IMLebanon

هل يجرّ الأسد الجميع إلى المعركة؟

كتب ايليا ج. مغناير في صحيفة “الراي” الكويتية:

تَدْفَعُ تركيا بقواتٍ مؤلَّلة وقواتِ كوماندوس إلى داخل مدينة إدلب، لأهداف تصبّ في مصلحتها لوقف المعركة مستغلّةً التباطؤ الروسي في الحزم في شأن هذه المعركة بفعل التهديد الأميركي – والمصلحة التركية – بضرْب الجيش السوري تحت عذر «استخدام أسلحة كيميائية»، وكأن هذا السلاح أصبح أيضاً جزءاً لا يتجزأ من تداعيات المعركة المقبلة.

وتَعتبر روسيا أن حركة تركيا العسكرية في إدلب هي خرْقٌ لاتفاق استانا الذي نظّم نوعية وكمية الوجود العسكري التركي في هذه المنطقة وأريافها. وكذلك خرقتْ أنقرة الاتفاق الروسي – الإيراني – التركي الذي نصّ على القضاء على تنظيم «القاعدة» في سورية وحلفائه الموجودين داخل المدينة ومحيطها. لكن الرئيس رجب طيب أردوغان يطالب بالمزيد من الوقت، وهذا الوقت الاضافي لا يصبّ أبداً في مصلحة الحكومة السورية ولا في مصلحة علاقة موسكو مع كل من دمشق وطهران وكذلك أنقرة، ويضع الرئيس فلاديمير بوتين في موقف ضعيف امام ترامب وكأنه يرضخ للتهديد الأميركي.

وعلمت «الراي» ان تركيا عرضت على موسكو حماية قاعدتها العسكرية في منطقة حميميم التي تعرّضت لأكثر من 55 هجوماً من طائراتٍ مسيّرة من دون طيار من قبل تنظيمات جهادية. وقد أسقطت المنظومة الدفاعية الروسية هذه الطائرات المسلّحة قبل أن تصل الى هدفها.

وفيما تَعْتَبِر موسكو إن أحد أهمّ أسباب تحضيرها لتطهير ريف اللاذقية وإعادة سيطرة الجيش السوري على المنطقة كخطوة أولى لتحرير إدلب هي الخروق التي لم تستطع تركيا منْعها، تقول أنقرة إنها تستطيع وضْع حد للهجمات التي يقوم بها الجهاديون ضد المواقع الروسية والسورية، لكن روسيا لم توافق على ذلك لأن تركيا تريد اقتطاع جزء من سورية ولا تريد إرجاع إدلب للحكومة السورية.

وقد وعدتْ تركيا – بحسب ما علمت «الراي» – بأن تدْمج كل الفصائل الجهاديية تحت مسمى وجيشٍ واحد وبأنها تعزز مواقعها العسكرية داخل ادلب ومحيطها لتدعم الفصائل المعارِضة المسلحة في حربها المقبلة ضد «القاعدة» والتركستانيين والأجانب الآخرين الذين يرفضون الخروج الى بلادهم. وقالت أنقرة، لروسيا وإيران – وفق المصادر – إن المئات من هؤلاء غادروا فعلاً وان تركيا تحتاج الى المزيد من الوقت لإقناع الباقين بالمغادرة والآخرين المحليين بتسليم السلاح أو الانضمام تحت لوائها أو القتال والقتل لنزْع فتيل إدلب من المداولة.

وتقول المصادر نفسها ان حلفاء سورية مصممون على معاودة السيطرة على أرياف إدلب أولاً وأرياف اللاذقية قبل استعادة مدينة إدلب. وقد عزز هؤلاء مواقعهم الدفاعية لمنْع الجهاديين من الهجوم على مدينة حلب مقابل الحشود التي يحضّرها الجهاديون لحرْف النظر والمبادرة بالهجوم في حال اندلعت المعركة المنتظرة على ادلب.

ويعتبر حلفاء سورية ان روسيا تباطأت في الهجوم على إدلب ما سمح لتركيا بتعزيز مواقعها العسكرية داخل المدينة وعلى حدودها وأطرافها. كما سمح للمجتمع الدولي بقيادة أميركا برفْع متسوى التهديد وتحضير بنك الأهداف داخل سورية وبزيادة مستوى التصعيد مع روسيا وفي وجهها من خلال المناورات والمناورات المقابلة للدولتين العظميين اللتين – منذ اندلاع الحرب السورية – تسيران على حافة الهاوية.

وتكشف مصادر قيادية في حلفاء سورية «أن تركيا قالت إنها تريد تأجيل حل مشكلة ادلب الى حين نضوج الحل السياسي لأنها معنية بحماية عشرات الآلاف من المقاتلين التابعين لها وبإيجاد حل لهم مع حكومة دمشق. بينما هي – أي تركيا – تتحضر لابقاء احتلالها لادلب ومحيطها وضمّها الى تركيا ليكبر حجم النزاع بين دمشق وانقرة».

وتضيف المصادر ان «لموسكو مصالح مع أنقرة تُعتبر استراتيجية مثل التبادل التجاري، التسليح واتفاقيات الطاقة المستقبلية. ولإيران مصالح مشتركة متعددة مع تركيا. إلا ان العلاقة مع سورية أيضاً استراتيجية، وهذا ما يلعب عليه اردوغان. وقد ركّزتْ تركيا جهودها على نشر الخوف في أوروبا من نزوح مئات الآلاف الى القارة العجوز إذا هوجمت ادلب. لكن لا مخطط للهجوم على المدينة الآن بسبب الكثافة السكانية. فلا احد يريد نقل تجربة ما حدَث في الموصل من دمار وخراب وقتلى. ومن المفروض نزوح المدنيين الى مناطق سيطرة الجيش السوري او الى الداخل الادلبي الى مناطق سيطرة المجموعات غير الجهادية».

وبالتالي فإن جرس الإنذار التركي غير واقعي ولا يخدم إلا ترسيخ سيطرة انقرة على ادلب وهذا ما لن يسمح به الرئيس بشار الأسد حتى ولو اضطرّ لجرّ الجميع إلى المعركة.