IMLebanon

عون إلى نيويورك بلا حكومة: تعويل على لقاءاته لتحريك التأليف

وسط التعثر الذي يصيب عملية التأليف منذ أشهر، ضُربت مواعيد كثيرة قيل إن الحكومة يجب أن تبصر النور بحلولها لكونها تسبق استحقاقات خارجية ودولية للبنان يُفترض أن يحضر فيها بـ”أفضل صورة” كدولة مكتملة الأوصاف والمؤسسات. إلا أن هذه المهل سقطت تباعا، فرئيس الجمهورية ميشال عون توجّه إلى ستراسبورغ الأسبوع الماضي حيث ألقى كلمة في برلمان الاتحاد الاوروبي فيما لا مجلس وزراء في بيروت، وها هو يحزم حقائبه للتوجه إلى نيويورك، حيث يلقي كلمة لبنان في 23 الجاري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين لا معطيات تدل إلى إمكان تحقيق خرق في جدار الأزمة الحكومية قبل هذا التاريخ.

ومع أن مصادر سياسية مراقبة تقول عبر “المركزية” إن الرئيس المكلف سعد الحريري يرفض “رمي المنديل”، ويدرس بعيدا من الأضواء، الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها لدفع التأليف قدما، حيث يواصل في الظل البحث في التعديلات التي يمكن أن يُدخلها إلى المسودّة التي سلّمها إلى الرئيس عون منذ أسابيع، بحيث تصبح أكثر قابلية للفوز برضا بعبدا، وذلك في ضوء الملاحظات التي سجّلها سيّدها على التركيبة “الحريريّة”، تلفت في المقابل إلى أن الآمال حتى الساعة تبدو ضئيلة في التوصل إلى مخرج، ذلك أن أطراف التشكيل على مواقفهم ومطالبهم الوزارية. وحتى اللحظة، لا يبدو أي منهم في وارد التنازل عن طروحاته – مع أن الهدنة التي أرسيت اليوم بين “التيار الوطني الحر” والحزب “التقدمي الاشتراكي” قد تكون عاملا مساعدا في التشكيل.

هذه المعطيات تدل إذًا إلى أن المراوحة السلبية مستمرّة “إلا إذا”. وسيكون هذا الواقع حاضرا في كواليس نيويورك، وفق المصادر. فعلى هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة، ستكون لرئيس الجمهورية سلسلة لقاءات مع رؤساء وزعماء العالم، العرب والأوروبيين والغربيين. ولا حاجة إلى “منجّم” للقول إن المباحثات التي ستُسجّل بين الطرفين، ستدور كلّها حول ضرورة الإسراع في التأليف وإكمال عقد المؤسسات الدستورية وانطلاق ورشة الاصلاح والإنماء في لبنان.

فالمجتمع الدولي، الذي شارك في مؤتمرات دعم لبنان الثلاثة التي عقدت في الأشهر الماضية من روما إلى “سيدر” في باريس فبروكسل، قرر الوقوف إلى جانب بيروت ودعمها سياسيا واقتصاديا وماليا وإنسانيا وعسكريا، على أساس خطوات إصلاحية واضحة تعهّدت حكومتها القيام بها، من جهة، وعلى أساس التزامها التام بسياسة النأي بالنفس ووقف التدخل في قضايا الدول الأخرى. وفي وقت سيذكّر المانحون لبنان بما وعد به، سيحذّرونه أيضا من أن المساعدات التي خُصصت له قد تضيع وتُحوّل إلى دول أخرى، إذا ما استمر التخبط السياسي والعجز عن تأليف الحكومة وتأخّر وضع قطار محاربة الفساد على السكة. وعليه، سيشددون أمام الرئيس اللبناني على ضرورة الخروج سريعا من حال المراوحة والإسراع في التشكيل.

فهل تكون اللقاءات المرتقبة في المنظمة الأممية وما سيسمعه الرئيس عون مباشرة من نظرائه، بمثابة “صعقة” تُعيد الوعي إلى الجسم اللبناني الغارق راهنا في “كوما” الحصص والأحجام والحقائب؟ التعويل المحلي كبير على اجتماعات نيويورك ومحادثاتها علّها تفعل فعلها وتلقى آذانا صاغية في الداخل، فتحرّك المياه الراكدة في مستنقع التأليف منذ أيار الماضي، وتنتشل الحكومة من عنق الخلافات السياسية العالقة فيه، خاصةً وأن الاجواء الإقليمية الراهنة (انطلاقا من مستجدات العراق) تبدو مواتية ومشجعة لتحقيق هذا الإنجاز، وهي قد لا تكون متوافرة في المستقبل القريب.