IMLebanon

ياسين جابر: عرض “سيمنز” كان حقيقياً وليس شائعة

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

دعا النائب ياسين جابر عضو كتلة «التحرير والتنمية» (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، القيادات اللبنانية، إلى «التواضع وتقديم بعض التنازلات للوصول إلى تسوية تنتج حكومة وحدة وطنية»، معتبراً أن البلد «لا يتحمّل حكومة أكثرية تولّد مزيداً من الشرخ في هذه المرحلة الحساسة»، رافضاً الدعوات إلى «توسيع صلاحيات حكومة تصريف الأعمال لأنها تعطي صورة سلبية للعالم عن عجز اللبنانيين عن تشكيل حكومة شرعية».

وإذ استبعد مواجهة عسكرية مع إسرائيل أقلّه في المرحلة الراهنة، رأى أن «لا أحد يأمن جانب العدو الإسرائيلي الذي قد يدفع بالمنطقة إلى الهاوية». وجدد اعتراضه على إدارة ملف الكهرباء كما يحصل الآن، وطالب بـ«عقد اجتماع للقيادات اللبنانية في القصر الجمهوري لوضع خطة وطنية لحلّ أزمة الكهرباء»، متهماً وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، بـ«اعتماد الحلّ الواحد عبر شراء الكهرباء من البواخر»، كاشفاً عن «عرض قدّمه البنك الدولي للبنان لدعم الكهرباء بمبلغ 1.5 مليار دولار والمساهمة بإصلاح هذا القطاع، لكنه قوبل بلا مبالاة وزارة الطاقة».

وعبّر النائب جابر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن أسفه، لأن «كلّ التحديات والتهديدات التي يواجهها لبنان، لا تحمل المسؤولين على تشكيل حكومة، خصوصاً أن النظام اللبناني بعد اتفاق الطائف، وضع السلطة بيد الحكومة مجتمعة، وهذه الحكومة وحدها تتخذ القرارات». وطالب جميع المسؤولين والقيادات بـ«التواضع قليلاً والتنازل للتوصل إلى تسوية تنتج حكومة وحدة وطنية، لأن حكومة الأكثرية غير مقدّر لها أن تولد في ظلّ أوضاع لا تتحمّل مزيداً من الشرخ». وسأل: «هل يعقل أن نذهب إلى مواجهة داخلية، يصبح معها كلّ شيء معطلاً، خصوصاً أن التحديات الخارجية كبيرة وتتطلب أعلى قدر من الوحدة والمسؤولية؟».

ومع تراجع حظوظ ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة، ارتفعت الأصوات المطالبة بتوسيع صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، ودعوتها للاجتماع واتخاذ القرارات الملحّة، أسوة بجلسات «تشريع الضرورة» التي عقدها مجلس النواب، لكن جابر رفض إعطاء صلاحيات واسعة للحكومة المستقيلة تتعدى إطار تصريف الأعمال، وقال: «الفرق كبير بين حكومة تصريف الأعمال، وما يقوم به مجلس النواب»، مشيراً إلى أنه «في ظلّ الفراغ الحكومي يصبح البرلمان في حالة انعقاد دائمة ويضطر للاجتماع واتخاذ القرارات وإصدار القوانين في غياب الحكومة لتسيير شؤون البلاد، لكن صلاحيات الحكومة المستقيلة واضحة بحسب الدستور، وأي توجه لتوسيع صلاحياتها، يعطي مؤشرات سيئة جداً بفقدان الأمل بتشكيل حكومة شرعية ضمن مهلة معقولة، كما يعطي رسالة سلبية إلى العالم والمستثمرين، مفادها أن اللبنانيين غير مؤهلين لإدارة بلدهم ومؤسساتهم الدستورية».

ولا يقلل النائب جابر من خطورة التهديدات الإسرائيلية تجاه لبنان، لكنه لا يرى أن الأمور ذاهبة إلى حرب أقلّه في وقت قريب. وأضاف: «تكفينا الحرب الاقتصادية والاجتماعية والحرب النفسية التي يواجهها لبنان، حتى تأتيه تهديدات الحرب العسكرية»، لافتاً إلى أن «أغرب ما في الأمر أن الإسرائيلي لم تقنعه كلّ الساحات، ليأتي ويقول إن الصواريخ (حزب الله) مخزّنة قرب مطار بيروت الدولي، وهذا يعني أن إسرائيل غير مرتاحة لرؤية ارتفاع عدد المسافرين عبر هذا المطار بشكل كبير»، مشدداً على أن «لا أحد يأمن جانب العدو الإسرائيلي، وهناك دائماً خطر يأتي من جانبه، وأي مغامرة قد تقدم عليها الدولة العبرية، قد تدفع المنطقة إلى الهاوية، وعلينا أن نتحسّب لكلّ شيء»، مبدياً ارتياحه لـ«الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية (اللبناني جبران باسيل)، عبر معاينته مع السفراء المعتمدين لدى لبنان، النقاط التي عرضها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو على خريطته، وكشف مزاعمه المضللة، بأن المطار محاط بالصواريخ».

وكان تسجيل صوتي مسرّب منسوب للنائب جابر عن وضع الكهرباء الصعب، يتهم فيه «العهد» بأخذ البلاد إلى انهيار كبير، ويعلن فيه رفض وزير الطاقة المبادرة التي قدمتها شركة «سيمنز» الألمانية لبناء معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان بكلفة متدنية جداً، أثار سجالاً واسعاً عبر الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولفت جابر وهو وزير الاقتصاد السابق، إلى أن موقفه من ملف الكهرباء ليس جديداً، لكنه ظهر الآن بسبب الفراغ السياسي، معتبراً أن «سوء إدارة ملف الطاقة مستمرّ منذ أكثر من 8 سنوات، وهناك رفض متعمّد لتطبيق القوانين مرعية الإجراء في هذا الملف». وسأل: «هل يعقل أن مؤسسة كهرباء لبنان تعمل من دون مجلس إدارة منذ 8 سنوات، وعجزها السنوي يبلغ ملياري دولار؟»، مذكراً بأن «وزارة الطاقة هي وزارة وصاية وليست سلطة إدارة أو سلطة مقررة». وشدد على أن «أزمة الكهرباء تمثّل كارثة وطنية، ولا يجوز استمرارها في ظلّ العجز الكبير في مالية الدولة».

وعن اتهامه وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، بإهمال العرض الذي قدمته شركة «سيمنز» الألمانية لبناء معامل لإنتاج الطاقة وتوزيعها في كلّ المناطق اللبنانية، أكد النائب ياسين جابر أن «العرض الذي قدّمه الجانب الألماني حقيقة قائمة وموثّقة وليس شائعة، لدي أصدقاء في القطاعين العام والخاص شاركوا في الاجتماع الذي عقد بين وزير الطاقة ومدير شركة سيمنز أثناء زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى بيروت، وأعلنوا أن اللقاء حصل في إطار الزيارة الرسمية للمستشارة الألمانية، التي تقود دولة لديها ثالث اقتصاد في العالم، وكان معها ممثلون لـ50 شركة ألمانية جاءوا للوقوف إلى جانب لبنان»، مبدياً استغرابه؛ كيف أن «وزير الطاقة أهمل العرض الألماني، ولم يكلّف نفسه عناء إرسال فريق عمل لبحث سبل الدعم الذي يمكن أن تقدمه الشركة الألمانية وتأمين الطاقة بكلفة متدنية جداً؟».

ولم تقتصر محاولات إنقاذ قطاع الكهرباء على المبادرة الألمانية، إذ كشف النائب جابر عن «عرض قدمه البنك الدولي، ويتمثّل في رصد مبلغ مليار ونصف المليار دولار بفوائد متدنية جداً، لإصلاح قطاع الكهرباء في لبنان، لكن هذا العرض لم تأخذ به وزارة الطاقة، ولم ترسل أي وفد للتفاوض حوله، وللأسف هناك وجهة نظر واحدة تسيّر هذا القطاع»، معتبراً أن «وزارة الطاقة ليست ملكاً لأحد، ووضع الكهرباء يحتاج لقرار وطني، ونطالب رئيس الجمهورية (ميشال عون) أن يدعو القيادات إلى اجتماع في القصر الجمهوري بحضور شركات عالمية، لوضع خطة واضحة وشفافة ونهائية لمعالجة أزمة الكهرباء». وقال: «حتى إذا أتت البواخر لتوليد الكهرباء بالقوة، ليست لدينا خطة لنقل الكهرباء وتوزيعها». وختم النائب جابر: «نحن في وضع مالي صعب، ولدينا خسائر كبيرة، ونحتاج إلى حلّ دائم ينهي معاناة اللبنانيين».