IMLebanon

مؤشرات إلى تحضيرات لعملية عسكرية في إدلب رغم الاتفاق مع تركيا

كتب رائد جبر في صحيفة “الشرق الأوسط”:

اتضحت بعض التفاصيل المتعلقة بإعلان روسيا إغلاق منطقة واسعة في شرق المتوسط أمام عبور السفن وحركة الطائرات. ونقلت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، عن مصادر أن موسكو تعمل لانتشال أجهزة تجسس بالغة الدقة والسرية كانت مزودة بتقنيات طائرة الاستطلاع «ايليوشين20» التي أسقطت قبالة الشواطئ السورية قبل أيام.

وأفادت الصحيفة أن سفينة متخصصة تابعة للبحرية الروسية اتجهت إلى السواحل السورية و«ينتظر أن تصل اليوم (أمس) إلى موقع تحطم طائرة الاستطلاع لانتشال معدات سرّية جدا منها». وأوضحت أن السفينة التابعة لوحدات الإنقاذ والتدخل السريع من طراز «سيليغير» تحمل أجهزة غوص صغيرة يتم توجيهها عن بعد، من طراز «سوبر غنوم» و«أر تي – 2500» ويمكنها أن تغوص في مياه البحر إلى عمق 2.5 ألف متر، من دون طاقم بشري.

وفسرت الصحيفة أهمية الاستعانة بالتقنيات والقدرات التي تحملها سفينة «سيليغير» التي وصفت بأنها «تابعة لما يسمى بالأسطول السري»، بهدف انتشال المعدات والأجهزة الحساسة الموجودة على متن طائرة التجسس المنكوبة، لأن «حطام طائرة «إيليوشين – 20» غرق في موقع عميق في مياه البحر، ولا يمكن ترك أي عدو محتمل يستحوذ على الأجهزة السرية التي كانت على متن الطائرة التي تناثرت أشلاؤها في قاع البحر».

وكانت وسائل إعلام روسية نقلت في وقت سابق أن طائرة «اليوشين20» كانت تقوم عادة بتصوير مسرح العمليات العسكرية وتنقل بنظام بث مباشر معطيات وصورا للضربات التي توجه من الجو إلى أهداف أرضية. ولم تستبعد أنها عندما أصيبت بصاروخ سوري كانت تقوم بنقل تفاصيل الغارات الإسرائيلية على مواقع في اللاذقية.

وأعلنت البحرية الروسية أول من أمس عن إغلاق قطاعات واسعة من شرق المتوسط، قبالة سواحل لبنان وسوريا وقبرص، من أجل إجراء مناورات تدريبية، وعمليات إطلاق تجريبية لصواريخ. ورجحت أوساط روسية أن يكون بين أهداف الإغلاق منع السفن والطائرات من الاقتراب من موقع سقوط الطائرة.

على صعيد آخر، تزايدت المؤشرات إلى أن الاتفاق الروسي – التركي حول إدلب اشتمل على تفاهم بشن عمليات عسكرية ضد المواقع التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» وبعض الفصائل المتشددة الأخرى، في حال رفضت الامتثال لبنود الاتفاق الذي يقضي بانسحابها من المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في موعد أقصاه منتصف الشهر المقبل، وتسليم أسلحتها الثقيلة قبل حلول العاشر من الشهر المقبل.

ولفت المعلق السياسي لـصحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» أمس، إلى أن السفن الروسية في المتوسط تجري استعدادات للمشاركة بعملية عسكرية محتملة، وقال إن أسلحتها باتت موجهة نحو إدلب.

ورغم أن المقالة استندت إلى معطيات نشرتها وسائل إعلام لبنانية تحدثت عن توجه «النصرة» لإفشال الاتفاق الروسي – التركي، لكن مؤشرات عدة عززت هذا التوجه وهو ما برز من خلال إعلان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن القوات التركية ستستمر في عملياتها العسكرية في إدلب بالتنسيق مع الجانب الروسي. أما وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو فقد أعلن عن خطط زيادة عدد القوات التركية في المحافظة. وزادت الصحيفة أن موسكو بدورها تستعد أيضا للقيام بعمليات عسكرية ضد هذه المجموعات.

ورأت أن بين أهداف الإعلان المفاجئ عن إجراء المناورات البحرية الروسية بالإضافة إلى مسألة انتشال التقنيات السرية من الطائرة الغارقة، الاستعداد لاحتمال تنفيذ عملية عسكرية في إدلب. وأوضحت الصحيفة أن الاختبارات التي أعلنت عنها موسكو تتضمن اختبار صواريخ «كاليبر» حديثة وأنواع جديدة من صواريخ تكتيكية – عملياتية متوسطة المدى. وهي تقنيات وأسلحة استخدمتها القوات الروسية في عمليات سابقة في مدن سورية عدة.

وزاد أمس من تأكيد هذا الاستعداد تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية «ليس حلا نهائيا، بل خطوة مرحلية وضرورية بالنسبة للتسوية السورية». وقال لافروف إن الاتفاق الروسي – التركي بشأن إدلب يهدف بالدرجة الأولى إلى القضاء على تحدي الإرهاب، وهو خطوة مرحلية من دون أدنى شك، لأن الحديث يدور فقط عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، لكنها خطوة ضرورية لأن ذلك سيتيح منع القصف المتواصل من منطقة خفض التوتر في إدلب لمواقع القوات السورية وقاعدة «حميميم» الروسية.

وذكر لافروف أن الاتفاق يقضي بانسحاب جميع مسلحي «جبهة النصرة» من المنطقة منزوعة السلاح حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مؤكدا أن موسكو وأنقرة نسقتا معايير عبور المسلحين لحدود المنطقة منزوعة السلاح.

وردا على سؤال عن تصريحات ممثلين عن المعارضة السورية بأن اتفاق إدلب نسف تطلعات الرئيس السوري بشار الأسد للسيطرة على المحافظة، أشار لافروف إلى أن «تقييمات المعارضة لا تصب، بحسب رأي موسكو، في مجرى احترام مهمة الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، كما تنص عليه قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة».وزاد أن «أكبر تهديد لسيادة سوريا ووحدتها يأتي من شرق الفرات، من المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قبل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، حيث تُقام تحت إشراف أميركا هياكل تتمتع بحكم ذاتي»، مشددا على أن موسكو كانت وستظل تطالب الولايات المتحدة بوقف هذه الأنشطة غير المشروعة. في غضون ذلك، أعلن سفير الولايات المتحدة لدى موسكو، جون هانتسمان، أن واشنطن وموسكو «تتعاونان بشكل وثيق لحل المسألة السورية»، وأشار إلى ما وصفه بأنه «عمل نشط ومهم يجري وراء الكواليس» لتسوية الوضع في سوريا.

وأضاف الدبلوماسي الأميركي أنه «سيتم تقدير تقدمنا في سوريا بمدى فاعلية قدرتنا على حل المسائل معا». علما بأن موسكو أعلنت أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة أن قنوات الاتصال في شأن التسوية السورية مع واشنطن ليست نشطة، ولفتت إلى أن القناة الوحيدة التي ما زالت تعمل بشكل فعال هي القناة العسكرية لتجنب وقوع حوادث بسبب غياب التنسيق.