IMLebanon

“قمة سوتشي” تتمة لطهران… فأين دور واشنطن؟

بعد أحد عشر يوما على قمة طهران التي جمعت الى الرئيس الإيراني حسن روحاني كلا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان، يلتقي الرئيسان التركي والروسي الإثنين المقبل في سوتشي لإستكمال البحث في مستجدات الأزمة السورية من باب الأزمة الناشئة في ادلب والمساعي الجارية لمنع ما يصفه الأتراك ومعهم معظم الدول الأوروبية والمؤسسات الأممية بـ”المجزرة” المتوقعة في المنطقة، ووقف حمام الدم.

فكل الدراسات والإحصاءات التي يتحدث عنها المهتمون بالملف السوري تشير الى مجزرة محتملة إن صحت التهديدات والإتهامات المتبادلة بين واشنطن وموسكو حول استخدام حلفائهما الأسلحة الكيماوية المحظورة، خصوصا ان الجانب الروسي تحدث عن “فيلمين” اعدا سلفا من اجل “إطلاق مسرحية” الكيماوي بالتنسيق بين اصحاب “الخوذ البيض” ومجموعات النصرة وبرعاية اميركية.

ووفق الإحصاءات، فإن المنطقة المستهدفة بالعملية العسكرية تتسع لحوالى ثلاثة ملايين من السوريين المدنيين الذين يتحصن في ما بينهم حوالى 35 الف مسلح من بقايا المنظمات والتشكيلات السورية المعارضة ومن بينهم ما يزيد على 10 آلاف مسلح اجنبي معظمهم من دول الإتحاد السوفياتي السابق، وهو ما يؤدي الى ارتفاع منسوب القلق ازاء حجم الأضرار البشرية المحتملة في حال وقوع عملية عسكرية. فالمسلحون يتقنون فنون القتال ويملكون أفضل انواع الأسلحة الفردية التي تفوق قدرات الجيش السوري والتنظيمات الموالية، بما فيها الإيرانية التي تجمع مسلحين من افغانستان وباكستان وقوات الحشد الشعبي العراقية وغيرها من الدول التي تدور في فلك طهران.

على هذه الخلفيات، تشير اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” الى ان لقاء القمة بين بوتين واردوغان الاثنين يشكل تتمة طبيعية لما جرى بحثه في قمة طهران في السابع من ايلول الجاري. فالروس والأتراك لم يلتقيا على قراءة واحدة لطريقة التعاطي مع إدلب ومحيطها في وقت يرى الأتراك ان من بين أنصار الروس والإيرانيين من ينصبون العداء لهم والعكس صحيح عدا عن الخلاف الإيراني – التركي المحتمل.

وتؤكد ان الرئيسين سيبحثان في امكان تقريب وجهات النظر من بعض المقترحات ومنها منع اي مواجهة ايرانية – تركية وتركية – سورية قد تكون مباشرة هذه المرة ما لم يتم تجنبها بابعاد المنظمات الموالية للأتراك عن خطوط التماس مباشرة في أكثر من جبهة حول ادلب، وهو ما سمته موسكو بضرورة “فرز الفصائل المعارضة” والقاء تبعة المهمة على الأتراك. فالأتراك يدركون كما الروس ان المواجهة المقبلة صعبة على أكثر من مستوى وان قمة طهران لم تنته الى تفاهم شامل، وهو ما قد يؤدي الى زعزعة الحلف الثلاثي الجديد في المواجهة المحتملة بين اطرافه والولايات المتحدة الأميركية في ظل الإشتباك التركي القائم دفعة واحدة مع الأميركيين والروس والإيرانيين.

وتضيف ان اللقاء الذي جمع وزيري دفاع البلدين، تركيا خلوصي أكار والولايات المتحدة جيمس ماتيس قبيل قمة طهران لم يحقق شيئآ من احلام انقرة. فقد تيقنت ان عليها الكثير مما تقوم به لترميم علاقتها مع واشنطن في النقاط الحساسة ولا سيما تلك المتعلقة بالدور الموكل اميركيا لألدّ اعدائها من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحرب المقبلة على الإرهاب. فالتسويات التي رعاها الأميركيون في منبج والشريط الحدودي من الأراضي السورية شمالا المحتل من الجيش التركي لم ترق الى اي تفاهم نهائي، ومازالت القوات التركية تنصب العداء للأكراد وخصوصا عند رصدها لحجم التسليح الأميركي لهذه القوات في الأيام القليلة الماضية والذي فاق كل التوقعات.

وتأسيسا على ما تقدم، تراهن الاوساط الدبلوماسية على دور روسي يخفف من حدة المواجهة العسكرية في ادلب منعا للإحراج الذي تتوقعه عالميا عند رعايتها لعملية عسكرية من هذا النوع. فالرئيس بوتين يستعجل العملية السياسية وخطط الاعمار في سوريا، وهو رهان خطير وصعب لا يمكنه ان يقوده وحده. لذلك يحاول عبر استعراض القوة الذي يمارسه في البحار المحيطة بسوريا وروسيا ممارسة اقصى الضغوط لإنهاء حرب ادلب قبل ان تبدأ فهل ينجح؟