IMLebanon

ملامح “جبهة مسيحية” بمواجهة انفراد “التيار” بالسلطة

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”: 

فتحت أزمة تشكيل الحكومة الباب على صراع سياسي طويل بين القوى المسيحية، التي تجد نفسها في دائرة «الاستهداف والإقصاء» من قبل التيّار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ويبدو أن المصيبة تجمع اليوم أحزاباً سياسية مسيحية رغم خصومتها التاريخية، كما هو حال حزب «الكتائب» مع تيّار المردة برئاسة النائب السابق سليمان فرنجية، وحال «القوات» أيضاً مع «المردة»، لكن ذلك ليس كافياً حتى الآن لإنشاء «جبهة سياسية» بمواجهة التيّار الحرّ، الذي «يمارس سياسة أنا أو لا أحد على أحدّ» على حدّ تعبير القيادي في حزب «الكتائب» النائب السابق ايلي ماروني.

وتتباين رؤى القوى المسيحية حيال النظرة إلى تشكيل «جبهة سياسية»، ويقدّم كلّ فريق تفسيره للمرحلة المقبلة من زاوية مختلفة، ورأى ماروني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ عودة التيار الوطني الحرّ إلى ممارسة العمل السياسي إثر عودة الرئيس ميشال عون من المنفى في العام 2005. بدأ يستأثر ويحتكر المقاومة ضدّ الاحتلال السوري، وكأن المسيحيين الآخرين ليس لديهم تاريخ نضالي ومقاوم، رغم ما عانيناه من اغتيال وقهر واضطهاد واعتقالات وإخفاء لقياداتنا». وشدد على أن التيار الحرّ «يمارس سياسة أنا أو لا أحد، وبنتيجة هذه السياسة نتجه إلى حكم الحزب الواحد، ومحاولة إلغاء القوى المسيحية الأخرى»، معرباً عن أسفه لأن التيار الحرّ «لديه جشع الهيمنة على كلّ المواقع المسيحية السياسية والأمنية والعسكرية والإدارية، وهذا أمر مرفوض».

وتشهد العلاقة بين «الكتائب» و«المردة» تقاربا لافتاً، يتمثّل بزيارات متبادلة لقيادات الطرفين، وكان آخرها زيارة النائب نديم الجميل مدينة أهدن (شمال لبنان) حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريح الوزير والنائب الراحل طوني فرنجية (والد سليمان فرنجية).

وبرأي النائب السابق ايلي ماروني، أن «الوضع بات يحتاج إلى تضامن مسيحي قوي»، مؤكداً أن «المجتمع المسيحي مصاب بالإحباط، ويعاني من انعدام حقه بالوصول إلى أي موقع في الدولة، وكل من لا يتبع لتيار جبران باسيل لا يمكنه الوصول إلى مركز أو وظيفة في الدولة». ودعا إلى «إنشاء جبهة واحدة قادرة على مواجهة هذا الاستفراد والاستهداف». وقال ماروني «إذا لم نتوحّد كقوى مسيحية في جبهة واحدة نكون أغبياء»، كاشفاً عن وجود اتصالات بهذا الشأن لم تصل إلى مبتغاها بعد.

ويواصل الوزير باسيل، معارضته منح حصّة وازنة للقوى المسيحية الأخرى في الحكومة، خصوصاً «القوات اللبنانية»، الأمر الذي عبّد الطريق نحو اقترابها أكثر من تيّار «المردة» رغم الصراع التاريخي بين الطرفين، واعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن لا وجود لـ«جبهة سياسية» في مواجهة العهد (الرئيس ميشال عون) وفريقه. لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى المسيحية وغير المسيحية تتقاطع في الخصومة مع نفس الشخص (جبران باسيل) الذي يوحّد خصومه رغم تناقضاتهم». واستبعد جبور «الذهاب إلى تشكيل إطار سياسي في مواجهة جبران باسيل، الذي لديه خلافات مع معظم القوى السياسية الإسلامية، مثل الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط».

ورغم عدم استعجال «القوات اللبنانية» بالتبشير بقيام تحالف مسيحي، لفت شارل جبور إلى أن جبران باسيل «يقود نفسه وتياره إلى عزلة وطنية، في حين أن سياسة «القوات اللبنانية» تقودها إلى تقاطعات وتفاهمات مع القوى المسيحية والوطنية»، كاشفاً أن «الاتصالات مع الوزير (السابق) سليمان فرنجية وتيار «المردة» تتقدم بشكل كبير، وهذا لا يعني حالياً بناء تحالف سياسي بمواجهة باسيل، لكن نتائج تصرفات الأخير أرست مشهدية تقول بأن هناك طرفاً سياسيا يأخذ نفسه إلى عزلة مسيحية ووطنية».

من جهته، أعطى منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، تفسيراً مختلفاً لنظرة القوى المسيحية لسياسة التيار الوطني الحرّ، وعبر عن اعتقاده أن «المعركة الموجهة ضدّ جبران باسيل وتياره، هي معركة «بدل عن ضائع»، لأن المشكلة في مكان آخر». وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد من القوى السياسية يجرؤ على معارضة «حزب الله» ليعترف بأنه وحده من يعرقل بناء الدولة»، مشيراً إلى أنهم «يتجنبون الاصطدام مع «حزب الله» ويذهبون إلى معركة مع التيار الحرّ».

ولا ينكر سعيد وجود دور مساعد للتيار الوطني الحرّ في التضييق على المسيحيين الآخرين، لكنه نبّه إلى أن «وليد جنبلاط يدرك أن إصرار التيار الحرّ على توزير (النائب) طلال أرسلان، يأتي بطلب من بشار الأسد و«حزب الله»، فيما يخوض معركته جبران باسيل، كما أن (الرئيس المكلّف) سعد الحريري يدرك أن معركته على صلاحيات رئاسة الحكومة ليست مع الرئيس عون، لكنه يشتبك مع عون بدلاً من حزب الله»، وجعجع عندما يقول في خطابه «الإخوة في حزب الله»، فهو يعني أن المرجعية السياسية التي كانت بيد النظام السوري باتت بيد حزب الله».

وشدد سعيد على ضرورة أن «تنطلق المعركة مع الرئيس عون وفريقه، من قاعدة أنه الزعيم المسيحي الذي يؤمن الغطاء السياسي والدستوري للسلاح غير الشرعي في لبنان».