IMLebanon

“حزب الله” متمسّك بـ”الطائف” لتجنّب خضّات تسحب عنه الشرعية

في كل مرة يدخل لبنان في أزمة دستورية، رئاسية أم حكومية، بفعل غياب مهل محددة، تقحم البلاد في حال من الفراغ المؤلم، يطرح بعض القوى السياسية اقتراح إعادة النظر في “اتفاق الطائف”، وسط تباين في النيات من خلف هذا الطرح، بين من يسعى لتطويره ومن يرمي إلى تغيير المعادلة الأساسية التي تحكمه وغيرها من الغايات الكامنة في نفس يعقوب.

وفي حين يؤكد المسؤولون السياسيون والروحيون في أعلى هرم السلطة استمرار تمسكهم بالطائف، حيث تشدد أوساط بعبدا على أن الرئيس ميشال عون مع الطائف وضرورة إكمال تنفيذه بعدما نفذ استنسابيا وليس واردا لديه البحث في تعديله، ويرفض الرئيس المكلف سعد الحريري المس بالمعادلة التي أرستها وثيقة الوفاق الوطني، أي المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، كما أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعا خلال جولته الرعوية في كندا إلى “التزام الطائف والمعادلة التي ارتكز إليها بين المسيحيين والمسلمين وأن تحقيق حلم المثالثة الذي راود البعض هو قضاء على لبنان الرسالة”، توضح أوساط سياسية مشاركة في الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة لـ”المركزية” أن أحدا من المكونات السياسية في لبنان غير قادر راهنا على إحداث أي تغيير في الطائف، مهما كانت رغبته جامحة في هذا الاتجاه، ذلك أن الظرف غير مؤات والمرحلة غير مناسبة وموازين القوى لا تسمح في أي شكل بالتلاعب بملفات حساسة على هذا النحو.

ومع أن بعض المنتمين إلى المحور المناهض لـ”حزب الله” يعتبرون أن الواقع السياسي الراهن يناسب الحزب الذي قد يستفيد منه حينما يعتزم طرح إنشاء هيئة تأسيسية للبنان الجديد فيطالب بارتكازها إلى المثالثة، مستندا إلى أن تجربة المعادلة السابقة القائمة على المناصفة أثبتت أنها لم تعد ذات فائدة ولا بد من تعديلها، تنفي الأوساط المشار إليها هذه المزاعم، وتقول “زمن الأول تحول، فـ”حزب الله” اليوم هو أكثر من يريد المحافظة على الستاتيكو في لبنان لمواجهة ما قد يتعرض له من عقوبات دولية، وليس من مصلحته فتح جبهة تعديل الطائف فيما هو في عين العاصفة، تحت الاستهداف الأميركي والتهديد الإسرائيلي والمطالبة العربية بعودة مقاتليه إلى لبنان ولبننة أجندته بدل التزام أجندة إيران”.

وتضيف أن “الحزب الذي يتابع عن كثب ما يجري في الإقليم، وفي سوريا تحديدا، لن يخوض مغامرة فتح جبهة المثالثة التي يدرك أنها خاسرة سلفا، إذ إن أحدا من القوى السياسية لن يجاريه في هذا الخيار، بما فيها شريكه في “الثنائية الشيعية” رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو أكثر العالمين بأن الانتقال من المناصفة إلى المثالثة لا يتم على البارد بل يحتاج إلى مناخ ملتهب وفي ظل موازين قوى مناسبة غير متوافرة الآن”.

وإلى الواقع المشار إليه، يتجنب “حزب الله”، بحسب الأوساط، افتعال أي مشكلة داخلية، ويعمد للغاية إلى تهدئة الأجواء بين القوى المتنازعة وينصح بتشكيل حكومة تحافظ على الستاتيكو القائم وتقيه شر العقوبات المستطير من خلال شبكة أمان شرعية. كما يحرص على النأي بنفسه عن السجالات السياسية والانتقادات والحملات ويعرف كغيره من القوى أن أي حكومة يفترض أن تعكس نتائج الانتخابات النيابية.

وتضيف المصادر أن الهمّ الأساس لـ”حزب الله”، إلى جانب مشاريعه العسكرية في دول الجوار، ينحصر في إبقاء الساحة اللبنانية مضبوطة على إيقاع الاستقرار وعدم تعريضها لأي خضة سياسية أو أمنية أو حتى اقتصادية، أقله حتى مطلع تشرين الثاني المقبل، موعد الانتخابات الأميركية النصفية التي ستتبين في ضوئها اتجاهات الرياح الدولية والإقليمية وما إذا كانت إيران ستنفض ريشها وتفرض شروطها من موقع القوة إذا ما فاز الديمقراطيون أو تتعامل مع واقع انتصار ترامب الجمهوري فتعود إلى التفاوض والحوار، بما ينعكس حكما على ساحات نفوذها ومن بينها لبنان؟