IMLebanon

“حزب الله” وإسقاط “الطائف” بالنقاط… (بقلم رولا حداد)

سؤال يتبادر إلى ذهن الكثيرين هذه الأيام: هل يريد “حزب الله” أن تتشكل حكومة جديدة في لبنان ولماذا؟

السؤال مشروع لأكثر من سبب، وأهمّ هذه الأسباب أن “حزب الله” لم يقم باي مبادرة حتى تاريخه للضغط لتشكيل الحكومة الجديدة، لا بل إن السيد حسن نصرالله في إطلالته العاشورائية الأخيرة طمأن إلى أنه لا يرى حكومة في المدى المنظور، ما يعني أنه غير مستعجل على ولادة الحكومة الجديدة. ويقيناً أن اللبنانيين يعلمون أنه لو أراد السيد نصرالله الحث على الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة لكان ضغط على الوزير جبران باسيل لتليين مواقفه المتشددة.

وفي الحسابات أن مطالب الثلاثي الحريري- جعجع- جنبلاط لا تغيّر في موازين الحكومة الجديدة ولا في معادلاتها. ففي حال نالوا أقصى طلباتهم (6 للمستقبل و5 للقوات و3 للاشتراكي) فإن مجموع ما سينالونه يشكل 14 وزيراً في حكومة ثلاثينية، أي أن النصف زائداً واحداً يبقى بيد “حزب الله” وحلفائه. وفي حال حصلوا على ما قبل باسيل بإعطائهم إياه (6 للمستقبل و4 للقوات و2 للاشتراكي) يصبح العدد 12 وزيراً فيبقى معهم الثلث المعطل وتبقى الأكثرية العادية في يد الحزب وحلفائه، ما يعني أن كل الخلاف القائم على وزيرين اثنين لا يغيّر شيئاً في المعادلة الحكومية. ولذلك يصحّ السؤال: لماذا لا يضغط “حزب الله” على حليفه “التيار الوطني الحر” ورئيسه الوزير جبران باسيل؟ وهل يريد الحزب فعلا تشكيل حكومة جديدة في لبنان؟

في قراءة موضوعية لموقف “حزب الله” لا بد من العودة بالذاكرة إلى العام 2007 الذي شهد انعقاد مؤتمر سان كلو في فرنسا، والذي شهد لأول مرة في كواليسه طرح إيران لفكرة انتقال النظام اللبناني من “الطائف” والمناصفة إلى المثالثة. طبعاً سقطت الفكرة يومها ولكنها أثارت ريبة أكثرية اللبنانيين.

في 7 أيار 2008 فشلت محاولة الانقلاب العسكرية الكاملة لـ”حزب الله” في لبنان بعد صمود أبناء طائفة الموحدين الدروز في الجبل بوجه محاولة الغزو، فسقط الإنقلاب، لكنه حقق قسماً من أهدافه في السياسة، فنال “حزب الله” حق الفيتو في الدوحة، وكانت انتخابات الـ2009 التي راهن فيها الحزب على نيل أكثرية نيابية لكنها فشل في تحقيق هدفه.

وبعد أن كان بدأ بالتمرن على تعطيل المؤسسات اعتباراً من كانون الأول 2006، بانسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة ومن ثم تعطيل عمل مجلس النواب، دأب “حزب الله” منذ ذلك التاريخ على محاولة إسقاط “الطائف” بالنقاط بعد أن أدرك استحالة إسقاطه بالضربة القاضية. تكرّرت سيناريوهات تعطيل تشكيل الحكومات، لأسباب مختلفة، كما تكرّرت سيناريوهات التمديد لمجلس النواب، إضافة إلى سيناريوهات الفراغ الرئاسي. وفي كل مرة كان “حزب الله” يقف في موقف المتفرّج من دون أن يظهر رضاه علناً عن مسار التعطيل الذي تركه ويتركه دائماً لحلفائه.

وشهدت هذه المراحل للمرة الأولى بعد “الطائف” تشريعاً في مجلس النواب تحت عنوان “تشريع الضرورة”، وذلك سواء في غياب حكومة مكتملة المواصفات أو في غياب رئيس للجمهورية، ما يشكل ضرباً لأسس “الطائف”.

واليوم يتكرّر سيناريو الفراغ الحكومي، ويقف “حزب الله” متفرجاً ويبشرنا السيد نصرالله بأن لا حكومة في الأفق، وكانه يجب ان نعتاد على ذلك. وتطفو فجأة على سطح نظامنا إشكالية تضارب الصلاحيات الأساسية بين رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء حول تشكيل الحكومة ومن يضع المعايير ومن يقرر، وكل ذلك في محاولة لنسف “الطائف” بالنقاط، وإظهار النظام في مظهر العاجز، ما يحتّم الدفع قريباً، ولا أحد يعلم متى، في اتجاه المطالبة بالانتقال إلى نظام جديد كالمثالثة التي يطالب بها الحزب ضمنياً، وذلك من خلال دفع الأمور في اتجاه أزمة تطال كل شي، وفي الطليعة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية للبنانيين!

أمر واحد قد يجعلنا نظن أننا مخطئون، وهو أن يضغط الحزب على حلفائه لتسهيل التأليف، وهو أمر لن يحصل حتماً لأن القراءة أعلاه تبدو أقرب إلى الصواب.