IMLebanon

أيها الرجال… لا تدعوا سرطان البروستات يغلبكم

كتبت جنى جبور في “الجمهورية”:

من حقّ الرجال أن يطالبوا بالمساواة مع النساء في موضوع صحتهم، ففي الشهر المقبل ستنتشر حملات التوعية والفحوصات المجّانية المخصّصة لسرطان الثدي على جميع الأراضي اللبنانية، بينما مرّ «أيلول» شهر التوعية ضدّ سرطان البروستات مرورَ الكرام. فما هي أبرز الإرشادات الطبّية التي يجب أن يعمل بها كلّ رجل للحدّ من هذا السرطان؟

تشرين الثاني ليس الشهر المخصّص للتوعية ضد سرطان البروستات، وحملة «موفبر» تهدف التوعية على صحة الرجال ككل حيث يحتلّ سرطان البروستات جزءاً منها. ومنذ سنة 1998 حتى السنة الجارية، ارتفع عدد مرضى سرطان البروستات بشكل كبير، حيث تشير الإحصاءات غير الدقيقة في لبنان الى أنّ هناك حوالى 800 الى 900 إصابة سنوياً بسرطان البروستات، وبحسب منظّمة الصحة العالمية يموت 16 في المئة من المصابين بهذا السرطان. في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع جرّاح المسالك البولية والأعضاء التناسلية، ورئيس جمعية جراحة المسالك البولية الدكتور وليد علامة الذي استهلّ حديثه قائلاً: «لنبدأ بالعمر المحدّد للكشف، على كل رجل دون أيّ استثناء التوجّه في عمر الـ50 لفحوصات الكشف عن سرطان البروستات، أمّا في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة فيتوجب الكشف في عمر الـ45».

فحص الإصبع

لا يشعر المصاب بأيّ عوارض تدلّ على إصابته إلّا إذا كان محظوظاً، عندها قد تظهر عوارض بول لديه تدفع الاختصاصيين الى الشك، وفي حال شعور المريض بالألم على مستوى العظام يكون السرطان قد انتشر. ويوضح د. علامة أنّ «من النادر أن يظهر الدم في البول كمؤشر اصابة، امّا بالنسبة لظهور عوارض البول فنفكر اولاً بالتضخم الحميد الذي لا يتطوّر ليصبح سرطاناً، وتجدر الاشارة الى أنّ البحصة لا ترتبط بسرطان البروستات. الى ذلك، يبدأ التشخيص بالفحص السريري او الفحص بواسطة الإصبع الذي يخشاه معظم المرضى، وادعوهم الى عدم الخوف من هذا الاجراء الذي يتم بهدوء وبدّقة، ويبقى اسهل بكثير من الإصابة بالسرطان. ويتبعه فحص الدم المعروف بالـ»PSA»، وبحسب النتائج نحدد المدة التي يجب أن يعاود الشخص فحوصاته، او نقرّر علاجه اذا كان مصاباً».

3 خيارات علاج

بهدف تأكيد الإصابة، يتمّ التوجه بالمريض الى قسم الاشعة، لاستئصال 12 خزعة منه. ويفسّر د. علامة أنّه «تفيدنا الصور الشعاعية المخصّصة لهذا الغرض بمعرفة الى اين وصل السرطان. وعلى الاثر، وبحسب نتيجة الخزعة، نطرح على المريض 3 خيارات علاجية، وإذا كان الكشف مبكراً تكون نسبة الشفاء من 70 الى 75 في المئة:

  • في حال عدم تغيّر الخلايا: نراقب المريض فقط في هذه الحالة، ونكرّر له الخزعة بعد سنة، وفحص الدم كل 3 اشهر.
  • في حال كانت حالة المريض متقدمة قليلاً، ولكن ما زال السرطان محصوراً ولم ينتشر خارج البروستات، يُطرح حينها خيارا علاج: الاول، يقضي بالتخلص من البروستات، والثاني علاج هرموني، اضافةً الى الأشعة.
  • إنتشار السرطان الى الغدد اللمفاوية والعظم: عندها يكون العلاج هرمونياً كيميائياً بالاضافة الى العلاج المناعي.

علاج غير ضروري

في لبنان، من المتوقع أن يحتلّ سرطان البروستات المرتبة الاولى بالنسبة لإصابة الرجال به، لاسيما أنّ نسبة خطر الاصابة تصل من الـ40 الى الـ50 في المئة، مع تقدم كل الرجال في العمر خصوصاً بعد عمر الـ65. وينصح د. علامة أن «لا يتأخر أيُّ رجل بالقيام بفحوصات الكشف بعد عمر الـ50، لأنّ التشخيص المبكر يؤمّن نسبة شفاء مرتفعة. كما أنه منذ العام 2004 حتى اليوم تطوّرت وسائل العلاج بشكل كبير لإطالة عمر المريض دون أن تشفيه، فبينما كان المريض الذي يعاني من مرحلة متقدمة من السرطان (المنتشر)، يعيش بمعدل سنتين، اصبح اليوم يعيش من 8 الى 10 سنوات. وأشدّد أنه في حال كان عمر المريض المصاب 80 سنة (بعد الـ75 لا نقوم حتّى بفحص الدم PSA)، لا يكون العلاج ضرورياً لا سيما أنّ تطوّر سرطان البروستات بطيء جدّاً، وفي هذه المرحلة العمرية، غالباً ما يكون المريض يعاني من باقة امراض مختلفة يمكن أن تتسبّب هي بموته وليس البروستات، فنكتفي بمراقبته ونتدخّل علاجياً في حال كان يتألم لنخفف عنه اوجاعه».

بين سرطان البروستات والثدي

كثيراً ما نتساءل عن سبب «التعتيم»، إذا جاز القول، عن التوعية ضد سرطان البروستات مقارنةً بالحملات اللامتناهية لسرطان الثدي، اضافةً الى الفحوصات المجانية (Mammographie) المخصّصة للنساء في شهر التوعية ضد هذا السرطان. فكيف يفسّر رئيس الجمعية ذلك؟ يجيب د. علامة «للاسف هذا صحيح، والتوعية خجولة جدّاً بالنسبة لسرطان البروستات الذي يجهل كثيرون أنّ أيلول هو الشهر المخصّص له بل يعتقدون أنّ تشرين الثاني هو شهر التوعية بسبب حملة «موفبر» وقصة «الشوارب». ونحن كجمعية كنّا تكلمنا مع المعنيين ووزارة الصحة لنشر التوعية على جميع الاراضي اللبنانية، وتأمين فحص الكشف المجاني (PSA) تماماً كفحص تصوير الثدي الشعاعي، الّا أننا لم نتلقّ بعد أيّ جواب. وفي الاسبوع المقبل (4-6 تشرين الاول)، سيعقد المؤتمر العاشر لجمعية المسالك البولية اللبنانية الذي سنعالج فيه سرطان البروستات من نواحٍ عدّة، آملين أن نتمكن من العمل والتعاون مع الوزارة المعنية لتحقيق اهدافنا وخدمة المواطن اللبناني، لانه في النهاية جميعنا يعرف أنّ الكشف المبكر يوفّر على الجميع من الناحية المادّية ويحقق نسب شفاء عالية، بينما اذا تقدّمت مرحلة سرطان البروستات سيحتاج المريض الى علاجات اكثر جدّية واعلى كلفة ولكنها غير شافية».