IMLebanon

“ولعت تربويّاً”: متعاقدو الثانوي والأساسي في الشارع…”خميس الغضب”

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

«وِلعانِه تربوياً!» عبارة قد لا تكفي لتظهير المشهد على أبواب العام الدراسي. إذ تعجّ الروزنامة التربوية بالاعتصامات والاضرابات، بين حراك الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي، وتظاهر روابط المتقاعدين يوم الاثنين المقبل، واعتصام المتعاقدين في التعليم الاساسي الخميس القادم، من دون أن ننسى قنبلة الاقساط وشد الحبال المستمر في قطاع التعليم الخاص. تتعدد مطالب الأساتذة وتتداخل مناشداتهم، فيما النتيجة التي خلُصوا إليها واحدة: «الدولة عم تضحك علينا شَبّعتنا وعود».

3 جبهات تختصر اليوم الإستثنائي الذي عاشته وزارة التربية والتعليم العالي أمس، فعند مدخلها نفّذ المتعاقدون في التعليم الثانوي اعتصاماً، وفي داخلها في الطابق 15 حضر الاساتذة المتعاقدون في التعليم الاساسي، وخلف الوزارة إجتمعت روابط الاساتذة المتقاعدين، «كل واحد هَمو عا قدّو».

في التفاصيل

منذ العاشرة صباحاً بدأ متعاقدو الثانوي بالتجمّع عند البوابة الرئيسية لوزارة التربية وسط تدابير أمنية مشدّدة رافعين مجموعة من الشعارات: «حفظ عقود وساعات المتعاقدين واجب عليكم إلى يوم الدين»، «حقوقنا وحقوق أولادنا بين أيديكم إحذروا غضبنا»… وذلك رفضاً لسياسة «قتل حق المتعاقد واقصائه والمماطلة في تثبيته».

«بليز كلنا طوائينا (قبعاتنا) على راسنا»، مناشدة من الاستاذة غنى الكوش كانت كفيلة بلَمّ شمل زملائها المنتشرين في محيط الوزارة والتجمّع في نقطة واحدة للإعلان عن موقفهم وخطواتهم التصعيدية امام عدسات المصورين وميكروفونات الصحافيين مُعتمرين قبعة بيضاء دوّن عليها «حراك المتعاقدين». في هذا الإطار تُعرب غنى عن سخطها لـ«الجمهورية» قائلة: «أنا متعاقدة في التعليم الثانوي و«طارو ساعاتي» كغيري من الزملاء نتيجة إدخال الاساتذة المتمرنين، عوضاً من العمل على تثبيتنا حُرمنا من ساعات التدريس». وأضافت: «أكثر من 2000 متعاقد باتوا في الشارع، لا شك في اننا متجهون نحو التصعيد بعدما رأينا أولادنا جائعين».

امّا زميلها حمزة منصور، فقال باسم المعتصمين: «إنتظرنا من وزارة التربية التثبيت، وإذ بها تقتلنا بإعلانها بيان إلغاء عقودنا وساعاتنا ومن ثم رمينا للموت والفقر والبطالة. دخلنا التعليم بناء على طلب الوزارة وإلحاحها والتي لم يكن باستطاعتها إجراء أية مباراة لتعبئة الحاجات وذلك لنجدة التعليم الرسمي».

وأضاف: «طلبنا من الوزير مروان حماده كتاباً او قراراً يحفظ عقودنا وساعاتنا وعدم فسخ ايّ عقد لأي متعاقد كان. ووضعنا امام الوزارة الاقتراحات كافة لتأمين ساعات للمتعاقدين بدل الساعات التي استُقطِعت من دمائهم»، مشيراً إلى انّ بين الحلول التي رُفعت: «زيادة ساعات التنسيق لأساتذة الملاك، تشعيب الصفوف التي يزيد طلابها عن 30 طالباً. إلّا أنّ المسؤولين رفضوا التشعيب بحجة عدم وجود تغطية مالية من وزارة المال. كان ردّنا انّ السلطة تصرف المليارات من دون قيد او شرط لا بل بهدر لا سابق له، وعندما يتعلق الأمر بالتعليم وبتطويره وتحديثه، تنسحب السلطة من واجباتها».

هذا ما نرفضه

نتيجة إلحاح المعتصمين وإصرارهم على مقابلة حمادة وتمسّكهم بالتصعيد، وصلت مجموعة من مكافحة الشغب إلى بهو الوزارة، وبعد طول انتظار تحت وطأة الشمس، جاء الجواب، انّ بوسع وفد من المتعاقدين التحدث إلى أحد مستشاري حمادة. فقرابة الثانية عشرة ظهراً توجّهوا على مضض إلى الطابق 15، مُعتبرين «المستشار أحلى من بلاش». وبعد نحو ربع ساعة خرجوا ولم يكن من داع لسؤالهم: «كيف كان الاجتماع؟»، فملامح وجوههم والخيبة في عيونهم كانتا كفيلتين بإعطاء صورة عمّا سمعوه. وحدها الاستاذة الكوش تمتمت وهي تحمل ورقة في يدها: «ليس في جعبتنا سوى وعود من دون ضمانات، ليس هناك من جديد بعد المذكرة الاخيرة للوزير حمادة في ما خصّ المتعاقدين، أولاً الإبقاء على العقود مع تخفيض ساعات التدريس إلى حدها الأدنى، وثانياً الاستعانة بمتعاقدي الثانوي في الاساسي». حلول سرعان ما جدّدت النيران في صدور متعاقدي الثانوي الذين أكّدوا رفضهم لحل تأمين لهم ساعات من الاساسي، ليس فقط لأنّ كلفة ساعة التدريس في الاساسي أقل من كلفتها في الثانوي، إنما يرون في هذه الخطوة «نوعاً من الانتقاص من شهاداتهم وطموحاتهم».

حل… أم فخ؟

رغم رفض متعاقدي الثانوي تأمين ساعات لهم من التعليم الاساسي، أعربت المدرّسة نسرين شاهين رئيسة «اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الاساسي الرسمي» لـ«الجمهورية» عن سخط أكثر من 13 ألف متعاقد في الرسمي لفكرة استقدام متعاقدي الثانوي إلى الاساسي، قائلة: «يَلّي فينا مكَفّينا، وفكرة الدمج هذه جاءت لحرف نظرنا عن مطلبنا الاساس وهو تثبيتنا». وتابعت: «نحن أكثر من 13000 أستاذ بين متعاقد (فوق وتحت السن) ومُستعان بهم نطالب بالتثبيت بعد كل الحرمان الذي لحق بنا، وسط الغلاء المعيشي الذي يعتصرنا، نتفاجأ ونحن نسعى للحصول على قرار تثبيتنا بأنّ وزارة التربية بَدل أن تحل أزمة متعاقدي الثانوي خلقت أزمات عبر أخذ ساعات تدريس من امام المتعاقد الاساسي لإعطائها لمتعاقد الثانوي. هذا إفلاس تربوي». وسط هذا الرفض القاطع، أكّدت شاهين باسم متعاقدي الاساسي «انهم يكنّون كل الاحترام والتقدير لزملائهم في الثانوي، ولكن يرفضون أي حل ينتقص من حقوقهم». وأكّدت «انّ الخميس هو يوم غضب متعاقدي الاساسي امام وزارة التربية». وقالت: «سنأتي من أقصى الشمال ومن عمق الجنوب، ومن البقاع، ومن المناطق كافة لنطالب بتثبيتنا فقط. لن يقوى أحد عن صرف اهتمامنا بمطلبنا الاساس».

المتقاعدون: «ما تسرقونا»

بينما كانت وزارة التربية تغلي من الخارج والداخل بمطالب الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي والرسمي، عقدت روابط الأساتذة المتقاعدين في التعليم الرسمي مؤتمراً صحافيّاً وقررت الاعتصام امام وزارة المال الاثنين المقبل إستنكاراً لآلية احتساب الزيادة التي منحهم إيّاها القانون 46، والتي حُددت بقيمة 85% على الراتب تقسّط على 3 دفعات.

في هذا الإطار، أوضح رئيس رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي عصام عزام، في حديث لـ«الجمهورية»: «وزارة المال خالفت القانون 46 وتحديداً المادة 18 المتعلقة بزيادة معاشات المتقاعدين، بنسبة 25% من أساس معاشاتهم التقاعدية (85%) على ألّا تقل قيمة هذه الزيادة عن 300 ألف ليرة لبنانية، وبعد عام تُدفع زيادة مماثلة، وفي العام 2019 يدفع الباقي. ولكن فوجئ الأساتذة والمعلمون المتقاعدون وبعض الإداريين والعسكريين، عند قبض معاشاتهم التقاعدية في 1 أيلول 2018، أنه وبدون أي مبرر قانوني، لم تُضف إلى معاشاتهم الزيادة القانونية».

وتابع موضحاً: «تبيّن لنا أنّ وزير المال أرسل في 20 آب المنصرم بياناً لدائرة الصرفيات يتعلق بالمعايير والإجراءات المعتمدة لصرف الدفعة الثانية من الزيادة على المعاشات التقاعدية، تُحدد الزيادة الإجمالية على المعاشات بعد إجراء المقارنة بين الراتب الأخير الذي أحيل بموجبه الموظف على التقاعد، وبين الراتب الحالي للموظف في الخدمة الفعلية المُشابه له في السلك والفئة والرتبة والدرجة، وذلك بعد مراعاة عدد سنوات الخدمة ومبدأ الـ 85% من الراتب الأخير المعتمد لاحتساب المعاش التقاعدي، من هنا يتبيّن لنا أنّ البيان الصادر عن معاليه مناقض للقانون 46 والمادة 18 منه وينتقص من حقوق المتقاعد، علماً انّ مجلس النواب كان له الدور الأساس في وضع المادة 18 وبتحديد زيادة 85% على الراتب مقابل التجزئة على 3 دفعات». وتابع قائلاً: «يحاولون التلاعب معنا والادّعاء بأنّ المقارنة بين معاشات المتقاعدين القدامى مع معاشات المتقاعدين بعد صدور السلسلة تهدف الى تحقيق المساواة والعدالة، «طيّب» لماذا لم تُحتسب الدرجات الاستئنائية الجديدة التي لم يستفد منها المتقاعدون القدامى؟».

في الكواليس

 

على وقع اللهيب التربوي في القطاع الرسمي، علمت «الجمهورية» انّ قضية الاقساط المدرسية ستبرز كطبق أساسي في زيارة اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة للوزير حمادة قبل ظهر اليوم، بالاضافة إلى مسألة تمويل الدرجات الست للاساتذة، وتفعيل المجالس التحكيمية. كما انّ أصحاب المؤسسات التربوية سيكررون على مسامع حماده وجع الاهالي العاجزين عن دفع الاقساط المدرسية حتى من دون أي زيادة، وسيطالبونه مساندة التعليم الخاص أسوة بالتعليم الرسمي.

إلى ذلك، سيعقد حمادة ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في إطار استكمال التحضيرات للبدء بالعام الدراسي الجديد، والإعلان عن الترتيبات الأساسية التي وضعتها الوزارة لاستقبال التلامذة في مدارسها.