IMLebanon

تأليف الحكومة… “غابة” ضاع فيها الدستور والأصول والقانون

في “غابة” تأليف الحكومة، ضاعت المفاهيم والأصول التي يُفترض اساسا، أن تحكم وتضبط لعبة “التشكيل”. وبحسب ما يقول وزير سابق لـ”المركزية”، ما يجري اليوم على هذه الضفة، أشبه بـ”عصفورية” أو حفلة جنون. فالدستور او وثيقة الوفاق الوطني – “الطائف”، حددا بوضوح تام، قواعد تشكيل الحكومات، وما يحصل حاليا، هو ضرب لهذه القواعد وخروج فاضح عنها.

الدستور يتحدّث عن مناصفة اسلامية – مسيحية في توزيع الحقائب، لا أكثر ولا أقلّ. أما ما نشهده اليوم، فهو “مذهبة” للوزارات بين ماروني وارثوذكسي وارمني وسني وشيعي ودرزي… هذا ناهيك عن “تطييف” الحقائب وصولا الى “تكريس” بعضها لمكوّنات معيّنة. وهنا، يرى الوزير ان “من الضروري، وضع حد لتمسك بعض الاطراف بوزارات معينة، منها على سبيل المثال، وزارة المال، انطلاقا من معطيات غير موجودة في الدستور فعلا، أو وزارة الأشغال وسواها التي يطالب الافرقاء الموجودون فيها اليوم، بأن تبقى من حصتهم في الحكومة العتيدة. فالوزارة، بحسب المصدر، ليست وراثة، إنما مؤسسة وجدت لخدمة المصلحة العامة، أيا كان من يتسلّمها.

أما في شأن الوزارات الاربع التي تصنّف “سيادية”، فقد تم أيضا مؤخرا “تطويبها” لطوائف محددة، بينما لا نص دستوريا يبرر هذا السلوك. ففيما كانت متاحة في الماضي امام المذاهب كلها ايا كان حجمها، من الكاثوليك الى الدروز حيث تبوّأ الزعيم الاشتراكي كمال جنبلاط “الداخلية” مثلا، لا بد وفق المصدر، من العودة الى هذا المنطق، كونه الأسلم والاصح دستوريا. فتثبيت هذه الحقائب مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، يعرقل مهمة التأليف ولا يسهّلها.

المصدر يأسف أيضا لأن الحصص باتت اليوم تُحتسب على الآلة الحاسبة. والبعض يدعو الى تحديدها انطلاقا من حجم الكتل النيابية. واذ يعتبر ان هذه الممارسات “بدع” لا اساس لها في الدستور، يضيف “المعايير التي يحاولون فرضها “عجيبة” وقد أدخلت التأليف في دهاليز وسراديب بات يصعب الخروج منها اليوم، خاصة وان “القوى السياسية اختلفت حتى على سبل تطبيقها عمليا”!

وفي حين يؤكد ان تمثيل الاطراف يجب ان يكون “رمزيا”، على ان يصار الى الحكم عليها انطلاقا من أدائها وانجازاتها، يقول المصدر ان الوزارات اليوم باتت أشبه بهدايا وجوائز، تُعطى او لا تُعطى لهذا الفريق او ذاك، انطلاقا من قربه أو لا، من القادرين على الحل والربط في حقل التشكيل.

المصدر يذكّر بمقولة شهيرة تقول “الوزارة تكليف وليست تشريفا”، ما يعني انها ليست للوجاهة وتلميع صورة الشخص او الحزب، بل للعمل الجدي وتشكّل مسؤولية، على الوزير ان يكون على قدرها، فيكرّس الوزارة التي كُلّف إدارتها، لتحقيق المصلحة العامة وخدمة المواطنين بأفضل صورة… فهل الصراع المستفحل اليوم على تناتش الحقائب، يدل الى ادراك ووعي بحقيقة واجبات الوزير ام يؤشر الى ميل لتقديم المصلحة الفئوية والحزبية على حساب المصلحة العامة؟

أمام هذا الواقع، يقول المصدر ان من الملح “العودة الى الكتاب” وعدم خلق مفاهيم او اعراف جديدة من خارجه، لأنها ستكبل الرئيس المكلف، أيا كان، وستضع العصي في دواليب عربة التأليف. أما المطلوب، ففتح الوزارات أمام الجميع واعتماد المداورة في الحقائب وعدم تثبيت اي منها لأي فريق او طائفة او مذهب.