IMLebanon

“الجهاد الاكبر” يبدأ بعد التأليف!

ردد الرئيس المكلف سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية كلمات “مؤتمر سيدر” و”النهوض الاقتصادي”، عشرات المرات، مشددا على ان أبرز مهام الحكومة المنتظرة – التي اشار الى امكانية ابصارها النور خلال أسبوع او 10 أيام – ستكون اطلاق ورشة داخلية اصلاحية – انمائية، يشارك فيها أكبر عدد ممكن من القوى السياسية، هدفها مساعدة البلاد على الوقوف على “رجليها” مجددا من الناحية الاقتصادية بعد ان باتت في وضع حرج وحساس لا تحسد عليه.

غير ان ما يجدر التوقف عنده في هذا السياق، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، هو ان المساعدة الموعودة للبنان والتي يعوّل عليها الحريري خصوصا واللبنانيون عموما لتحقيق الوثبة الاقتصادية، ليست مجانية او مضمونة. فالمجتمع الدولي تعهّد خلال مؤتمر باريس في آذار الماضي، بدعم بيروت وتمويل مشاريع واستثمارات فيها، شرط ان تلتزم الاخيرة وتطبّق، عمليا لا نظريا، جملة مواقف وخطوات، سياسية واقتصادية.

أبرز متطلبات الدول المانحة، الغربية منها والعربية، التقيد بسياسة النأي بالنفس. فالمجتمع الدولي يصر على اعتماد لبنان الحياد ووقف تدخل اي من أطرافه في شؤون الدول الاخرى. واذا كان الرئيس الحريري حسم امس الموقف من ان الحكومة المقبلة ستعتمد مجددا النأي، فإن حزب الله المعني الاكبر بالمسألة، يبدو يغرد خارج هذا السرب، ويدفع في اتجاه التطبيع مع سوريا ومواصلة قتاله فيها، اضافة الى توجيهه السهام نحو السعودية والدول الخليجية منتقدا سياساتها الخارجية في مقابل اصراره على الوقوف الى جانب ايران في مواجهة العقوبات الدولية. وعليه، يصبح السؤال الذي يفرض نفسه “هل سيرضى المجتمع الدولي بالازدواجية في الموقف، ويكتفي ببيان وزاري يؤكد تقيد الحكومة (وحزب الله جزء منها) بالنأي، فيما الاخير، عمليا “فاتح على حسابه”؟

والى الحياد، يرصد الخارج ايضا اطلاق حوار وطني بمبادرة رئاسية، محوره الاستراتيجية الدفاعية. ففي وقت لا ينفك لبنان الرسمي يؤكد انه تحت سقف الشرعية الدولية والقرارات الاممية وعلى رأسها الـ1559 والـ1701، تنتظر الدول المانحة التنفيذ الجدي لهذا الموقف، عبر الشروع بآلية تصل في نهاية المطاف الى حصر السلاح وقرار الحرب والسلم، في يد الدولة والأجهزة الامنية الشرعية فقط، وبالتالي وضع حد لامساك اي أطراف أخرى، وأبرزها حزب الله، بسلاح غير شرعي.

والحال ان العين الخارجية مفتوحة على بعبدا لمعرفة ما اذا كانت ستباشر فعليا بدرس الاستراتيجية بعد ان وعد سيّدها الرئيس ميشال عون، مجموعة الدعم الدولية للبنان، بأن المسألة ستبحث بعد تأليف الحكومة (وهو كان تعهّد بأن هذا النقاش سينطلق بعد الانتخابات النيابية التي حصلت في 6 أيار 2018 اي منذ 5 أشهر).

هذا سياسيا. أما اقتصاديا، فمطلوب سلسلة اجراءات اصلاحية توقف الهدر والفساد لا سيما في القطاع الكهربائي الذي يشكّل أكبر مسببات العجز في خزينة الدولة. وبعد ان لوّح الرئيس الحريري أمس بأنه سيسمي بالاسماء من سيعوقون الاصلاح في مجلس الوزراء المقبل، تقول المصادر ان “الجهاد الاكبر” سينطلق غداة ابصار الحكومة العتيدة النور، اذ تنتظرها تحديات هائلة سياسيا واقتصاديا. فهل ستكون على قدر المسؤولية، فتفوز بأموال “سيدر”، أم تحول تناقضاتها دون وصول الدعم المرجو الى شرايين الدولة المنازِعة” وتُضيّع على لبنان فرصة قد تكون الاخيرة قبل السقوط في المحظور؟