IMLebanon

الرئيس القوي… ثقة متجدّدة

كتب خالد الداعوق في صحيفة “اللواء”:

لا بدّ بداية من التأكيد على أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يجسّد مفهوم «الرئيس القوي».

وإذا أردنا التفصيل، يمكن القول إنّ الرئيس عون قوي بشخصيته وحضوره، قوي بخبراته الواسعة، وبطول مراسه في تولّي المسؤوليات الوطنية الجسيمة، كما أنّه قوي بوطنيته المشهودة، بحفاظه على الدستور، باعتداله، بدبلوماسيته، بنظافة كفّه، باحتضانه واحترامه للجميع، بأبوّته للمواطنين دون تفرقة أو تمييز، بقدراته التحليلية التي تجعله فاهماً وعارفاً لكلّ التفاصيل المحيطة بأيّ ملف أو قضية بين يديه.

لذلك هو بتقديري لم يكن بحاجة إلى كتلة نيابية ليكون قوياً، لكن وجود هذه الكتلة يجعله يزداد قوّة، لأنّ التمثيل النيابي يعبّر عن مدى الحضور الشعبي للتيار الذي أسّسه الرئيس عون، خاصة أنّ الانتخابات الأخيرة حصلت على أساس قانون انتخابات نسبي، جعل المواطنين قادرين على إيصال أصواتهم، وترجمة إرادتهم بطريقة أفضل بكثير مما كان يحصل في السابق مع قوانين الانتخاب، التي كانت تعتمد نظام الاقتراع الأكثري، علماً بأنّ هناك ضرورة قصوى لتحسين القانون الحالي عبر جعل الدائرة الانتخابية أوسع مع اعتماد الصوت التفضيلي، على أساس الدائرة، وليس على أساس القضاء، ليبقى الهدف الأمثل هو الوصول إلى اعتماد النسبية الكاملة في الدائرة الوطنية الواحدة على مستوى كلّ لبنان.

هذه الصفات والمواصفات الواردة آنفاً، وأكثر منها أيضاً، موجودة في رئيسنا الذي كان لي شرف معرفته عن قرب منذ أكثر من أربعة عقود. كما كان لي شرف الحضور في مجالسه خلال فترة تأسيس التيار الوطني الحرّ.

ولذلك أقول بلا تردّد إنّ لنا ملء الثقة بإدائه وإدارته وقدرته على جعل أداء كلّ القريبين والمقرّبين منه، على مختلف مستوياتهم، يصبّ في مصلحة الوطن والمواطنين بكافة أطيافهم.

بعد كلّ ذلك، لا نغالي إذا قلنا إنّ مفهوم الرئيس القوي تجلّى أكثر ما يكون يوم أبرم العماد ميشال عون (ولم يكن رئيساً في حينه)، وثيقة التفاهم مع السيد حسن نصرالله في العام 2006، لتأتي كتعبير ساطع عن الرؤية الثاقبة لدى الرجلين، رغم ما تعرّضا له من حملات داخلية وخارجية، وقد أتت الأيام لتبرهن في أكثر من محطة مفصلية مدى صحة استشرافهما، وبعد نظرهما، ومعرفتهما العميقة، والأهمّ مدى صدقهما ووفائهما بالعهود والتزامهما بالمواثيق.

ولقد كنتُ شخصياً ممّن سألوا في حينه العماد عون عما إذا كان يمكن القول إنه أقدَم على مجازفة قد تؤثر على شعبيته في بيئته؟ فأجاب قائلاً: إنّ بيئتي ستعرف عاجلاً أم آجلاً بأنّ ما فعلته هو عين الصواب، وهو العمل الوطني بامتياز، لأنه تفاهم قابل للتوسّع ليشمل الجميع… وهذا بالفعل ما حصل قبل وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة، ولذلك نكرّر أنّ لنا ملء الثقة بقدرة رئيسنا على تدوير الزوايا والتوصّل إلى تفاهمات مع جميع الأفرقاء، ليس فقط من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، وهي ستتشكل عاجلاً أم آجلاً، بل من أجل إخراج لبنان من هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردّي ونقله إلى مرحلة من التطوّر والتقدّم والازدهار، الذي تحلم به وتريده أجيالنا الطالعة.