IMLebanon

التصحّر يغزو البقاع الشمالي: نهر اللبوة «اختفى»!

كتب راجح حمية في “الاخبار”:

«خلال 3 سنوات ع الكتير فيك تترحم على بساتين الفاكهة واللبوة والعين والنبي عثمان وجبولة والبجاجة» في البقاع الشمالي. يفرك المزارع السبعيني إميل الخوري كفيه بعضهما ببعض، متحسّراً على «تعب السنين» بعدما اضطر إلى التخلي عن ثلثي أراضيه لليباس، والاكتفاء بالاعتناء بـ 5 دونمات منها فقط.

يوماً بعد آخر، تتقلص المساحات الخضراء الممتدة على طول مجرى نهر الفاكهة البالغ طوله نحو 3000 متر من نبعه في اللبوة، مروراً ببلدات النبي عثمان والعين والفاكهة وجبولة والبجاجة، وصولاً إلى بساتين رأس بعلبك. مئات الدونمات استسلمت لليباس بفعل الجفاف الذي فرضته عوامل عدة تبدأ بشحّ المتساقطات ولا تنتهي بالاعتداءات على مجرى المياه، وحفر الآبار العشوائية وإنشاء أحواض لتربية الأسماك.

في سهل رأس بعلبك يمكن، بوضوح، رؤية التصحر الذي بدأ يلتهم بساتين بلدات الفاكهة وجبولة والبجاجة من الجهة الشمالية عند نهاية مجرى النهر. 1750 دونماً كانت تزرع بشتى أنواع الفواكه والحبوب، وتروى من نهر الفاكهة، فتك الجفاف بأكثر من 1400 دونم منها. يقول المزارع حسين الشيخ علي لـ«الأخبار» إن الأراضي الزراعية الممتدة على ضفتي المجرى بطول ثلاثة كيلومترات كانت تستفيد من مياهه لري البساتين بقدرة تقارب 35 إنشاً، «إلا أن شحّ المياه والاعتداءات الفاضحة على النهر من عدد من أصحاب الأراضي البعيدة عن المجرى الذين يجرّون المياه لري أراضيهم، قلّصت معدل المياه إلى 5 إنشات فقط، وأدّت إلى انقطاعها تماماً في الثلث الأخير من المجرى، ما أدى إلى يباس بساتين الراس وجزء من الفاكهة وقرى أخرى».

يشير المزارع ديبو المسلماني إلى آلاف الآبار الأرتوازية «العشوائية» التي تحفر «من دون حسيب أو رقيب منذ سنوات، وتحت أعين القوى الأمنية رغم مخالفتها للقانون» ما أدى إلى انخفاض منسوب النهر. إذ «توجد بئر في كل بستان، وهناك 55 بئراً على طريق واحد لا يتعدى طوله 500 متر، فضلاً عن الآبار المنزلية». ومعلوم أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي أعطى، عشية الانتخابات النيابية الماضية، مئات «الرخص» لحفر آبار خاصة، علماً أن هذا الأمر ليس من اختصاصه.

المهندس هشام رباح، الخبير في مجال المياه، عزا السبب الرئيس لانقطاع المياه في مجرى نهر اللبوة ــــ الفاكهة إلى الشحّ الذي قاربت نسبته 80% مقارنة بالسنوات الماضية، فضلاً عن جفاف الينابيع التي كانت ترفد النهر من بعض القرى. وأكّد لـ«الأخبار» أن «حفر آلاف الآبار في المنطقة عشوائياً انعكس سلباً على مصادر مياه النهر والينابيع».

ولكن ماذا عن الحلول؟ «لا حلول إذا كانت مجتزأة وغير متكاملة»، بحسب رباح، موضحاً أن المنطقة باتت تحتاج إلى خطة طوارئ تعتمد، كمرحلة أولى، على إنشاء بحيرة ضخمة في المنطقة الأدنى لمجرى النهر، بين سهلي بلدة الفاكهة ورأس بعلبك، لتجميع مياه النهر وأمطار الشتاء، على أن تستكمل بمرحلة ثانية لجهة ترشيد الاستهلاك ووقف اعتماد طريقة الري بالجرّ، واستبدال التنقيط بها، بتقنية البطاقة، كما في مشروع بلدة جبولة (بتمويل إيطالي) الذي يروي أراضي المزارعين بموجب بطاقة وعداد لكل مزارع بمعدل 10 ساعات كل ثلاثة أيام. وحذّر رباح من أن عدم المعالجة السريعة ستكون له تداعيات سلبية بزيادة نسبة تصحر أراضي تلك البلدات الزراعية، كذلك إن عدم ضبط حفر الآبار العشوائية سيكون له تأثير سلبي كبير على مصادر مياه نهر العاصي، ومنها نبع اللبوة.