع السوري، وتعقيد المشهد المعقد أصلاً.