IMLebanon

اختلال التوازن السياسي يحمي لبنان أمنيًا؟

لطالما تحكّمت لعبة التوازنات بالمعادلة السياسية في لبنان تحت عنوان “لا غالب ولا مغلوب”، فمهما عظمت قوّة أي لاعب سياسي على حلبة السلطة ومهما تلقّى دعمًا من جهات خارجية، فإن التركيبة اللبنانية الفريدة والخاصة تفرض نفسها في الاستحقاقات السياسية، وتشكيل الحكومات أحدها.

بالنسبة لهذا الاستحقاق، وعلى رغم الإيحاء أخيرًا بتشكيل حكومة أكثرية “بمن حضر” لأن أوضاع البلد لا تحتمل ترف الدلع والتأخير، إلا أن لعبة التوازنات الداخلية العابرة بجذورها الحدود، تطل برأسها لتغيّر المسارات. وفي هذا المجال، تلفت أوساط سياسية مطّلعة، عبر “المركزية”، إلى أن “ما يحصل حكوميًا يؤكد فقدان التوازن السياسي بين القوى الكبرى حيث لا قوة يمكنها أن تحسم أو تفرض خياراتها، شكلًا وكمًّا ونوعًا، بمعنى أن هناك توازنًا بين القوى المعنية يجعلها عاجزة عن الحسم والبتّ”.

ومع أن فقدان اللعبة السياسية للتوازن المشار إليه قد يرسم أمام البعض مشهدًا تشاؤميًا بتجاوز الوضع الأمني الخطوط الحمر، غير أن هذا الأمر بعيد من لبنان. وبحسب الأوساط، فإن “لبنان على رغم فقدانه للتوازن الداخلي يبقى الوضع الأمني هادئًا ومستقرًا، نتيجة قرار جماعي من مختلف الأطراف بالحفاظ على التهدئة، لأن لا مصلحة لأحد بحصول تدهور أمني وتصعيد، كما أن اللعبة الإقليمية، حيث ينشغل أطرافها بأزمات المنطقة، فرضت التهدئة الداخلية لأن الدول الإقليمية التي تربطها علاقات سياسية-استراتيجية بأطراف داخليين لا تريد فتح جبهة جديدة في وقت تسعى لإخماد نيران جبهات مفتوحة في المنطقة عبر الحوار لحل أزماتها”.

وفي عزّ الفراغ المؤسساتي الذي يخيّم على البلد بدءًا بالرئاسي وما خلّفه من “شلل” لعمل مؤسسات أخرى، مرورًا بالوضع الاقتصادي الصعب الذي زاد طين عبء النازحين السوريين منه بلّة، بقي الوضع الأمني ممسوكًا، لا بل تحوّل مادة للإشادة من قبل دول عدة بالمقارنة مع ثوران بركان الأزمات من حوله.

ويأتي هذا الاستقرار الداخلي نتيجة تقاطع أمرين أساسيين، تقول الأوساط السياسية، “الأول التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة الذي “زنّر” لبنان والمناطق الحسّاسة فيه بحزام أمني غير قابل للخرق، خصوصًا نتيجة المساعدات العسكرية التي ترفد بها الولايات المتحدة الجيش ما ثبّت الأمن أكثر، والثاني قرار خارجي كبير ترجم بتوافق دولي وإقليمي بضرورة حماية لبنان واستقراره، وتحت عنوان “الأمن خط أحمر”، ومنع استدراجه إلى المواجهة في المحاور المتصارعة”.

لذلك، تُضيف الأوساط، أن القوى المحلية “تتحاشى” حصول أي مواجهة أو خروق امنية، حتى أن “حزب الله”، وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله في إطلالاته منذ الحرب السورية، يُشدد على الاستقرار والهدوء وخصوصية الساحة اللبنانية.

وبالتزامن مع مشاريع تسوية “تُطبخ” على نار هادئة لأزمات عدة في المنطقة، يعدّها الأميركيون والروس والأوروبيون مع الإسرائيليين والإيرانيين، يسعى هؤلاء إلى تغيير ميزان القوى في ساحات محددة ليتمكنوا من إحراز تقدم وتغيير في بعض المعادلات السياسية. ويبدو أن سوريا، وبحسب المعلومات، بعيدة من ذلك لأنها ستبقى ساحة مفتوحة لصراع إقليمي-دولي مع العمل على توسيع رقعة مناطق خفض التوتر تباعًا وتثبيت وقف إطلاق النار وتكريس هدنة أمنية طويلة.