IMLebanon

كسر ركائز “التسوية الرئاسية” السبب الفعلي لتعثّر التأليف

لا تبدو الاتصالات القليلة التي يجريها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري راهنا مع الأطراف السياسيين لمحاولة الخروج من نفق تأليف الحكومة، وهي تركّز بحسب المعلومات المتوافرة على البحث في التعديلات التي يمكن إدخالها إلى المسودة التي سلّمها منذ أسابيع إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، كافيةً لوضع حدّ للمأزق الذي تتخبط فيه البلاد منذ أيار الماضي.

فوفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، لم تعد الأزمة محصورة بتوزيع الحقائب والحصص في التركيبة الوزارية، بل إن الخلاف الحاصل على هذه الضفة يُعدّ من “عوارض” أو نتائج الداء الأساسي الكامن في مكان آخر، وتحديدا في توازنات التسوية الرئاسية. فإذا أعيد إنعاشها ونفض الغبار عنها، شُكّلت الحكومة في غضون ساعات أو أيام، أما إذا استمرت محاولة اللعب بقواعدها، فإن التأليف سيبقى في دوامة المراوحة السلبية.

المصادر تذكّر، في السياق، أن التسوية الرئاسية التي أنتجت تفاهما بين التيار “الوطني الحر” وتيار “المستقبل” على انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية مقابل تسلّم الرئيس الحريري رئاسة الحكومات التي ستتشكل خلال العهد، قامت على ركائز واضحة، ألا وهي: تبني لبنان الرسمي سياسة النأي بالنفس، والتسليم باتفاق الطائف كما هو، ووضع الملفات الخلافية كلّها جانبا ومنها على سبيل المثال لا الحصر التطبيع مع سوريا وسلاح “حزب الله” والتفرغ للعمل لمصلحة المواطن وحل مشاكله اليومية والقضايا المعيشية والإنمائية.

غير أن هذه الثوابت التي تم التقيد بها في الفترة الماضية تتعرّض للكسر منذ انتهاء الانتخابات النيابية في 6 أيار الماضي. فـ”حزب الله” عاود تصويبه على السعودية واستقبل وفدا من الحوثيين في الضاحية. أما صلاحيات الرئيس المكلف التي نص عليها “الطائف” فتتعرّض هي الأخرى لـ”الانتهاك”، بحسب المصادر، حيث المحاولات متواصلة لتطويقها، تارة من خلال وضع مهلة محددة للتأليف، وطورا من خلال تعظيم دور أطراف محلّية في عملية التشكيل. وفي ما يخص سياسة تحييد الملفات الخلافية، فلم تعد قائمة، إذ أعيد الحديث عن ضرورة تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق وإحياء التنسيق بين الجانبين لدواع اقتصادية ولمعالجة ملف النزوح السوري، في حين استأنف عدد من الوزراء الموالين لـ8 آذار زياراتهم الى العاصمة السورية.

والحال أن هذه الخروق كلّها هي التي تقف عائقا أساسيا أمام التأليف. فالرئيس الحريري، وفق المصادر، لا يمكنه ترؤس حكومة لا تعتمد النأي بالنفس وأطرافها يوجّهون سهامهم الى العرب والدول الخليجية، ووزراؤها في ذهاب وإياب دائم إلى دمشق، ولا يمكنه، بطبيعة الحال، الجلوس على رأس مجلس وزراء ميزان قواه يميل بوضوح لصالح فريق 8 آذار السياسي، على حساب القوى الأخرى وعلى رأسها “القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الاشتراكي”.

والمطلوب أمام هذا الواقع، تضيف المصادر، إنعاش التسوية وما أنتجته من تفاهمات، وذلك من خلال اتصالات بين المعنيين بها مباشرة، أي “التيار الوطني” و”المستقبل”، وتحديدا بين الرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل من جهة والرئيس الحريري من جهة أخرى، وإلا فإن التعثر سيبقى سمة مساعي التأليف التي قد تفرمل نهائيا، وفترة “الشغور” الحكومي وتصريف الأعمال ستكون مرشّحة للتمدد وربما استمرّت إلى ما بعد رأس السنة، تختم المصادر.