IMLebanon

نفق شكا أم نفق حامات؟

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

في 28 آب الماضي، أقفل نفق شكا البحري أمام حركة السير بداعي صيانة طريق عام سلعاتا ــ الهري البحرية. إذا صدقت الدولة والمتعهد، يفترض أن تنتهي الأشغال في غضون ثلاثة أشهر، أي نهاية الشهر المقبل. «القصّ» الصخري الذي يحتضن نفق شكا في بطنه، يمتد من رأس الشقعة نزولاً إلى البحر بانحدار وعر.

عام 1942، قصّ الجيش الإنكليزي «القصّ» لتنفيذ مشروعين: الأول حفر نفق يكون طريقاً بديلاً عن رأس الشقعة الذي كان يقطعه تساقط الصخور عندما كان ممراً لعربات الخيل. والثاني إنشاء سكة للقطار تحت النفق، فوق مغارة المسقط الغنية بينابيع المياه الحلوة، كجزء من مسار القطار الذي أنشأه الإنكليز خلال الحرب العالمية الثانية على طول الساحل اللبناني لنقل جنودهم. أهالي القرى المحيطة برأس الشقعة، كحامات وراسنحاش والهري ووجه الحجر، عملوا أجراء يوميين في أعمال الحفر ونقل الصخور والحجارة. بعد عام واحد، اندحر الإنكليز، لكن بقي القطار الذي تحول إلى مورد اقتصادي يبث الحركة والإزدهار في القرى التي تعتمد على الصيد والزراعة وصناعة الملح، ولاحقاً على السياحة البحرية ومعامل البتروكيماويات والإسمنت في سلعاتا وحامات وشكا. تعثرت حركة القطار خلال الحرب الأهلية، وفي عام 1994، كانت آخر رحلة له على خط بيروت ـــ شكا. فيما بقي النفق الطريق الساحلي الوحيد بين البترون وطرابلس، قبل افتتاح الأوتوستراد في التسعينيات.

يقول صباح عون، ابن حامات وعضو هيئة تراث الكورة وجوارها، إن النفق «ليس نفق شكا، بل حامات» لأنه يقع في نطاقها العقاري، لكنه نُسب إلى شكا كونها الأكبر بين جاراتها». ويوضح أن المنطقة ارتبطت بالعجائب والقداسة منذ قرون، استنارة بمقام السيدة العذراء فوق رأس الشقعة. وينقل عن كبار السن بأن البحر يصبح خطراً قبالة الشقعة، لذلك كان البحارة يطلبون «نجدة العذراء» لحمايتهم. وتتناقل الذاكرة الشعبية رواية الراهب أورين كريسلون الذي كان في رحلة من صيدا إلى طرابلس مع أتراك وفرنسيين، وعندما أخذت الأمواج العاتية تتلاعب بالمركب، نذر الصوم كل يوم سبت مدى العمر، فهدأ البحر. قناعة البحارة وأهل المنطقة بمنارة العذراء، أطلقت على الدير الذي بني منتصف القرن السادس ميلادي فوق رأس الشقعة إسم «دير سيدة المنيرة». الى جواره، ارتفع دير آخر سمي «سيدة النورية»، نسبة إلى النور، تحول إلى قبلة للسياحة الدينية في الشمال. لكن ذلك كله، لم يحل دون تحوّل «شير» الشقعة، خلال الحرب الأهلية، موقعاً لأعمال القتل المتبادلة.