IMLebanon

مطار فاشل لدولة فاشلة! (بقلم رولا حداد)

يمكن القول وبضمير مرتاح إن وضع مطار الرئيس رفيق الحريري في بيروت يختصر وضع الدولة- المزرعة القائمة في لبنان بامتياز، ومن كل النواحي.

من الناحية الأمنية يسيطر “حزب الله” على المطار الوحيد في لبنان، تماماً كما يسيطر على مفاصل القرار في الدولة اللبنانية وعلى كافة المستويات.

ومن ناحية الخدمات، فإن مطار بيروت تحوّل أسوأ من أسوأ مطارات مجاهل أفريقيا لناحية القذارة في كل أرجائه في غياب الحد الأدنى من النظافة ومن الصيانة المطلوبين، واللذين يُفترض أن الدولة تدفع كلفتهما من دون أن يتحققا. ناهيك عن أنه المطار الوحيد في العالم الذي يجري فيه تفتيش المسافرين أكثر من مرة، ويتم التحقق من ختم جواز سفرهم أكثر من مرة. أما تاكسي المطار فحدّث ولا حرج!

وضع كل هذه الخدمات كوضع الخدمات في “المزرعة اللبنانية غير السعيدة”، والمسمّاة زوراً “الدولة اللبنانية”: لا كهرباء ولا ماء والنفايات تعمّ البلد تماماً كما تستقبلك روائحها بمجرد أن تصل إلى المطار مسافراً أم عائداً من الخارج. والفوضى العارمة في مؤسسات الدولة وإداراتها تتطبق أيضاً في المطار. بالمناسبة في حال لم تصل حقيبتك إلى مطار بيروت، وعادت ووصلت بعد أيام، ستدخل بنفسك إلى صالة مستودع الحقائب و”Self service” بحيث يمكنك أن تأخذ الحقيبة التي تريدها… و”دبّر راسك”!

أما بخصوص الزحمة في المطار، فهل تختلف عن الزحمة الخانقة في معظم طرقات “الدولة اللبنانية”؟ وهل انقطاع الكهرباء في أحيان كثيرة في المطار يختلف عما يجري خارجه؟ وهل تعطّل أنظمة العمل في المطار غريب عن مؤسسات الدولة وإداراتها ووزاراتها؟ وهل تأخر الطائرات والحقائب وتعطل أحزمة الحقائب المتحركة يختلف عما يجري في كل المؤسسات الرسمية في لبنان؟

هل “الواسطة” في المطار لـ”المحظيين” من أصحاب النفوذ أو للذين “يدفعون” تختلف عما يجري في كل إدارات الدولة؟ وهل الفساد الذي نسمع عنه يومياً في مطار بيروت يفترض أن يختلف عن الفساد خارج المطار وعلى كل المستويات؟

وهل أكمل تعداد الأمثلة التي تعرفون وأعرف؟ إن مطار الرئيس رفيق الحريري في بيروت يعكس صورة مصغرة عمّا يجري في كل الدولة اللبنانية ليس أكثر ولا أقل!

كنا نأمل على الأقل أن تتمكن كل الدولة- المزرعة في لبنان، وطالما أنها عاجزة عن إدارة مؤسساتها وسلطتها على مساحة الـ10452 كيلومتراً مربعاً، أن تتمكن على الأقل من إدارة مطار صغير جداً بالمساحة وعدد المسافرين عبره، ولا يجوز طبعاً مقارنته مع مطارات عالمية كمثل مطار دبي دولي أو مطار اسطنبول الجديد أو المطارات الأوروبية والأميركية، وحتى أي مطار عربي أو أفريقي أو حتى في الشرق الأقصى!

إن هذه الدولة- المزرعة، بمسؤوليها على مختلف المستويات، العاجزة عن إدارة مطار صغير وتطويره وتجهيزه وتقديم الخدمات اللائقة فيه للمسافرين عبره، هي حتماً عاجزة عن إدارة دولة ووطن وتقديم الخدمات اللازمة لمواطنيه الذين يدفعون الضرائب.

وفي انتظار من يجرؤ من مسؤولي “المزرعة اللبنانية غير السعيدة” على اتخاذ قرار بمعالجة سريعة لمشاكل مطار بيروت وتطويره، واتخاذ قرار بتشغيل مطار الرئيس رينه معوض في القليعات، قد يكون من المفيد للشعب اللبناني التعيس والمقهور، أن يتم إعلان الدولة اللبنانية “دولة فاشلة”، وفرض انتداب علينا من مجلس الأمن الدولي أو من أي دولة أوروبية متحضرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحماية ما تبقى من مقدرات الوطن والمواطنين من فساد الأكثرية الساحقة من أهل السلطة في المزرعة اللبنانية!