IMLebanon

المسيحية الحقيقية (بقلم بسام أبو زيد)

ليس في المسيحية من سيف تدافع به عن نفسها أو تقاتل به اعداءها، وقد كان يسوع المسيح حاسما في هذا الموضوع في واحدة من أصعب اللحظات قبل المحاكمة والصلب عندما أتوا للقبض عليه فاستل بطرس سيفه للدفاع عنه فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: “رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!”

ليس في المسيحية من ثأر، فعلى الصليب قال الرب يسوع: “اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون.” وقال أيضا: “وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُممْ”.

لقد كان يسوع متسامحا إلى هذه الدرجة ولكنه بقي في الوقت ذاته متمسكا بإيمانه، لم يساوم، لم يفاوض، لم يتزلف، ولم يجد ما هو أسمى من الموت على الصليب على طريق القيامة.

في المسيحية نحن لا ننتصر إلا بالصليب رمز الفداء، ومكتوب علينا أن نحمل صليبنا ونمشي.

في لبنان يحمل المسيحيون صليب وجودهم ويحاولون أن يبقوا العلامة الفارقة في هذا الوطن، ولكن مشكلة الحفاظ على هذا الوجود لا تأتي بأكملها من شركائهم المسلمين، بل هي في جزء كبير منها أتت وتأتي من المسيحيين أنفسهم. بعضهم خاض الحروب العبثية، وبعضهم الآخر يتزلف لشركائه في الوطن إلى درجة التخلي عن هويته الدينية والثقافية وتقديس وتكريم رموزهم، وتعميم هذا التزلف على كل المحيطين به. وبعضهم يكره البعض المسيحي الآخر إلى حد انه لا يبقى من مسيحيته سوى الاسم وبعض المظاهر على حساب الأسس الحقيقية للديانة المسيحية.

في لبنان يحتاج بعض المسيحيين إلى أن يصدقوا انهم ليسوا ذميين بالفعل، وان وجودهم في هذه الأرض ليس منة من أحد ولا يدينون به لأحد سوى لقديسيهم وشهدائهم.