IMLebanon

تناقض صارخ بين موقف نصرالله وبيان “الوفاء للمقاومة” حول الملفات الخلافية

لم يكد يجفّ حبر خطاب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الأحد الماضي، حيث دعا إلى إرجاء البحث في الملفات الخلافية، لاسيما التطبيع مع سوريا، إلى ما بعد تشكيل الحكومة، حتى جاء بيان كتلة “الوفاء للمقاومة” الأسبوعي ليناقض الدعوة بالمطلق ويشرّع الباب على جملة أسئلة عن خلفيات الانقلاب المفاجئ في موقف الحزب والأبعاد الممكن أن يتضمنها وتوقيته.

ذلك أن البيان أوضح في أحد بنوده أن “لبنان مدعو، حكومة وقوى سياسية، إلى الإفادة من تطورات الأوضاع في المنطقة لمراجعة تموضعه الاستراتيجي ولإعادة النظر في بعض علاقاته الإقليمية والدولية في ضوء التزامه حماية سيادته الوطنية ومنع العدو الإسرائيلي من التسلل عبر تطبيع علاقاته مع بعض الدول العربية في سعي دؤوب منه لاختراق المنطقة سواء بإنتاجه الاقتصادي أو بمشاريعه السياسية”.

ففي قراءة سريعة لنص البيان، تقول مصادر سياسية في المحور المناوئ للحزب إن دعوة الحزب لبنان إلى إسقاط سياسة النأي بالنفس التي أكدها رئيس الجمهورية ميشال عون والتزمتها حكومة “استعادة الثقة” وشكلت العمود الفقري للتسوية الرئاسية، تبدو واضحة كالشمس، فهل قرر في هذه اللحظة الإقليمية الدقيقة وضع حدّ للتسوية ودفع لبنان نحو المجهول من خلال الدخول المباشر على خط عرقلة تشكيل الحكومة بأمر عمليات إيراني؟ وهل بسرعة البرق انقلب الموقف من الرغبة الجامحة لتشكيل سريع مع تقديم ما يلزم من تسهيلات، إلى الدخول المباشر على خط العرقلة من منطلق نسف الحجر الأساس لحكومة الحريري الذي لا ينفك يؤكد في مواقفه كافة التزام “النأي بالنفس” لقناعة وطنية أولا وتجاوبا مع النصائح الدولية ثانيا، وآخرها من رئيس الاتحاد السويسري آلان بيرسي الذي دعا المسؤولين كافة إلى التزام الحياد؟ وإلا، فما مغزى الدعوة التي لا يُفهم منها سوى حثّ لبنان على قطع علاقاته مع المجتمعين العربي والدولي والانضمام حصرا إلى المحور الإيراني، وتاليا فك الارتباط مع كل الدول الداعمة للبنان واستقراره، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية؟

وتردف المصادر: إن “حزب الله” ببيانه هذا إما انتقل من موقع المتفرج إلى مقلب المعرقل تماشيا مع سياسة الجمهورية الإسلامية المحاصرة داخليا بالأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية بهدف توجيه رسائل إلى القوى الدولية الكبرى مفادها أن لبنان ما زال ورقة قوية في يد طهران القادرة على تحريك ساحته ساعة تشاء، أو يرسل إشارة إيجابية لإيران بمؤازرتها كلاميا تماشيا مع الضغوط المفروضة عليه ما دام يدرك تمام الإدراك أن دعوته هذه غير قابلة للترجمة، وأن ضرب الاستقرار ممنوع وهو أكثر المتمسكين به في هذا الظرف بالذات.

وفي انتظار اتضاح الصورة وأهداف البيان الحقيقية المفترض ألا تتأخر، تستبعد المصادر ذهاب “حزب الله” في اتجاه الخيار الأول، وترى أن مجمل المؤشرات توحي بأنه ليس في وارد تبديل التكتيك السياسي الذي اعتمده منذ سنوات، وتحديدا منذ انخراطه في آتون الحرب السورية حيث يحيّد لبنان عن نيران الإقليم ويحرص على مسايرة القوى السياسية كافة وعدم الاصطدام مع أي منها في اطار سياسة مهادنة علنية، حتى مع ألدّ الخصوم السياسيين، معززةً اعتقادها هذا بأن منهجية الحزب لم تمهّد مرة للأفعال بمواقف علنية بل لطالما سددت ضرباتها ونفذت مخططاتها من دون “بروباغندا” ولا توجيه نصائح للدولة اللبنانية والقوى السياسية.