IMLebanon

هوّة عميقة جداً تفصل بين عون والحريري!

أبلغت مصادر عاملة على خطّ التأليف الحكومي صحيفة «الجمهورية» أنّها تتوقع أنّ تنشيطاً ملحوظاً للمشاورات في الأيّام القليلة المقبلة بين الرئيسين، وكذلك بين الرئيس سعد الحريري وسائر القوى السياسية، لعلّها تُثمر قبل سفر الرئيس ميشال عون في زيارات خارجية، بدءاً بستراسبورغ في 10 و11 و12 أيلول الجاري للمشاركة في افتتاح أعمال البرلمان الأوروبي، ثمّ نيويورك في 23 و24 و25 و26 أيلول حيث يترأس وفد لبنان الى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويُلقي كلمة لبنان فيها، وتليها سفرة الى يريفان في 11 و12 و13 تشرين الأوّل المقبل للمشاركة في أعمال قمّة المؤتمر الفرنكوفوني.

لكنّ أجواء مطبخ التأليف ومحيطه، تنسف نتائج أيّ مشاورات قد تحصل، فثمّة هوّة عميقة جداً تفصل بين عون والحريري، ونظرتهما الى تركيبة الحكومة. وكلاهما يرمي الكرة في ملعب الآخر، فعون كما يؤكّد المطّلعون على أجوائه، قدّم كلّ التسهيلات للحريري، التي تمكّنه من حزم أمره والمبادرة الى تشكيل حكومة بالتوافق معه، والمستغرب رئاسيّاً أنّ هذه التسهيلات لم تجد لها ترجمة كما يجب من قِبل الرئيس المكلف.

وبحسب المعلومات، فإنّ عون ليّن موقفه من حصّة «القوّات» التي لا يجب أن تزيد في رأيه عن 3 وزراء، فقبل بـ4 وزراء من بينهم وزير دولة. إذ ليس معقولاً أن تُحصر الحصّة المسيحية من وزراء الدولة برئيس الجمهورية و»التيّار الوطنيّ الحرّ». كما أنّه ليس في وارد القبول مهما كلّف الأمر بإسناد 3 وزراء دروز لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مع الإشارة الى أنّ مقرّبين من العهد يشيعون انّ كتلة جنبلاط من 9 نواب، لا تخوّله الحصول على 3 وزراء. وثمّة كلام واضح من قبل هؤلاء بأنّه لا يمكن أن تمرّ تشكيلة حكومية لا تتوخى سوى مراضاة «القوات» وجنبلاط.

وتضيف المعلومات انّ الرئيس المكلّف غير مرتاح لسقوط المسودة، وتؤكد أوساط «تيار المستقبل» انّ الحريري يرغب بالتعاون الكامل مع عون، وحريص على أفضل علاقة معه، وعلى هذا الأساس تحرّك في مشاوراته. والمسودة الأخيرة التي وضعها كانت فرصة جديّة لحكومة متوازنة، وبالتالي هو قدّم أقصى ما عنده، ويشعر أنّ هناك من يتعمّد التخريب والتعطيل وسيأتي الوقت الذي يُشار إليهم بالإصبع.

واذا كان مصير المسودة التي قدمها الحريري قد حُسم بصورة عامّة على انّها سقطت وانتهت، فإنّ مصادر قريبة من القصر الجمهوري لا تتحدث عن سقوطها، بل انّ رئيس الجمهورية وبعدما تبلّغها من الرئيس المكلّف، وضع ملاحظاته على تمثيل القوات وجنبلاط، وأبلغه انّه لن يرفضها، بل دعاه الى أن يعود للتشاور في شأنها مع القوى السياسية المعنية استناداً الى الملاحظات التي وضعها.

وبرغم تكتّم الحريري على المسودة، فإنّ «حنفيّة» مطبخ، سرّبت تشكيلة تمنح «القوّات»: التربية، العدل، الثقافة والشؤون الاجتماعية. الحزب التقدمي الاشتراكي: الزراعة، المهجرين، ووزير دولة. حركة «أمل»: المالية، الشباب والرياضة والتنمية الإدارية. «حزب الله»: الصحة، الصناعة، ووزير دولة لشؤون مجلس النواب. «تيار المردة»: الأشغال. رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» 10 وزراء: الإعلام، الدفاع، نائب رئيس الحكومة، وزير دولة من حصّة الرئيس. ومن المرجح أن يكون لـ»التيار»: الخارجية، الطاقة، البيئة، الاقتصاد، ووزير دولة. ومن حصة «تيار المستقل» رئيس الحكومة، وزارة الاتصالات، الداخلية والعمل.

وبحسب مؤيّدين لمسودة الحريري الأخيرة، فإنّهم يستبعدون أن يبادر الرئيس المكلّف الى تعديلها أو تبديلها، إذ انّها لم تأتِ غبّ الطلب كما يقول المزايدون، بل انّها مبنية على دراسة وتمحيص لواقع كلّ القوى وخصوصاً «القوات» والحزب الاشتراكي. وبالتالي، فإنّ المسؤولية تقع على رئيس الجمهورية لوقف محاولة تحجيم «القوّات» و«الاشتراكي»، ومتابعة التشاور مع الرئيس المكلّف والسير في هذه المسودة، والأهم هو احتواء الجوّ السلبي الذي ساد في الأيام الاخيرة وأدخل البلد في جوّ طائفي خطير لا مصلحة لأحد في الانزلاق اليه.

وتوقعت مصادر سياسية لصحيفة “اللواء” ان تمر البلاد بفترة انتظار بسيطة قبل ان يتبلغ الرئيس عون من الرئيس المكلف رده على ملاحظاته على التشكيلة الحكومية التي قدمها له، مع ان التسريبات التي صدرت عن مصادر بعبدا حددت بكثير من الدقة والتفصيل ملاحظات الرئيس على التشكيلة شكلا من حيث الحصص ومضمونا من حيث توزيع الحقائب.

وقالت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«اللواء»: ان الرئيس عون استمع من الرئيس الحريري الى الصيغة التي اعدها وابلغه بوجود ملاحظات عليها وشرحها له بالتفصيل وبخاصة لجهة اعطاء «القوات اللبنانية» اربع حقائب خدماتية واساسية من دون حقيبة دولة اسوة بباقي الاطراف وعدم وجود توازن في التشكيلة، ودعاه لتطويرها عبر التشاور مع الاطراف السياسية المعنية ومن ثم يعود للبحث بها، ورد الحريري بأنه سيطلع الاطراف على ملاحظات الرئيس ويعود بالجواب.

ونفت المصادر وجود اي تجاوز لصلاحيات رئيس الحكومة، مشيرة الى ان كل ما جرى هو ابداء ملاحظات من رئيس الجمهورية على التشكيلة، وابدت خشيتها من ان يكون اثارة موضوع الصلاحيات هو للتغطية على امور اخرى، وقالت ان الموضوع ليس في الصلاحيات بل في الملاحظات على التشكيلة التي قدمها الحريري. وبالتالي فان الرئيس ملتزم بالخطوات الدستورية ولا توجد مشكلة في هذا المجال.