IMLebanon

ضبط الحدود الشرقية حاجة داخلية ودولية للتسوية السورية

في غمرة الانهماك بالأزمة الحكومية المستفحلة التي لا تجد سبيلا إلى الحل حتى الساعة، بفعل زحمة المطالب وشهية “الاستيزار” المفرطة لدى القوى السياسية إضافة إلى تضارب التطلعات إزاء المرجو من الحكومة الحريرية الثالثة، يبقى ملف وحيد يجمع الأطراف المتناحرة ويشكل نقطة التقاء في ما بينهم هو الاستقرار الامني. ذلك أن مجمل هذه الأطراف على اختلافاتها السياسية وتنوع مقارباتها للأزمات وبلوغ نزاعاتها في شأن القضايا والملفات الداخلية والإقليمية حدها الأقصى وفق ما يتبدى في حرب السجالات المشتعلة تقف عند عتبة عدم المس بالاستقرار، أولا لقناعة بمدى خطورة المغامرة بأي خطوة من هذا النوع وتداعياتها البالغة السلبية على البلاد عموما وثانيا لكونه موضوعا تحت العناية الدولية التي حددته خطا أحمر ممنوع على أي كان تجاوزه، بما فيها القوى التي تملك السلاح والقادرة على تحريك الأمن.

وإذا كان أمن الداخل ممسوكا بإحكام من الأجهزة العسكرية والأمنية الساهرة عليه على مدار الساعة، وتحقق إنجازات مهمة في مجال مكافحة الإرهاب وضبط شبكات ومجموعات تسعى إلى توتير الأوضاع، فإن الأمن الحدودي لا يقل أهمية نسبة للمخاطر الممكن أن تتأتى عبره لا سيما من الحدود الشرقية غير المضبوطة بالكامل، حيث تسمح الثغرات في بعض النقاط بتسلل أشخاص ومجموعات من الداخل السوري “الخصب” بالإرهاب واستتباعاته، علما أن الجيش يفرض سيطرته على نحو 80 في المئة من هذه الحدود إن عبر أبراج المراقبة التي زودته بها بريطانيا أو من خلال زيادة عديده في هذه النقاط، بحيث يسيّر دوريات على طول الحدود بالتنسيق مع سائر الأجهزة الأمنية على رغم الطبيعة الوعرة التي تزيد المهمة صعوبة، خصوصا في فصل الشتاء.

هذه الحدود، كما تقول أوساط أمنية معنية لـ”المركزية”  تقع في صلب اهتمامات دول غربية عدة تقدم الدعم للجيش من أجل ضبطها بالكامل وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا التي قدمت آلات سكانر تستخدم راهنا عند النقاط الحدودية حيث المعابر الشرعية، وقد ارتفع منسوب الاهتمام الدولي بُعَيد دحر المؤسسة العسكرية الإرهابيين في عملية “فجر الجرود” في آب 2017، فتكثفت الاتصالات الأمنية بين لبنان والخارج في سبيل أحكام القبضة الأمنية اللبنانية الشرعية على الحدود اللبنانية -السورية بالكامل ليس فقط للحاجة اللبنانية الملحّة إلى هذه الخطوة بل أيضا لكونها من مقتضيات التسوية السياسية السورية الجاري العمل على إعدادها في كواليس المقار الدولية.

وإذ تذكّر بالزيارة الناجحة لقائد الجيش العماد جوزيف عون لواشنطن منذ أشهر والتي عكست ثقة دولية كبرى بالمؤسسة العسكرية ودورها في محاربة الإرهاب، تكشف المصادر عن زيارات أمنية متبادلة بين الجانبين اللبناني والأميركي، وتتوقع  زيارة لمسؤول عسكري أميركي قبل نهاية الشهر الجاري لبيروت في سياق تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، بالتنسيق مع دول أوروبية في إطار إنجاز تحضيرات خاصة بمراقبة الحدود الشرقية وضبطها بالكامل.